عدوى الفيدرالية ستنتقل من العراق الى الدول المجاورة

> بغداد/عمان «الأيام» مايكل جورجي/أسعد عبود:

>
محمد الربيعي أثناء المقابلة
محمد الربيعي أثناء المقابلة
حذر مستشار الأمن الوطني العراقي موفق الربيعي، أمس الأول الجمعة، من احتمال أن يسقط العراق تدريجيا في هاوية حرب اهلية ما لم يكفل دستوره اقامة نظام اتحادي,وقال الربيعي لرويترز في مقابلة "اذا لم يقم نظام اتحادي (فدرالية) فمعنى ذلك عدم التصدي لأي من المصالح الطائفية او تحقيقها ومن ثم فستحاول الطوائف المختلفة أن تنال حقوقها وتدافع عنها وتقاتل من اجلها."

واضاف "انا اشعر بالقلق بهذا الخصوص. نعم اشعر بالقلق بكل تأكيد. فيما يخص الحرب الاهلية لا يمكن للمرء أن يقول هذا اليوم ليس فيه حرب اهلية واليوم التالي فيه حرب اهلية. الحرب الاهلية تزحف على البلاد بالتدريج."

ويحاول الساسة العراقيون الانتهاء من صياغة دستور لعرضه على البرلمان قبل انقضاء المهلة المحددة لذلك يوم غد 22 اغسطس بعد تمديد الموعد النهائي الاصلي اسبوعا.

ويمثل النظام الاتحادي عقبة اساسية بين العقبات التي تعترض انجاز المهمة. ويريد الاكراد توسيع نطاق الحكم الذاتي الذي يتمتعون به في منطقتهم التي تمثل من حيث الواقع دولة في شمال البلاد، ويطالب بعض الشيعة بمنطقة للشيعة في الجنوب، ويرى العرب السنة أنه لن يحفظ وحدة العراق إلا حكومة مركزية قوية.

وقال الربيعي "النظام الاتحادي مفيد للغاية للسنة كذلك. لدينا ثلاث محافظات في المثلث (المنطقة السنية بوسط البلاد) فتصور تجمع هذه المحافظات في منطقة واحدة وتمتع تلك المنطقة بكل الحقوق التي تتمتع بها كردستان على سبيل المثال.

النظام الاتحادي هو ما نسعى اليه وهو الضمان الوحيد لوحدة العراق."

ويكابد العراق عنفا لا يكل أثار المخاوف من احتمال تفجر صراع طائفي اوسع نطاقا، ويأمل الزعماء العراقيون ان ينهض اقرار الدستور بالعملية السياسية وينزع فتيل التمرد بين ابناء طائفة العرب السنة.

ويقول مسؤولون عراقيون إن بعض العرب السنة يستلهمون اساليب القاعدة وينفذون تفجيرات انتحارية ضد الشيعة سعيا لتفجير حرب اهلية.

وقال الربيعي إن قوات الامن العراقية تحسنت كثيرا. وتوقع أن يتيح اداؤها انسحاب 30 الفا من افراد القوات التي تقودها الولايات المتحدة من البلاد بحلول منتصف العام القادم.

وأضاف "على مدى الاشهر القادمة سيكون العراقيون باضطراد في المقدمة وستكون القوات المتعددة الجنسيات وراءهم. إنهم يثبتون انفسهم."

غير انه تابع: ان جمع المعلومات هو السبيل الوحيد لهزيمة التمرد. وقال إن هيئات المخابرات العراقية الأربع تتبادل الآن مزيدا من المعلومات بخصوص المقاتلين.

وقال إن إحدى هيئات المخابرات علمت بخطط لتنفيذ تفجير انتحاري في مدينة المسيب بجنوب البلاد الشهر الماضي، لكنها لم تبلغ وزارة الداخلية بهذه المعلومة، وقتل 98 شخصا في الانفجار.

ومضى قائلا: إن زهاء 150 من الاسلاميين المتشددين من السعودية واليمن ومصر والجزائر يعبرون الحدود السورية الى العراق كل شهر لتنفيذ هجمات.

وقال الربيعي إن السلطات العراقية لديها خطة تفصيلية لخفض مستوى العنف بنسبة 50 في المئة بحلول نهاية هذا العام. لكنه لم يخُض في تفاصيل.

وأعرب عن أمله في ان تؤدي العملية السياسية وتحسين اداء قوات الأمن الى تحقيق الاستقرار في العراق، لكنه أبرز دور المرجع الشيعي آية الله العظمى علي السيستاني في تفادي الحرب الاهلية قائلا "ينبغي ان نحفظ حياة آية الله العظمى السيستاني. يجب ان نحميه وأن نوفر له مزيدا من الحماية. إنه الضمانة الوحيدة لعدم اندلاع حرب أهلية."

وساعدت دعوات آية الله السيستاني الى توخي الاعتدال في احتواء غضب العراقيين طوال ما يشهده العراق منذ ما يزيد على عامين من تفجيرات وحوادث اغتيال وخطف.

وأعرب سياسيون وأكاديميون عرب عن مخاوفهم إزاء "تفشي عدوى الفدرالية" في حال أقرها العراقيون في مسودة الدستور يوم غد الإثنين وانتقالها الى الدول المجاورة في ظل التركيز على هذا المبدأ من جانب الأكراد اولا ومن ثم الشيعة الآن.

ويقف العرب السنة في العراق ضد مبدأ الفدرالية التي يرون انها ستعمل على تقسيم العراق الى دويلات، كما أن لهم تحفظات على العديد من البنود الواردة في مسودة الدستور.

وقال الباحث في مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية في القاهرة نبيل عبد الفتاح لوكالة فرانس برس إن "القتال الذي يخوضه السنة في العراق حاليا سيحدد مصير منطقة هلال الازمات، وهي اقليمية ومحلية، في غرب آسيا الذي يمتد من المشرق العربي حتى إيران".

وأضاف ان "الطابع الفسيفسائي داخل هذه الدول بدأ يعطي دفعة جديدة للفدرالية بعد انهيار الحكم في العراق، ومن هنا تمسك الاكراد ومن ثم الشيعة بها رغم أن هذه الفكرة كانت موجودة في الدراسات الاكاديمية فقط، كما أنها كانت مستبعدة باستثناء السودان".

وتابع يقول "لكن هناك صعوبات جمة تواجه الفدرالية وخصوصا بالنسبة للاكراد نظرا للظروف الاقليمية ومعارضة الدول المحيطة بهم كونها تهدد وجودها وقد تؤدي الى انهيارها وخصوصا سوريا، حيث تمسك الاقلية العلوية بزمام الحكم، كما تخشى تركيا وإيران انتقال العدوى الى أراضيها".

واعتبر أن "مفهوم الفدرالية قد يجد ترحيبا عند جماعات تحكمها اقليات مثل العراق سابقا وسوريا حاليا، فالسنة في العراق، وهم الذين بنوه، يستمدون شرعيتهم الآن من قتال الاميركيين والبريطانيين وليس من الحكم كما كان الأمر سابقا".

وكمصطلح جديد يفرض نفسه في القاموس السياسي في المنطقة، قال عبد الفتاح "لم تكن الفكرة جزءا من الخطابات السياسية العربية مع هيمنة القومية العربية على اساس ان المشروع المستقبلي هو الدولة العربية الواحدة".

وبدوره، قال الباحث حسن براري لفرانس برس ان "نجاح الفيدرالية يشترط قيام مجتمع ليبرالي وديمقراطي، لكنني استبعد أن يكون العراق أو غيره في المنطقة على مستوى متطور سياسيا أو اقتصاديا او ليبراليا لكي تنجح هذه الفكرة".

وأضاف براري الذي يعمل في مركز الدراسات الاستراتيجية في عمان أن "الفيدرالية في المجتمعات المتخلفة تشكل خطوة باتجاه الانفصال".

وأكد أن "الجماعات الاثنية، مثل الاكراد أو غيرهم، تتغطى بالديموقراطية والليبرالية وغيرها من الشعارات (...) لكن الفدرالية تبقى وصفة لتفكيك الدولة العراقية التي عرفناها منذ قيامها العام 1921".

وأشار براري الى أن "الاكراد يعملون للانفصال بسبب عدم ثقتهم وتجاربهم مع الدولة العراقية. ويتمتعون حاليا بوضع مثالي يشكل فرصة تارخية للانفصال نظرا لعلاقاتهم الجيدة مع اسرائيل والغرب وخصوصا الولايات المتحدة".

وتابع ان "عدوى الفدرالية ستنتقل حتما، في حال إقرارها في العراق، الى مجتمعات مركبة مثل لبنان حيث ستطالب كل طائفة من طوائفه بتطبيقها بذريعة الخوف على مصالحها".

وأضاف ردا على سؤال ان "سوريا وإيران وتركيا لن تستطيع عرقلة قيام دولة كردية في العراق تحصل على اعتراف مجلس الأمن والاسرة الدولية".

واعتبر أن "المتضرر الاكبر هو تركيا لأنها ستعتبر قيام دولة كردية مشكلة كيانية بامتياز مع وجود حوالى 16 مليون كردي على أراضيها، كما أن عدوى الفيدرالية قد تبلغ إيران البلد المتعدد القوميات من فارسية وعربية واذرية وغيرها".

وقال العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني متوجها إلى كبار المسؤولين قبل يومين "اقدر مخاوف بعضكم من وجود مخططات لإعادة رسم المنطقة وتسوية بعض القضايا التاريخية على حساب الاردن مثل (التوطين والوطن البديل)" داعيا الى "التصدي لها إذا كانت موجودة".

كما أكد رئيس مجلس النواب الاردني عبد الهادي المجالي أن "الاقليم ومنطقتنا يقفان اليوم تحديدا على مفترق طرق خطر خصوصا بعد الانقسام غير المعلن في الرأي والفهم والتصور للواقع السياسي الذي تعيشه المنطقة".

وأضاف خلال محاضرة القاها في جامعة اليرموك في اربد (90 كم شمالا) قبل اربعة أيام "هناك تطورات ملحوظة (...) كموضوع الانسحاب من قطاع غزة وبرنامج التسلح النووي الايراني وما يمكن أن ينجم عن ذلك من تطورات قد تبلغ حد الصدام العسكري فضلا عما يشهده العراق من تطورات سياسية متعلقة بالنزعة العرقية والطائفية".

وقد أعرب عدد من المسؤولين العراقيين أمس الأول الجمعة عن تفاؤلهم بقرب التوصل الى اتفاق نهائي حول مسودة الدستور قبل ثلاثة أيام من انتهاء المهلة المحددة المقررة فيما حدد العرب السنة شروطهم للقبول بتطبيق مبدأ الفدرالية.

وقال صالح المطلك الناطق الرسمي باسم مجلس الحوار الوطني (سني) "نحن ضد مبدأ الفدرالية لأننا نريد دولة يتم التحكم بها من الوسط".

وكان المطلك أعلن الخميس الماضي باسم مجلس الحوار الوطني أن للعرب السنة ثلاثة شروط للقبول بتطبيق مبدأ الفدرالية وهي الحصول على ثلثي أصوات أعضاء مجلس المحافظة وثلثي المصوتين في المحافظة المؤيدة للفدرالية وموافقة ثلثي أعضاء الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان).

رويترز/أ.ف.ب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى