كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> سجلت بلادنا موقفاً مشرفاً في تعاطفها مع بريطانيا ومصر.. ضد التفجيرات والهجمات الوحشية الأخيرة التي حدثت في لندن وشرم الشيخ .. ولا بد أن بريطانيا قد استقبلت بالإعجاب والتقدير استعداد بلادنا لمساعدة أجهزة الاستخبارات البريطانية (اسكوتلانديارد) للكشف والقبض على منفذي تفجيرات قطارات مترو الأنفاق والحافلات العامة في لندن .. التي أدت إلى 54 قتيلاً و700 جريح من المواطنين البريطانيين العزل الأبرياء .. وهكذا كانت بلادنا سباقة في الوقوف إلى جانب بريطانيا في هذه المأساة التي أدانها العالم بأسره.

ولا يستطيع أي أحد أن ينكر موقف الشعب البريطاني عندما خرج في مسيرات ضخمة ضد الحكومة البريطانية على قرارها في المشاركة في الحرب مع أمريكا على العراق عام 2003م .. فإذا كانت الحكومة تسلك طريقاً خاطئا ضد إرادة شعبها .. فلماذا يعاقب هذا الشعب بالتفجير والقتل وإراقة الدماء؟.. هل كل الحكومات تجيء باختيار الشعوب؟ .. وهل على هذه الشعوب أن تتحمل مسئوليتها في انتخاب حكومات غير مسئولة ترتكب جرائم رهيبة ضد الشعوب الأخرى؟ .. وللرد على هذا السؤال يجب أن نفهم أولاً أن أكثر الحكام في العالم الثالث لم يأتوا إلى السلطة باختيار شعوبهم .. إنما جاءوا إليها بالوراثة أو فوق دبابة ومدفع.

وفي العالم الحر يجيء الحكام باختيار الشعب والانتخابات الحرة .. وهذه الشعوب التي اختارت حكامها بإرادتها .. قد فعلت ذلك من أجل أن يحققوا برامج أحزابهم الانتخابية .. في التنمية والديمقراطية وحرية الصحافة والتعبير والتفكير وحقوق الإنسان وإيجاد فرص العمل للجميع والعدل والمساواة وغير ذلك .. وعلى العكس لم ينتخبوهم لكي يحاربوا أو يعلنوا القتال ضد الشعوب الأخرى .. فإذا تصرف الحاكم - في العالم الحر- وخرج عن برنامجه الانتخابي .. وأعلن الحرب على دولة أخرى .. فالذنب ليس ذنب الشعب الذي اختاره حاكماً .. وإنما ذنب الحاكم وسياسته ورؤيته .. وهي رؤية خاصة بالحاكم وحكومته وبرلمان بلاده.. هم وحدهم الذين يتحملون المسئولية كاملة عن جرائم الحرب والخراب.

وعندما نستنكر أحداث لندن الأخيرة .. يجب أن نذكر مواقف بريطانيا والشعب البريطاني حيال الدول العربية والإسلامية: إن بريطانيا ظلت ملاذا آمناً للعديد من طالبي اللجوء السياسي والإنساني .. وقادة المعارضة في الأنظمة العربية والإسلامية. إن بريطانيا لازالت مقراً ومقاماً للعديد من مراكز الحركات العربية والإسلامية .. والمنظمات وقادتها ورموز إسلامية معارضة. إن بريطانيا رفضت العديد من المطالبات من قبل عدد من الدول من بينها (الولايات المتحدة) لتسليم مطلوبين .. وعدد من المواطنين العرب والمسلمين لدولهم. إن بريطانيا لم تتخذ أية إجراءات تعسفية ضد العرب والمسلمين في بلادها بعد أحداث 11 سبتمبر. إن بريطانيا أول من أشار إلى ضرورة فهم ظاهرة الإرهاب وأسبابها ومعالجة هذه الظاهرة بالحوار والفهم العميق. إن بريطانيا أوضحت على لسان السفيرة السابقة في اليمن (فرانسيس جاي) .. أن أي أحد يهتف أو يرفع شعارات ضد أمريكا أو إسرائيل .. لا يعني أنه إرهابي. إن بريطانيا رفضت تغيير قوانينها الخاصة بالهجرة. إن بريطانيا لم تمنع (أبا حمزة المصري) من الصلاة في الشارع عندما تم إقفال المسجد الذي كان يقوم بالخطابة فيه .. بل وسهلت له الصلاة في الشارع.

الملاحظ أن الحكام (العرب والمسلمين) لا يسمحون لإخوانهم من (العرب والمسلمين) بهذه المساحة من الديمقراطية والحرية في بلدانهم مثل بريطانيا!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى