الاستثمارات الأجنبية و(الضيافة اليمنية)

> محمد عمر باجنيد:

>
محمد عمر باجنيد
محمد عمر باجنيد
أذاعت الفضائيات العربية ضمن النشرات الاقتصادية التي تصل إلينا عبر البث الفضائي أن مسؤولاً عربياً (غير يمني) صرح بأن بلاده تتوقع أن يصل حجم الاستثمارات فيها قبل (موت) العام الحالي أربعة مليارات دولار أمريكي.

وكانت أخبار مشابهة قد أشارت إلى أن شركة خليجية بصدد استثمار مبلغ يفوق الملياري دولار في بلد عربي (لا يطل على الخليج ولا على المحيط).

وكثيراً ما نسمع وكثيراً ما نرى أخباراً مشابهة عن بلدان عربية في المشرق والمغرب ثم نشاهد أن المشاريع قد بدأت وأن رجال الأعمال يتنقلون من بلد إلى آخر حتى يتم تنفيذ المشاريع المعلن عنها ويزداد رصيد تلك الدول من عوائد السياحة ويرتفع احتياطي النقد الأجنبي لدى بنوكها المركزية وتستقر العملة. ليس ذلك فحسب لكن المواطن أيضاً يلمس التغير في دخله بوجود فرص عمل جيدة وبرواتب (تتجاوز قيمة فواتير الكهرباء والهاتف والوقود).

المليارات تطير غرباً وشمالاً وشرقاً لكنها تأبى البتة أن تتجه (جنوباً) كي لا يكون لبلادنا نصيب من ذلك، رغم كل الدعوات والترحيب بالمستثمرين (من جانبنا) حتى دعواتنا تحمل في طياتها روح اليمني البسيطة بأنهم حالما يقررون الذهاب إلى اليمن سيجدون ضيافة (على الطريقة اليمنية)!!

«اليمن بلد شعبه طيب وبسيط وأرض بكر لم تغرق بعد بالاستثمار والمشاريع وتتميز بتنوع بيئي فريد».

هذا هو الخطاب الموجه للمستثمرين. لكن هل يكفي مثل هذا الخطاب لاستقطاب المستثمر ومنافسة الآخرين في سوق دولي وليس إقليمياً؟

الحقيقة المرة أن خطاباً مثل ذلك أصبح مكرراً غير مثمر ولا يمثل المظاهر الكافية للإغراء وما يتكرر من مثل تلك الخطابات لا يؤثر في أحد حتى قائله.

هناك أداء إداري في كثير من الأماكن ذات الصلة بالخدمات لا يمكن وصفه بالتقليدي، لأن التقليدية بكل عيوبها قد تجاوزته.

هناك جيوب مفتوحة أمام المستثمرين تنتظر نصيبها من المستثمر قبل أن تنصب له فخاخاً من المعوقات ليملأ تلك الجيوب.

وهناك صراع لا ينتهي حول الأراضي الممنوحة للمستثمر حتى لو صرخ وصرخ ثم صرخ، فالتراب غال.. غال.. ولا يرخص للمستثمر ولا سواه، لأن المبدأ أن من أراد الأرض فليغللها المهر. (يعني يدفع مرتين أو حتى ثلاثاً).

هل هذه هي (الضيافة اليمنية)؟

هناك مسافة واسعة من التقنية بين اليمن وبين الآخرين وفقر صارخ لدى اليمنيين في الكفاءات البشرية المدربة على التسويق وبيع الخدمات.

المعلومة باتت في كل دول العالم على وجه التقريب تأتي عبر ضغطة زر، لكنها في اليمن لا تأتي حتى وإن تنقل المستثمر بين وزارة ودائرة ومدينة.

المستثمر عادة يأتي إلى أي بلد من أجل مشروع معروف وفق خطة زمنية لتنفيذه بتكاليف محددة سابقاً، لكنه في اليمن يجد أنه بدد كثيراً من الوقت قبل أن يكمل مفردات المشروع (موقع، معدات، عمالة) ويكتشف أنه أنفق جزءاً من إحدى زينتي الحياة الدنيا يمهد به المعوقات الداخلية قبل أن يبصر مشروعه النور ضمن شروط (الضيافة اليمنية).

إذن لماذا يـأتي المستثمر إلى اليمن وأمامه سوق عالمي مفتوح على مصراعيه يقدم له التسهيلات الفعلية (بعيداً عن الضيافة اليمنية) وعن أهل اليمن البسطاء الطيبين وتنوع بلدهم البيئي وأرضه البكر.

الحقيقة مُرة وسيظل واقع الاستثمار في اليمن ناجحاً في توسيع المسافة بينه وبين المستثمر إن لم تأت الحلول على عجل وإن لم يدرك المعنيون في الغرف التجارية وهيئات الاستثمار أسباب جفاء المستثمرين الفعلية بدلاً من التوقف عند إطلاق الدعوات، ويعملوا على إيجاد الحلول الداخلية الناجعة في الاستفادة من ذوي الكفاءات المحلية وغير المحلية والصرف بثراء على دورات تدريبية خارجية للكوادر المحلية لاكتشاف العالم من حولنا وكيف حقق الآخرون ثمار عملهم ونجحوا نجاحاً طار بالملايين إلى بلدانهم، بينما بقيت (ضيافتنا اليمنية) دعوة مدوية وحادة دون أن تأتي بالضيوف.

mohammed [email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى