رجال في ذاكرة التاريخ 1- فضل لقمان: أوصدت التربية الباب في وجهه ففتحت «اليونيسكو» ذراعيها 2-فيصل غانم: افتقر للسلام فالتحق بقوات حفظ السلام

> «الأيام» نجيب محمد يابلي :

> 1- فضل لقمان:الولادة والنشأة...أسرة لقمان من أعرق الأسر في الجزيرة العربية قاطبة وأكثرها عطاء في القرن العشرين، فعميد الأسرة ماستر علي إبراهيم لقمان، من رواد الحركة التعليمية وابنه محمد علي لقمان، مؤسس نادي الإصلاح العربي في كريتر عام 1930م ومن بعده «مخيم ابي الطيب» وإصدر أول صحيفة وهي «فتاة الجزيرة» عام 1940، وألف عدداً من الأعمال بالعربية والإنجليزية، وابنه محمود علي لقمان رجل القانون والشعر والصحافة وهو صاحب مجلة «أفكار» وابنه حمزة علي لقمان، المؤرخ والصحفي ورجل الأعمال، والحيز لا يتسع لأكثر من ذلك.

أنجب محمد علي لقمان المحامي عدداً من الكواكب يأتي في مقدمتهم علي محمد لقمان، أحد فرسان الصحافة والأدب ورائد المسرح الشعري في الجزيرة العربية، ومن الكواكب الأخرى التي أنجبها محمد علي لقمان الأستاذ عبدالرحيم لقمان والأستاذ إبراهيم لقمان والأستاذ حامد لقمان ود. حافظ لقمان والصحفي الألمعي الكبير فاروق لقمان والأستاذ فضل لقمان.

فضل محمد علي إبراهيم لقمان، من مواليد 23 أبريل 1932م وهو عام استقبال فضل لقمان وتوديع أمير الشعراء أحمد شوقي. فضل لقمان من مواليد «حافة حسين» أعرق أحياء كريتر (عدن)، تلقى تحصيله الأولى في حفظ القرآن الكريم في «معلامة الفقي لكسح» بجانب المخابيز الكائنة أمام سوق البلدية بكريتر، ومن زملائه في المعلامة فيصل وفاروق لقمان.

تلقى فضل لقمان دراسته الابتدائية في مدرسة الإقامة (RESIDENCY SCHOOL))( المتحف الحربي حالياً) ومن زملاء دراسته الابتدائية مجيد جرجرة وأنور خالد وبكار باشراحيل وعلي الجلاس وغاندي عزيم، وانتقل بعد ذلك إلى «ثانوية عدن» في منطقة الريزميت REGIMENT)) بكريتر وتلقى فيها الدراسة المتوسطة والثانوية، ومن زملائه مجيد جرجرة وسعيد نايف وأنور خالد ومحمد قائد علي وحسين عربي.

فضل لقمان ورحلة الألف ميل في التعليم الفني
تعتبر تجربة فضل لقمان تجربة كفاحية ونموذجية في آن واحد، وذلك عندما حدد طريق تجربته العملية في مجال التعليم الفني والتي بدأها بدورة تدريبية لمدة عام واحد في مجال التدريب والتعليم الفني بالمعهد الفني بالمعلا الذي بناه رجل الأعمال الفرنسي أنتوني بس A.BESS)) وعين في نوفمبر 1949م مساعد مدرس ASSISTANT INSTRUCTOR ورش ورسم هندسي بماهية قدرها (249) روبية شهرياً.

عمل فضل لقمان على تأهيل نفسه جنباً إلى جنب مع رسالته في التعليم وجلس مع الطلاب لامتحانات CITY&GUILDS البريطانية في الهندسة الميكانيكية ضمن أول دفعة، وتكللت جهوده بالنجاح المشرف، طالباً ومدرساً مع زملائه الأساتذة الأجلاء السيد حامد الصافي وعبدالكريم خليل (والد المهندس عصمت خليل) ومحمد خليل اليناعي وعبدالله علي جابر (والد عمر جابر) تحت عمادة المستر راون، الإداري الصارم.

فضل لقمان يشد الرحال إلى بريطانيا
وفي العام 1956م حمل فضل لقمان عصا الترحال إلى بريطانيا، والتحق بمصنع لإنتاج الغزل والنسيج في مدينة «اكرنجتن» ACCRINGTON في مقاطعة لانكشاير للتدريب العملي، وحضر في الوقت ذاته من أجل نيل «الشهادة الأهلية العليا» في الهندسة الميكانيكية (H.N.C) والـ FINAL CITY &GUILDS INSTITUTE OF PRODUCTION ENGINEERS. «معهد مهندسي الأنتاج».

فضل لقمان رئيساً لقسم الهندسة الميكانيكية
عاد فضل لقمان إلى عدن قادماً من بريطانيا عام 1960 وعين رئيساً لقسم الهندسة الميكانيكية بالمعهد الفني، وشغل ذلك المنصب حتى عام 1964م وتم ابتعاثه إلى بريطانيا مرة أخرى للتحضير لشهادة التربية للتعليم الفني في كلية «بولتن» BOLTON في لانكشاير، التي كانت تحضر الطلبة بالتنسيق مع كلية فيكتوريا، التابعة لجامعة مانشستر.

فضل لقمان يعود ومعه الشهادة و«لنا»:
وفي العام 1965م عاد فضل لقمان إلى عدن قادماً من بريطانيا ترافقه زوجته، حاملاً معه قرّة عينه «لنا» وهي في الشهر الثالث من عمرها، كما عاد حاملاً معه شهادة التعليم الفني من كلية بولتن.

عاش فضل لقمان سلسلة الأخبار السعيدة، إذ صدر بعد عام واحد قرار بتعيينه «نائب عميد» المعهد الفني، الذي شهد مساراً جديداً مكن طلاب المعهد من التحضير للشهادة الأهلية البريطانية في الهندسة الميكانيكية والكهربائية والمعمارية وهندسة السيارات، وجنى ثمرة ذلك المسار العديد ما الطلاب ومنهم من تبوأ مناصب عليا.

اشتدّي أزمة تنفرجي
صدر قرار قسري في العام 1973م بتسريح فضل لقمان من الخدمة للصالح العام، وانقطع بذلك رزقه وقام بالتدريس لبعض الوقت في معهد أمين ناشر للعلوم الصحية وفي المعهد الفني. حمل العام 1974م بشارة عندما حصل فضل لقمان على وظيفة في منظمة اليونيسكو في مجال التعليم الفني وتدريب المعلمين الفنيين في جمهورية الصومال لمدة ستة أشهر،إلا أنها مُددت مرتين.

شغل فضل لقمان بعد ذلك منصب كبير الخبراء لمشروع موله برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP)) في مقديشو ومارس مهام ذلك لمدة (18) شهراً.

فضل لقمان سندباد طائر إلى سائر الاقطار والأمصار
عرضت منظمة اليونيسكو على فضل لقمان العمل مع المنظمة في مقرها بباريس، فاستأنس لذلك العرض الذي وفر لأولاده فرص التعليم الراقي. عُيّن فضل لقمان «خبير برامج للتعليم الفني والتدريب المهني» وتطلبت تلك الوظيفة السفر إلى العديد من البلدان النامية لمراجعة وتقييم وتطوير المشاريع التي تمولها الدول والمنظمات المانحة.

زار فضل لقمان عدداً من البلدان في مهام رسمية منها البحرين (تمويل ذاتي) وتنزانيا والسودان ومصر ولبنان ونيجيريا والسعودية ودول البحر الكاريبي والمحيط الباسيفيكي وإيران والعراق ودول أخرى.

مارس فضل لقمان مهام منصبه لمدة ست سنوات ونيف. رقي بعد ذلك إلى وظيفة رئيس قسم التعليم الفني والتدريب المهني في المنظمة حتى عام 1992م.

ذكريات يعتز بها فضل لقمان
برزت ابتسامة عريضة على شفتي فضل لقمان وهو يحدثني عن ذكرياته فقال: «كان لي شرف فتح الباب أمام الفتيات ليأخذن نصيبهن من التعليم الفني والتدريب المهني والتي اعتبرت سابقة في تاريخ اليمن عندما استوعبنا في العام الدراسي 1969 /1970م (15) فتاة من خريجات المرحلة الإعدادية لإلحاقهن بقسم الهندسة المعمارية ومنهن من واصلن وطورن أنفسهن».

يواصل الأستاذ فضل حديث ذكرياته ويقول: «كان عندنا القسم التجاري في المعهد الفني، وكان رئيسه الأستاذ عبدالله علي جابر، يرحمه الله، ويساعده الأستاذ محمد عبدالله العصار، وكان صديقي، وكان العصار رجلاً فاضلاً. كما صممنا برنامجاً مكثفاً دعت له الضرورة بعد خروج الإنجليز وبرزت العديد من الشواغر في السكرتارية (طباعة + اختزال) وعقدنا دورات تراوحت بين (3) إلى (4) أشهر واستوعب البرنامج خلال تلك الفترة (60) فتاة ووزعناهن إلى فرقتين ، كل فرقة تتدرب لمدة (3) أيام في الأسبوع، وذلك إلى جانب برنامج آخر لتأهيل عاملين فنيين من عدة مؤسسات ولفترات متعددة.

فضل لقمان ينقل خبرته للوطن
قال لي الأستاذ فضل لقمان: «عدت إلى الوطن بعد عام 1992م واستأجرت بيتاًً بعد أن أمموا بيتي الذي لا أملك سواه، وعملت في صنعاء في مجال الاستشارات مع البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP)) واليونيسكو ومنظمة العمل الدولية ILO)) ومفوضية الاتحاد الأوربي، وعملت لمدة أربع سنوات مستشاراً في مشروع تطوير التعليم الثانوي وكليات المجتمع الذي يموله البنك الدولي وتم الاستغناء عن خدماتي».

فضل لقمان بين علي عوض مغلس ويوسف زعين
إذا كان الأستاذ فضل لقمان من بيت أدب وشعر، إلا أنه عزز تلك الشاعرية عندما اقترن من ابنة خاله الشاعر اللحجي المعروف ورزق منها بابنين هما:

1) محمد الأمين، مدير في «يوروديزني» في باريس. متزوج ولديه ولدان. 2) اياد ، يعيش في السويد ويعمل في مجال المعلوماتية، متزوج من ابنة يوسف زعين، رئيس وزراء سابق في سوريا ولديه طفلة واحدة. ولدى الأستاذ فضل ابنة واحدة وهي «لنا» وتعمل مع برنامجGTZ الألماني بصنعاء. متزوجة ولديها ابنان وابنة.

ينعم الأستاذ فضل برؤية أحفاده الستة، سواء أكانوا في الوطن أو خارجه.

2- فيصل غانم:
الميلاد والنشأة....«بيت غانم كليب» من البيوتات العدنية الكبيرة التي قطنت مدينة التواهي الجميلة. أنجب غانم كليب أربعة أبناء هم: أحمد غانم كليب، علي غانم كليب، عبدالله غانم كليب، محمد غانم كليب.
أنجب علي أحمد غانم كليب ولده «فيصل» في مدينة التواهي (شارع غانم) في 2 مايو 1937م. انتقل رب الأسرة إلى مدينة الشيخ عثمان واستوطن حافة لودر وفي أحد الكتاتيب القريبة من منزل الأسرة حصل فيصل غانم على دروسه الأولى في حفظ القرآن وتعلم مبادئ القراءة والكتابة.

وخلال الفترة 1947-1951م تلقى فيصل غانم دراسته الابتدائية في المدرسة الشرقية للبنين في الشيخ عثمان( مدرسة ردفان حالياً) وكان من زملاء دراسته صالح وناصر عرجي وأحمد وأبوبكر حيدرة وعلي مسرج.

فيصل غانم وتنويع دراسته المتوسطة والثانوية
تلقى فيصل غانم دراسته المتوسطة والثانوية في مدينة كريتر حيث التحق بمدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية والمعهد التجاري العدني ومدرسة القديس يوسف العالية (البادري)، حيث أنهى دراسته الثانوية عام 1958م.

تميز فيصل غانم خلال فترة الدراسة وعلى وجه الخصوص الثانوية بقدرات خاصة منها رياضية والتواصل مع الآخرين مما أهله لمرتبة «كابتن المدرسة» SCHOOL CAPTAIN في مدرسة القديس يوسف العالية (البادري) وعضو «نادي المائدة المستديرة» ROUND TABLE CLUB الذي أغلقته السلطات البريطانية فعقد حوالي (33) طالباً اجتماعاً هدف إلى رفع التماس للوالي البريطاني برفع قرار الإغلاق بحجة أن النادي لم يكن يمارس عملاً سياسياً، وكان من الطلاب المجتمعين فيصل غانم وقيس محمد عبده غانم ومحمد وأحمد عبدالقادر جرجرة وعبدالله وخالد عقبة وأبوبكر قربي.

فوض المجتمعون فيصل فقيرة برفع مذكرة الالتماس إلى الوالي البريطاني، وجاءه الرد من الوالي مفيداً بأن مثل هذا النشاط يمارس من خلال إدارة المعارف(إدارة التربية والتعليم حالياً) وهو من صلب مهامها.

من زملاء الدراسة الذين يذكرهم فيصل غانم هم: محمد شفيق، فيصل بلفاس، محمد عبدالواحد، حسين همداني (شقيق د. أحمد همداني، رئيس مجلس إدارة البنك الوطني للتنمية والاستثمار)، محسن منصر، عبدالله أحمد الجفري، عبدالمولى وغالب عجينة وآخرون.

فيصل غانم في (هجرة) عدن
في الأول من أغسطس 1958م التحق فيصل علي أحمد غانم بإدارة الهجرة في عدن وعمل في ظل إدارتي محمد علي مسعد ومحمد نايف صالح، ومن زملائه في العمل عبدالرحمن عقبة وعبدالله الخضر ووديع حميدان وطه محمد مكي ومحمد صديق وحسن علي بديجي وعلي أحمد أغبري وطاهر فقيرة وعمر علي شفيق ومحمد عبدالقوي خليل وغيرهم.

تدرج فيصل غانم في السلم الوظيفي لإدارة الهجرة وأصبح نائب مدير الهجرة والجوازات حتى عام 1968م .

فيصل غانم وتصميم جوازات الدولة الجديدة
بدأت السلطات الاتحادية في بداية عام 1966م تفكر باستصدار جوازات الدولة الاتحادية (العادي والخاص والرسمي والدبلوماسي) ،فشرعت إدارة الهجرة بعدن باتخاذ الإجراءات الأولية مع مؤسسة خاصة بتصميم الجوازات الجديدة، وعندما بات مؤكداً أن بريطانيا ستغادر البلاد وتفادياً لوصول الجوازات بمسمى وشعار إتحاد الجنوب العربي تم إيقاف العملية.

التقى فيصل غانم بعض المسؤولين منهم سيف الضالعي وعبدالله الخامري ومحمود عشيش في مكتب وزير الخارجية، وبالتواصل من خلالهم مع الأطر العليا تم حسم أبرز مكونات الجواز منها تسمية الدولة وشعارها، وتم التواصل مع المؤسسة التي تم التعاقد معها على استكمال العمل الذي أُنجز جزء كبير منه، لأن حركة السفر في الداخل والخارج تعرضت لإرباكات تم احتواؤها في فترة قياسية.

فيصل غانم يهجر (الهجرة)
طرأ تنوع في الجانب المهني عند فيصل غانم، حيث انتقل من عالم الهجرة والجوازات والجنسية إلى عالم آخر وهو عالم الحكم المحلي عندما أصبح سكرتير محافظ عدن عام 1969م، وظل في ذلك المنصب حتى عام 1971م وكانت الأوضاع العامة محك اختبار عند فيصل غانم، وكانت النتائج غير مرضية مست جانب السلام والأمن الاجتماعي، وتدخلت السماء لتعلن الفرج بعد الضيق عندما حظي بمنحة للدراسة الجامعية في فرنسا.

حصل فيصل غانم على دبلوم في شؤون الإدارة المحلية وفسح له المجال للتحضير لنيل درجة الدكتوراه، وكان عنوان الأطروحة «التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين شطري اليمن»إلا أن المنحة قطعت عنه عام 1974م.

فيصل غانم في قوات حفظ السلام
شد فيصل غانم الرحال من أرض الراين (فرنسا) إلى الأراضي السعودية وكندا بحثاً وراء الفرص الافضل مع القطاع الخاص السعودي والكندي، وقضى في رحابهما حوالي (13) عاماً وتحديداً خلال الفترة 1974م-1987م، وظلت عقدة البحث عن السلام تطارد فيصل غانم، وهيأ له الله السبل عندما التحق بقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الصومال ولبنان وكرواتيا ثم الكونغو، حيث عمل رئيساً لقسم المشتروات والدعم اللوجيستي ضمن تلك القوات.

أدى فيصل غانم واجباته بكل اقتدار ضمن قوات حفظ السلام خلال الفترة الممتدة من عام 1988م حتى 2002م وتفرغ بعد ذلك لأعماله الخاصة.


من شابه أباه فما ظلم
قُدّر للوالد علي أحمد غانم أن ينجب ولداً واحداً وهو فيصل غانم وابنة واحدة وهي فوزية غانم، إحدى كواكب تلفزيون عدن خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي، كما قدر لفيصل غانم أن ينجب ولداً واحداً وهو «سفيان» البالغ من العمر(27) عاماً وابنة واحدة وهي «ثانية»، البالغة من العمر (24) عاماً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى