المحطة الأخـيرة..البديل الأفضل

> صالح علي السباعي:

>
صالح علي السباعي
صالح علي السباعي
بعد انتصار الثورة الهندية وحصول الهند على استقلالها من بريطانيا جاء مجموعة من قادة الثورة الهندية إلى زعيم الثورة الروحي المهاتما غاندي، كانت أفكارهم موحدة على ضرورة إحداث تغييرات في حياة المجتمع الهندي الذي تأثر كثيرا بالثقافة الإنجليزية كانوا يريدون تغيير كل شيء إنجليزي إلى هندي، بما في ذلك النظم الاقتصادية والاجتماعية والتعليم والتجارة وحركة سير المركبات والقطارات وكثير من الأمور الأخرى، وعند مقابلتهم غاندي حاولوا شرح رغبتهم في إحداث التغيير، وكان غاندي ينصت بتمعن إلى وجهة نظرهم وما يقولونه، حتى انتهى آخرهم من الكلام، فسألهم غاندي: هل هذا هو كل شيء؟ فقالوا نعم فقال لهم سأطرح عليكم سؤالاً واحداً، فإذا أجبتم عنه لكم ما أردتم وأنا معكم، فقالوا له ما هو سؤالك؟ فأجابهم سؤالي هو: هل يوجد لديكم البديل الأفضل مما تركه البريطانيون؟ فخيم الصمت على الجميع ولم يجب أحد منهم، حينها قال لهم غاندي : اذهبوا الآن إلى أعمالكم وعندما تجدون الجواب عودوا، ولم يعودوا، وبقيت الهند تسير على النظام الذي تركه البريطانيون منذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا، وتطورت وتضاعف سكانها 3 مرات وامتلكت السلاح النووي وصعدت إلى الفضاء وتجاوزت إمكانياتها بريطانيا نفسها.

ما جعلني أتذكر هذا الموقف لغاندي هو ما تشهده مدينة عدن من تغييرات في البنية التحتية، للأسف الكثير منها لا يمثل البديل الأفضل، وحتى الآن لم يتحصل ميناء عدن ولا مطارها على بديل أفضل مما كانت عليه أيام الوجود البريطاني، وفي المدينة تم الاستغناء عن إشارات المرور التي كانت تنظم حركة السير منذ عشرات السنين، وتحويل الشوارع داخل المدينة إلى طرق سريعة خالية من إشارات المرور والجزر والمطبات، مما يتسبب في إزهاق أرواح الأبرياء كان آخر هذه الحوادث هو ما نشرته «الأيام» والذي وقع في المعلا أمام شركة النفط اليمنية، حيث وصل ضحايا هذا الحادث المروع إلى أحد عشرة فرداً، رحمهم الله وكان في عون ذويهم، هذا الشارع كان هادئاً وكان به إشارة مرور تنظم السير.

كما تم تغيير مداخل ومخارج الشارع التي صممت منذ الوجود البريطاني من قبل المطورين الجدد، هذا التغيير للأسواء لأنه يحصد أرواح الأبرياء باستمرار، فهل يعنى التطوير تدمير كل ما هو قديم؟ من وجهة نظر هؤلاء المطورين، وما ضر هؤلاء لو بقيت إشارات تنظم السير في شوارع المدينة؟ أليس هكذا هو الحال في معظم مدن العالم؟

لقد فقدت عدن الكثير من المعالم كان يفترض أن تبقى شاهدة على عراقة تاريخ المدينة، مثل المدارس والمعاهد القديمة وأنظمتها، وكذلك المساجد القديمة كان يفترض أن لا تهدم ويتم بناء مساجد جديدة في أماكن أخرى عند الضرورة ولكن مع الأسف تم تدمير الكثير منها وعلى رأس هذه المساجد كان مسجد أبان معلماً تاريخياً يحكي عبق تاريخ المدينة، كذلك معلم تاريخي آخر للمدينة هدم وهو (كنيس) معبد الطائفة اليهودية اليمنية بعدن، وبوابة سجن ضاحية عدن المركزي التاريخي، إضافة إلى الجبال التي تقضم والشواطئ التي تردم، كل هذه الأعمال تغير ملامح المدينة وتشطب تاريخها، ولكن ماذا عسى المرء أن يقول في قوم يستبدلون ما هو أفضل بما هو أدنى، أين هؤلاء من حكمة غاندي والبديل الأفضل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى