«الأيام» تستطلع معاناة فئة مهمشة بمديرية لودر .. آل باثور .. فقراء يحلمون بالحصير وجامعيون ينتظرون التوظيف وجمعية بحاجة للدعم

> «الأيام» سالم لعور:

>
أطفال آل باثور أمام مقر جمعيتهم المهمشة .. يحلمون بالدعم
أطفال آل باثور أمام مقر جمعيتهم المهمشة .. يحلمون بالدعم
آل باثور هم جماعة تشكل تجمعا سكانيا كبيرا بمحافظة أبين يرتبطون بوشائج قرابة ابوية.. نزحوا مع بدايات القرن المنصرم قادمين من منطقة حجر بمحافظة حضرموت وتوزعوا في قرى عديدة ضمن النطاق الجغرافي للسلطنة الفضلية في بادئ الأمر، ثم وصلوا إلى مناطق اخرى منها مديرية لودر بمحافظة أبين.

عملوا زرّاعاً وحصّاداً في المزارع وهمشوا كثيراً بسبب اللون الأسمر في مجتمع عصبي (قبلي) إلا أن ما يميز هذه الفئة هو قدرتها على تكوين ذاتها بالاندماج في الوسط المحيط بها فأصبحت جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي للمنطقة ورقماً هاماً في معادلة المجتمع لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه، وهذا الاندماج مرده إلى أن بعض القبائل اليمنية كانت وما زالت تتمسك بمفهوم النسب الواسع أو العام أو مفهوم العصبية العامة كما عرّفه ابن خلدون والمتمثل في قيام التضامن والتناصر بين الافراد الذين يربطهم نسب عام أو بعيد أو غيره من وجوه الانتساب كالحلف والولاء والنسب القبلي يتيح للأفراد والجماعات الانضواء تحت راية القبيلة بالحلف أو الولاء لتصير بمرور الزمن في نسبها وقد تضم القبيلة إليها جماعات من قبائل أخرى لتساعدها في زراعة الارض بصفة حلفاء أو أتباع ثم تدخل بمرور الوقت في إطار النسب.

واستطاع آل باثور كجماعات من خلال وجودهم في مدينة لودر وقرى أماجل والجوف والقرين والحميشة والداخلة ولبو وعراكبي وغيرها من المناطق، تنظيم أنفسهم كمجتمع مدني يتمثل في «جمعية آل باثور الخيرية الاجتماعية» كإطار تمكنوا به من الحصول على الحد الادنى من الحقوق.

وقد قامت «الأيام» بجولة استطلاعية في حي آل باثور الذي يقع جنوب لودر ورأت معاناة أبناء الحي من الافتقار لأبسط الخدمات ومنها المجاري على وجه التحديد.. وفي طريقنا مارين بأزقة الحي أبى شباب الحي ذوو الوجوه السمر إلا أن نحضر احتفالهم بمناسبة الذكرى الأولى لتأسيس جمعيتهم «جمعية آل باثور الخيرية» الذي حضره مدير عام مديرية لودر ورؤساء بعض الأحزاب أو من ينوبهم وشخصيات ومشايخ ومثقفون وجموع غفيرة من المواطنين، وألقيت الكلمات بالمناسبة ثم أحيا الفنانان محمد أحمد السعيدي وعبدالله عباد حفلة فنية قدما خلالها عدداً من الأغاني التي نالت استحسان الحاضرين.

والتقينا عقب الحفل بعدد من القائمين على الجمعية وأنصارها لتسليط الضوء على نشاطاتها ومعاناتها وتهميشها وكانت خلاصة الأحاديث:

< الأخ عوض حسن عوض، رئيس الجمعية تحدث قائلاً:

«رغم أننا من أقدم منظمات المجتمع المدني إلا أننا نعاني تهميشاً في مستويات عديدة من بينها اننا لا ندعى لفعاليات تعنى بشؤون المجتمع المدني أو معالجة شئون المديرية، ورغم أن منا من دافع عن هذا البلد خلال مراحل مختلفة من التاريخ السياسي له وكنا في طلائع المدافعين عن الوحدة، إلا أننا نجد أحياناً من ينظر لنا النظرة المتعالية من بعض المرضى.. وبخصوص جمعية آل ثور الخيرية فقد تأسست في 1998م ولم يعترف بها إلا في الثاني من يونيو 2005 ، وقد جاءت الجمعية لانتشال أوضاع معيشة أعضائها ودعم الفقراء والمساكين والأيتام والارامل وإقامة مشاريع حيوية تدر الدخل على أعضاء الجمعية، ومن الصعوبات التي تواجهها الجمعية أننا بحاجة إلى إقامة مشغل لحياكة المعاوز للشباب ومشغل لخياطة الملابس للنساء ودعم الانشطة الرياضية والثقافية لشباب آل باثور الذين حرموا من ابسط الحقوق».

< وتحدث الأخ فهمي صالح سالم عضو الهيئة الادارية للجمعية، فقال: «يعاني آل باثور من مشاكل جمة منها حرماننا من خدمات الصرف الصحي والمياه، ونحن جزء لا يتجزأ من أبناء مدينة لودر، والواقع أننا لو استعرضنا الخارطة الإحصائية لإعانات الرعاية الاجتماعية فإن الفرق شاسع بين ما حصلنا عليه مقارنة بالآخرين، فخلال ثلاث سنوات لم يتم سوى استيعاب عشر حالات فقط لآل باثور، بينما تعطى إعانات لآخرين وهم لا يستحقونها.. لدينا حوالي عشرون من حملة المؤهلات الجامعية لم يتم توظيفهم ولو بفرصة عمل واحدة، ولدينا مركز نسوي تتدرب في فيه 12 أمرأة وتنقصه مكائن الخياطة ولا يوجد مبنى مناسب يتم فيه تدريب هؤلاء النسوة، ولدينا مركز لتعليم الأميات تنقصه المقاعد والكتب».

أعوام من الانتظار للمساعدة في بناء مقر لجمعية آل باثور الخيرية بلودر
أعوام من الانتظار للمساعدة في بناء مقر لجمعية آل باثور الخيرية بلودر
فيما علق أحد أعضاء الجمعية بأن «البعض يلتفت إلينا (آل باثور) قرب الانتخابات فيداعبون أحلامنا بالوعود والأحلام الوردية وما أن تنقضي الانتخابات حتى يتناسوننا».

< خالد صالح محمد باثور، الأمين العام للجمعية: «نطالب وزارة التأمينات بتقديم دعم سنوي للجمعية أسوة بالجمعيات التي تم اعتمادها، حيث إن جمعيتنا نشطة ويمارس أعضاؤها انشطة مختلفة: رياضة بأنواعها ومشاريع صغيرة تدر الدخل كالحرف اليدوية، ولدينا فرقة فنية نطالب جهات الاختصاص بتقديم الدعم لها مادياً ومعنوياً، ونأمل إسهام الخيرين والمنظمات المانحة بدعم جمعية آل باثور في مختلف المجالات».

< وحملت الصحيفة هموم ومعاناة هذه الفئة المهمشة واختارت الاستاذ القدير صلاح الدوح، الشخصية التربوية التي تحظى باحترام وتقدير أبناء مديرية لودر.. فتحدث قائلاً:

«هذه الفئة (آل باثور) عانت كثيراً من التهميش والنسيان، رغم أننا عشنا سوياً معهم وتعلمنا معاً في مدارس واحدة وربطتنا بهم علاقات زمالة وأخوة، ومع ذلك فهناك من ينظر إليهم نظرة دونية بسبب اللون أو المهنة فهم غير ممثلين في المجلس المحلي ولا يحصلون على نسبة يستحقونها من الرعاية الاجتماعية.. ومن خلال صحيفتكم الأيام الغراء أناشد السلطة المحلية بالمديرية لودر والمحافظة أبين أن يولوا إخواننا من أبناء آل باثور بعض الاهتمام من خلال دعمهم للجمعية ودعم أنشطتها الخيرية والرياضية والاجتماعية والفنية. وأقولها بصراحة دون تحيز إنها أفضل وأنشط جمعية بلودر».

وفي ختام استطلاعنا حمّلنا فقراء آل باثور أن ننقل شكرهم وتقديرهم للأخوة الشيخ سالم عبدالله العلواني، الرئيس الفخري للجمعية والعميد ركن سالم صالح القطيش وناصر حسن باثور، مدير عام مياه زنجبار على جهودهم المبذولة ودعمهم الجمعية مادياً ومعنوياً.

ونطالب جهات الاختصاص والخيرين والمنظمات الداعمة بالوقوف إلى جانب هذه الفئة المهمشة ودعمهم مادياً ومعنوياً في وقت ما يزال فقراء آل باثور يحلمون بالحصير الذي توزعه جمعيتهم كمادة خام على بعض النساء لينسجنه حُصُراً تباع في السوق لتدر عليهم ما يسد الرمق ليناموا على حصير حتى يوم آخر من النسيان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى