في مدينة خورمكسر بعدن، شهدت الساحة العامة ثلاث مظاهرات شعبية متتالية خلال أسبوع واحد فقط، كان لكل منها طابع خاص، حيث شاركت النساء في اثنتين منها بينما كانت الثالثة مخصصة للرجال. جاءت هذه المظاهرات كمحاولة يائسة من المواطنين للتعبير عن معاناتهم اليومية، وللمطالبة بتحسين الخدمات الأساسية والأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يعيشها الشعب. ولكن، ما كان متوقعًا أن يكون صدى لمطالبهم المشروعة، تحول إلى صمت مطبق من قبل السلطات.

إن تجاهل السلطة لهذه المظاهرات السلمية يعد خطًأ فادحًا، إذ يعكس عدم الاكتراث بمعاناة المواطنين وعدم الاستجابة لمطالبهم الحياتية. ففي وقت يعاني فيه الشعب من أزمات خدمية واقتصادية متعددة، كان من المتوقع أن تبادر السلطات إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لحل أزمة واحدة على الأقل من تلك الارمات. لكن، بدلاً من ذلك، اختارت السلطة الصمت، والتجاهل الامر الذي من شأنه أن يؤدي إلى شعور متزايد باليأس والإحباط بين المواطنين.

هذا التجاهل لا يقتصر فقط على عدم الاستجابة للمطالب، بل إنه يساهم في فقدان الثقة في الوسائل السلمية للتعبير عن الرأي. فمع كل مظاهرة تمر دون أي تفاعل أو بيان رسمي، من قبل السلطات تتعزز القناعة لدى المواطنين بأن صوتهم لن يُسمع إلا من خلال وسائل أكثر تطرفًا. وهذا ما يدفع الجماهير إلى تبني أنشطة عنيفة وغير سلمية كوسيلة للتعبير عن غضبهم واستيائهم.

إن المظاهرات الثلاث لم تكن مجرد تجمعات عابرة، بل هي تعبير حقيقي عن الإحباط المتزايد الذي يشعر به المواطنون. وفي ظل هذا التجاهل، قد يجد الجنوبيون أنفسهم مضطرين للتمسك بأهداف أكبر، مثل استعادة دولة الجنوب، بدلًا من التركيز على تحسين أوضاعهم اليومية. فالموقف السلبي للسلطات من هذه المظاهرات السلمية يدفع الناس إلى التفكير في خيارات أكثر تطرفًا، وهو أمر قد يكون له عواقب وخيمة على الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد.

ومن الواضح أن السلطة بحاجة إلى إعادة تقييم استراتيجيتها في التعامل مع المطالب الشعبية. فالصمت والتجاهل لن يؤديان إلا إلى تفاقم الأوضاع وزيادة الفجوة بين الحكومة والشعب. في حين ان الاستجابة لمطالب المواطنين ليست خيارًا بل ضرورة، وتجاهل هذه المطالب قد يؤدي إلى عواقب غير محمودة.

إن المظاهرات الثلاث في خورمكسر تمثل نقطة تحول في العلاقة بين الشعب والسلطة. وإذا استمرت هذه الديناميكية، فإننا قد نشهد تحولات جذرية في طريقة تعبير المواطنين عن مطالبهم، مما قد يؤدي إلى تصعيد الأوضاع بشكل غير مسبوق. لذا، فإن علي السلطات المعنية الاستماع إلى صوت الشعب والعمل على تحقيق مطالبه قبل فوات الأوان.