في ذكر الموت والتفكر فيه

> «الأيام» منى عبدالرحيم عثمان - الشيخ عثمان /عدن

> الحمد لله المتفرد باختراع المخلوقات المنزة عن التجسم والتقسيم والسمات المتعالي عن الأشكال والأمثال والأماكن والجهات، المقدس عن الاعيان والالوان والكيفيات، الموصوف بقدم الأسماء والصفات، القريب ممن دعاه لا بقرب المسافات، المجيب لمن ناجاه بإخلاص الدعوات، الذي يغفر الذنوب ويستر العيوب ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يصف ثواب المجاهدين وما أعد الله لهم من الأجر والفضل في الجنة، فقلت: ً«يارسول الله أيكون لغير المجاهدين من أمتك مثل أجرهم، فقال: نعم من يذكر الموت كل يوم عشرين مرة».

وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من بيت إلا وملك الموت يقف على بابه كل يوم خمس مرات فإذا وجد الانسان قد نفد أكله انقطع أجله ألقى عليه غم الموت فغشيته كرباته وغمرته وسكراته فمن أهل بيته الناشرة شعرها والضاربة وجهها والباكية لشجوها والصارخة لويلها فيقول ملك الموت ويلكم مم الفزع وفيم الجزع فما أذهبت لواحد منكم رزقاً ولا قربت له اجلاً ولا أتيته حتى أمرت ولا قبضته روحه حتى أستأمرت وإن لي فيكم عودة حتى لا أبقي منكم أحدا».

(وقيل) إن الموت له ألم لا يعلمه إلا الذي يعالجه ويذوقه، وهو أشد من الضرب بالسيوف وأعظم ألماً من النشر بالمناشير والقرض بالمقاريض، لان قطع البدن بالسيف إنما يؤلم مع بقاء قوة في البدن، فلذلك يستغيث المضروب ويصيح بخلاف الموت فإن الميت ينقطع صوته وتضعف قوته عن الصياح لشدة الألم والكرب على القلب، فإن الموت قد هدّ كل جزء من أجزاء البدن وأضعف كل جارحة فلم يترك قوة للاستغاثة، أما العقل فقد غشيته وسوسة وأما اللسان فقد ابكمه وأما الاطراف فقد أضعفها، ويود لو قدر على الاستراحة بالانين والصياح ولكنه ما يقدر على ذلك، فإن بقيت له قوة سُمع له عند نزع الروح وجذبها خوار وغرغرة من حلقه وصدره وقد تغير لونه وازبد حتى ترفع الحدقتان إلى أعلى جفونه وترفع الانثيان إلى أعلى موضعها وتصفر أنامله ويموت كل عضو منه على حدته، فأول ما يموت قدماه ثم ساقاه ثم فخذاه ولكل عضو سكرة بعد سكرة وكربة بعد كربة حتى تبلغ روحه إلى الحلقوم فعند ذلك ينقطع نغاره عن الدينا وأهلها وتحيط به الحسرة والندامة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى