بعيداً عن السجال الدائر: شراكة وطنية

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
من خارج السجال السياسي الدائر بين الحكم والمعارضة تبرز حاجة وطنية لتعديل المزاج السياسي بين الأطراف المعنية، فليس من الحكمة بمكان تجاوز حدود اللباقة في الطرح إلى ما يشبه الإلغاء واحتكار الحقيقة ولا أريد أن أضيف التخوين والاستعداء، فهذا من شأنه تعكير الأجواء وجعل الممكنات في العمل السياسي أقرب إلى المحظورات التي تدفع - دون تفكير بالعواقب - إلى سجال كالقتال يسمم الأجواء أكثر مما هي عليه، ويجعل من الانتخابات القادمة، بدلاً من لحظة للخروج من أزمات الوطن، لحظة الصفر التي تفجر الوطن.

إن ملمح هذه الأزمة بين طرح سياسي وطرح، يجب أن يكون خارج مزاج الاستقواء بالدولة ومؤسساتها وأجهزتها مهما كانت الدواعي، فالأمر لا يعدو تعبيراً عن رأي ونقيضه يجب أن يحسم داخل ما هو دستوري وقانوني، وهو بهذه الصيغة سوف يخدم عند الإنصات والتفهم وتغليب العام على الخاص، سيرورة الديمقراطية باعتبارها المنقذ الأخير من حالة إخفاق عام سببه الرئيس الفساد المؤسس وعدم تحقيق نتائج لصالح الوطن عن طريق إصلاحات حقيقية يجري الترويج لها ولا تأخذ حيزها من التنفيذ والانتقال من حالة الأقوال إلى الأفعال.

إن المواطنين في مشارق هذه البلاد ومغاربها، في شمالها والجنوب يدركون جيداً أن بلادهم في مفترق طرق، ولا نريد الخوض في الشأن الاقتصادي والاجتماعي لندرك حجم ما صنعه المفسدون المحميون من إضرار بمستقبل الأجيال، وتبقى بارقة أمل في حصول الوطن على فرصة حقيقية لتلافي مأساة بحجم خراب مالطا، من خلال شراكة ديمقراطية بين أبناء هذا الوطن تضع مقومات البناء اللاحق بعيداً عن العبث السائد، وبوسائل ديمقراطية تتأصل في مفاصل المؤسسات والأجهزة والإدارات والوزارات، وفي سلوكيات الجميع حكاماً ومحكومين، ومن خلال التدوير السلمي للسلطة والتوزيع العادل للثروة والمواطنة المتساوية.

إن الخروج من نفق أزمة لا يكون إلا بحوار رصين، لا يبدأ إلا بإصلاح مسبق للنوايا، تتسع فيه الصدور لكل طرح من شأنه إصلاح خلل قائم ووضع قاتم، والأمر لا يعدو حكراً على من يمثلون أحزابهم في الحكم أو في المعارضة وما بينهما من أحزاب تابعة، بقدر ما يمثل كل أبناء الوطن الذين يطمحون إلى حياة أفضل في غدهم ومستقبلهم، وهذه الحياة - المطمح لن تتحقق بدون إقدام جريء على إصلاحات عاجلة في البنى والأجهزة التي ستشرف على سير الانتخابات المنتظرة، وفي مقدم ذلك اللجنة العليا للانتخابات نحو مزيد من الشفافية والتمثيل المتساوي ووضع آليات تمنع التزوير - الذي يطل برأسه قبل أن تبدأ الانتخابات للأسف - وخصخصة الإعلام الرسمي - إذا جاز التعبير - حصصاً متساوية بين الفرقاء السياسيين بدلاً من الصورة المنسوخة من عهود الشمولية التي يمثلها ويتمثلها حالياً، أو حتى إلغائه بالكامل من حياتنا، ليجتهد الجميع ضمن وسائطهم الإعلامية المتاحة ليتنافسوا التنافس الشريف بموجب ما يوفره الدستور والقانون من غطاء للجميع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى