رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

>
طالب جعفر بن شملان
طالب جعفر بن شملان
المهندس طالب جعفر بن شملان: صاحب سجل متميز في زمن قياسي .. الولادة والنشأة .. م. طالب جعفر بن شملان من مواليد 11 سبتمبر 1943م بالحي العربي في مدينة فكلونغانPheklongan ، إحدى مدن جاوى الوسطى بأندونيسيا، التي كانت حينذاك خاضعة تحت الاستعمار الهولندي. نشأ طالب بن شملان في أسرة متواضعة ومحافظة مكونة من الوالدين و(8) أولاد تساوى فيهم عدد الذكور مع عدد الإناث.

كان المنعطف الأول في حياة الفقيد عندما غادر أرض اندونيسيا وهو في التاسعة من عمره إلى أرض حضرموت، واستقر به المقام هناك اعتباراً من يوليو 1952م ليبدأ ارتباطه بالأرض والبيئة والثقافة، وهي عادة الحضارم المهاجرين في التعامل مع أبنائهم وخير نموذج هو علي أحمد باكثير.

عاش طالب بن شملان في كنف خاله صالح عثمان بن شملان الذي تولى شؤون تعليمه وتربيته ورعايته كواحد من أبنائه، فالتحق بداية في ابتدائية قرية السويري، بوادي حضرموت وانتقل مع مجموعة من الطلبة المتفوقين إلى المدرسة الوسطى بغيل باوزير، وهي المدرسة التي تخرج فيها معظم نوابغ حضرموت (لمزيد من التفاصيل راجع «المدرسة الأم.. المدرسة الوسطى بالغيل: الأستاذ محمد سعيد مديحج»).

بن شملان .. الطالب المتعدد الاهتمامات
شاع في الأوساط الاجتماعية والطلابية أن طالب جعفر بن شملان كان من الطلاب البارزين والمتميزين في المدرسة الوسطى بالغيل، فبالإضافة إلى تفوقه في التحصيل الدراسي كان متميزاً في اهتماماته الرياضية وكان من الناشطين الرياضيين في ألعاب عدة وتحديداً: كرة السلة والطائرة والتنس الأرضي وكرة القدم، وكان -رحمه الله - حارس مرمى فريق كرة القدم المدرسي بوسطى الغيل، وكان فريق المدرسة من أقوى الفرق الرياضية في حضرموت حينذاك.

بن شملان في ثانوية حنتوب بالسودان
أنهى طالب بن شملان دراسته الوسطى في الغيل بتفوق في العام 1960 وتم اختياره مع آخرين وابتعثوا لإكمال دراستهم الثانوية في السودان والتحقوا بثانوية حنتوب، واجتازها بن شملان كعادته بالتفوق وذلك في العام 1963م.

بن شملان يلبي نداء الواجب
عاد طالب بن شملان إلى أرض الوطن في العام الدراسي 1963/1964م والتحق بدورة تأهيلية لمدة عام واحد في مجال التدريس وعمل مدرساً في إحدى مدارس مدينة القطن لمدة عام واحد.

في العام 1965، تم ابتعاث طالب بن شملان إلى السودان للدراسة الجامعية، حيث التحق بكلية الهندسة بجامعة الخرطوم.

وتوج دراسته عام 1971م بحصوله على البكالوريوس في الهندسة المدنية بامتياز.

بن شملان يتوج دراساته العليا في برمنجهام
عاد بن شملان إلى أرض الوطن من السودان حاملاً معه مؤهله الجامعي وعين مهندساً مشرفاً لإدارة مشاريع الطرق بمصلحة الطرقات التابعة لوزارة الأشغال العامة، واستمر عطاؤه في ذلك الموقع، حتى عين في العام 1975م مديراً تنفيذياً لمشروع طريق المكلا- سيئون.

شد بن شملان الرحال إلى بريطانيا في العام 1977م حيث التحق بجامعة برمنجهام لمواصلة دراساته العليا في مجال الهندسة المدنية وتوجها بنواله درجة الماجستير في أواخر عام 1978م وعاد إلى أرض الوطن ليواصل واجبه في مشروع طريق المكلا- سيئون.

بن شملان ونجاحات باهرة في زمن قياسي
شكل العام 1981م أكبر منعطف في حياة م. طالب جعفر بن شملان عندما عين نائباً لوزير الأشغال العامة لشؤون البناء في ظل الإدارة الديناميكية للمهندس المتألق حيدر أبوبكر العطاس.

أثناء شغله منصب نائب وزير الإنشاءات خلال الفترة 1981/1990م، عمل المهندس طالب بن شملان على استكمال تأسيس وبناء كافة المؤسسات المحلية للبناء في المحافظات الست لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، بل وافتتح فرعاً للمؤسسة المحلية للبناء في جزيرة سقطرى عندما كانت تتبع محافظة عدن.

يحسب للمهندس طالب بن شملان استيعابه لمئات المهندسين من الخريجين في كافة التخصصات للعمل في المؤسسات المحلية للبناء في عموم محافظات الجمهورية، وتحولت تلك المؤسسات إلى رافد من روافد الاقتصاد الوطني في مجال البناء والإنشاءات، إلا أن الغيورين على الصالح العام خاب ظنهم بعد حرب صيف 1994م عندما نهبت كل أصول تلك المؤسسات وتم التصرف بمبانيها وتوارى الصالح العام ليحل محله الصالح الخاص، الذي نما وترعرع في أحضان مسلسل الفيد الأعظم.

كما برزت بصمات المهندس طالب بن شملان على المؤسسة العامة للإنشاءات والتركيبات الصناعية، التي تأسست في نوفمبر 1973م، والتي كان لها شرف تنفيذ عدد من المشاريع العملاقة منها بناء ميناء خلف ومستشفى الصداقة التعليمي في الشيخ عثمان وبناء الوحدات السكنية في عموم المحافظات.

ظلت المؤسسة العامة محتفظة ببعض مقومات البقاء بعد الحرب وأبرزها المورد المادي (منها المباني) والمورد البشري المؤهل (منها الإداري والفني)، إلا أن النوايا كانت مبيتة لابتلاع كل الممتلكات العامة ولم يفسح المجال أمام تلك المؤسسة لتخوض التنافس مع القطاع الخاص، وكان بالإمكان الاستفادة من قدرات المؤسسة في أعمال الصيانة للمرافق العامة والمساكن التي لم تخضع لأعمال الصيانة منذ سنوات طويلة، لا سيما العمارات التي تكون فيها المسؤولية جماعية، لأن حدوث الكوارث من مهام الدول وهو مبدأ متعارف عليه دولياً.

بن شملان في الظل بعد الوحدة
بعد قيام دولة الوحدة بين شطري اليمن في 22 مايو 1990م، عين المهندس طالب بن شملان وكيلاً لوزارة الأشغال العامة في صنعاء، وكلف بعد فترة وجيزة بترتيب الأوضاع في فرع الوزارة بعدن، وظل على حاله ذاك حتى إحالته للتقاعد عام 2003م، بعد خدمة متميزة ونقية دامت لـ (32) عاماً، كرمه خلالها الرئيس الأسبق علي ناصر محمد بوسام الإخلاص عام 1983م بعد الانتهاء من انعقاد المؤتمر الأول للبناء والتعمير في عدن.

بن شملان وأياد بيضاء في الجمعية الخيرية الحضرمية
في العام 1992م، تم انتخاب المهندس طالب بن شملان أميناً عاماً للجمعية الخيرية الحضرمية بعدن، وبذل جهداً من أجل إعادة تأسيسها واستعادة المبنى التابع لها منذ التأسيس الأول للجمعية، الكائن بمنطقة الخساف بمدينة كريتر، وقام بعد ذلك ببناء طابق إضافـي للمبنى واستعادت الجمعية دورها التاريخي في رسالتها الاجتماعـية والإنسانـية.

انتقل المهندس طالب جعفر بن شملان إلى جوار ربه في عدن يوم الجمعة 16 ربيع الأول 1427هـ الموافق 14 أبريل 2006م عن عمر ناهز الثالثة والستين، وخلف وراءه سجلاً ناصعاً من الأعمال الحسنة وسيرة عطرة اتسمت بطهارة اليد وعفاف اللسان واحترام الإنسان.

للمهندس بن شملان (3) أبناء و(4) بنات أحسن تربيتهم وتعليمهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى