مبدعونا الذين لا نحترمهم!

> «الأيام» مختار مقطري:

> أسوأ ما يجرح مشاعر أي مبدع -والمبدعون الكبار تحديداً- ويثخن صدورهم بالحزن الأسود والإحساس بالمهانة، وربما قتل في نفوسهم رغبة تقديم المزيد من العطاء الإبداعي، أن يكتشفوا أن عطاءهم الثقافي والفني الكبير الذي لا يبلى ولن ينسى والذي قدموه بسخاء المبدع الحقيقي والأصيل خلال مشوار طويل لم يكن دائماً مفروشاً بالورود، ولكن بالمسامير والأشواك، ألا يستحقون لأجله الاحتفاء بهم احتفاء يليق بمكانتهم الإبداعية الكبيرة وتكريمهم التكريم الذي مهما علا شأنه وسما قدره لا يفي لهم حقاً من حقوقهم. ففي فعالية تكريم عدد من المبدعين من عدن ولحج وأبين التي نظمها مكتب الثقافة بعدن في منتدى (الصهاريج) الثقافي بمدينة كريتر يوم الأحد الماضي 28/5 أحزنني ذلك الحضور الغائب لجهات رسمية وغير رسمية باستثناء عدد لا أراه كان كافياً من مبدعين تقدمهم الأخ أحمد محمد الكحلاني، محافظ عدن والأخ عبدالله باكدادة، مدير عام مكتب الثقافة بعدن.

فأي عذر نلتمسه لجهات رسمية بعدن ولحج وأبين ونبرر به غيابها عن فعالية يكرم فيها عدد من أكبر وأبرز مبدعيها؟ خصوصاً وأني أعرف أن مكتب الثقافة بعدن قد وجه دعوات في رسائل رسمية لكل من الإخوة محافظ لحج ومحافظ أبين ومكاتب الثقافة والإعلام والتربية والتعليم بلحج وأبين ورئيس القطاع في القناة الثانية لتلفزيون عدن ومدير عام إذاعة عدن، وللأسف الشديد لم تحضر أي جهة من هذه الجهات الرسمية ولم تحضر عربتا النقل الخارجي لتلفزيون وإذاعة عدن لنقل وقائع حفل التكريم ومن ثم توثيقه، ولا أجد مبرراً لهذا الغياب الجماعي سوى عدم احترام هذه الجهات للمبدعين وعدم تقديرها لدورهم الكبير في تطوير الوعي الاجتماعي والإسهام في تنمية المجتمع روحياً ومعرفياً وثقافياً.

الأخوان محافظ لحج ومحافظ أبين أما كان من الأولى أن يرسلا من ينوب عنهما للمشاركة في تكريم الفنان القدير علي سعيد العودي من لحج والشاعرين الكبيرين عمر عبدالله نسير وكور سعيد من أبين.

الإخوة المسؤولون في القناة الثانية وإذاعة عدن، هل أنسى انشغالهم الدائم ووقتهم الضيق والثمين إرسال من يمثلهم في تكريم زميل لهم هو المخرج القدير الأستاذ محسن يسلم، مستشار تلفزيون القناة الثانية صاحب المشوار الطويل الحافل بالانجازات الكبيرة والبصمات الواضحة في إخراج الأعمال الدرامية الباقية إلى اليوم في ذاكرة كل من شاهدها وإخراج الأوبريتات واللوحات الفنية وغيرها منذ التحاقه للعمل في القناة الثانية عام 1970م.

ولعل المسؤولين في مكتبي التربية والتعليم بعدن وأبين مشغولون جداً في إيجاد الحلول للمشاكل الكبيرة التي يواجهها هذا القطاع، لذلك لم يتمكنوا من المشاركة في فعالية تكريم الأستاذين التربويين القديرين عبده علي البعيصي وأبوبكر القيسي من عدن وكور سعيد ونسير من أبين، رغم أن خبر إقامة فعالية التكريم نشره عدد غير قليل من الصحف اليمنية وفي مقدمتها «الأيام».

لماذا غاب عن المشاركة في فعالية التكريم مكتب الثقافة والإعلام وفرعا اتحاد الأدباء بلحج وأبين؟ ولماذا لم يحضر موسيقي واحد لتهنئة عازف الناي الشهير عبدالحكيم علي حيدر يوم تكريمه؟ ولماذا لم يحضر من الجمعيات والمنتديات الأدبية والفنية بعدن ولحج وأبين سوى منتدى الباهيصمي ومركز حنبلة للتوثيق؟ مما يجعلني أتساءل عن غياب أولئك الذين يدعون إلى اليوم أنهم أصدقاء ومحبو الفنان المسرحي الراحل الفقيد أحمد سعيد الريدي؟ ولماذا لم يحضر سوى ثلاثة أو أربعة من فناني المسرح وغابت بالكامل فرقة المصافي الكوميدية عن حفل تكريم الفنان المسرحي منصور أغبري؟ لماذا؟ ولماذا.. ولماذا؟ أترك الإجابة الفصل فيها للجهات المعنية والمهتمين.. مع أهمية الإشارة إلى أن الحضور والمشاركة في التكريم ليس بالضرورة أن يتضمن تقديم مبالغ مالية للمكرمين أو هدايا ثمينة .. فشهادة تقديرية كانت كافية.. وقلم حبر يهدى للشاعر كور سعيد كان كفيلاً برفع معنوياته الأدبية ومسبحة أو مصحف أو عصا خشبية جديدة تقدم للشاعر الكبير عمر عبدالله نسير كانت ستدخل السرور إلى قلبه وتجدد شبابه الشعري. وما أرخص هذه الأشياء وغيرها سعراً وما أغلاها رمزاً للاعتراف بدور وعطاء هؤلاء المبدعين.. فمتى نحترم مبدعينا وكيف نحترمهم؟

وفي الأخير أقدم شكري وتقديري الكبير للأخوين أحمد محمد الكحلاني، محافظ عدن لحرصه على الحضور شخصياً للمشاركة في فعالية التكريم وعبدالله باكدادة، مدير عام مكتب الثقافة بعدن على تنظيمه هذه الفعالية دون أن يحصر اختيار أسماء المكرمين في محافظة عدن وإنما تجاوزها إلى محافظتي لحج وأبين باعتبار أن المحافظات الثلاث كانت ومازالت تشكل مثلثاً إبداعياً ذهبياً في الثقافة والأدب والفنون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى