الأخطاء الطبية والمساءلة

> «الأيام» د. سعيد جيرع:

> يقول سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} سورة البقرة: آية 195,وقوله عليه الصلاة والسلام:« لا ترجعوا بعدي كفاراً يعذب بعضكم رقاب بعض» رواه البخاري في صحيحه 4/224، ومسلم 1/37.

لجسد المسلم وروحه حرمة عظيمة عند الله تبارك وتعالى، دلت نصوص الكتاب العزيز، وأحاديث النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) عليها، وحذرت العباد من الاستخفاف بها، وتوعدت من سعى في هلاك الأرواح وتلك الأجساد بغير حق بشديد العذاب وأليمه.

لذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يقدم على العبث بأجساد الناس دون علم وحق، بل يسبب في أغلب الحالات الوفاة، وعلى الأقل عاهات مستديمة دون محاسبة أو مساءلة تذكر، وترك الحبل على الغارب. الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان فقال سبحانه: {والتين والزيتون، وطور سنين، وهذا البلد الامين، لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} ولما وجدت الحاجة إلى التداوي والعلاج بالجراحة أجازت الشريعة الإسلامية لأهل الاختصاص ومساعديهم الإقدام على فعل الجراحة الطبية اللازمة، والتي تشتمل في كثير من صورها على تصرفات مختلفة في أعضاء الإنسان، لكن الشريعة الإسلامية راعت أمراً مهماً لابد من الحذر منه، ووضع الزواجر الكفيلة برفع ضرره، ذلك أن الأطباء ومساعديهم بشر يعتريهم ما يعتري النفس البشرية الضعيفة، فقد يخرجون في بعض الأحيان عن القيود الشرعية ويتجاوزونها معرضين أرواح الناس وأجسادهم للهلاك والتلف المحقق إما طلباً لعرض الدنيا وجاهها من مال أو شهرة ودعاية، أو إسرافاً وبغياً واستهتاراً بحرمة تلك الأرواح والأجساد البريئة.

وهذا الصنف من الأطباء وغيرهم كما يعتبر متجاوزاً لحدود الشرع ومحارمه كذلك يعتبر متجاوزاً لواجباته الطبية التي ينبغي له التزامها، وأخذ عليه العهد بأدائها على الوجه المطلوب.

لذلك فإن الشريعة الإسلامية الحكيمة العادلة لم تغض الطرف عن هذه النوعية التي تهدد أرواح الناس، وأجسادهم بالهلاك، والتلف المحقق بل وضعت الزواجر والعقوبات البدنية والمالية المناسبة، وبذلك تكفلت بزجرهم وكف أذاهم عن العباد. حتى الطب الشرعي الحديث لم يطلق العنان لهذه الأيدي الآثمة لكي تعبت بأرواح الناس وأجسادهم وتعرضها للهلاك والتلف المحقق ولم تترك تصرفاتهم الجانية تمر دون محاسبة عادلة توجب النظر فيها والحكم فيها وإلزام أصحابها بتحمل تبعاتها ورد الحقوق المترتبة عليها إلى أصحابها من المرضى وذويهم كاملة غير منقوصة لا يظلمون ولا يظلمون.

فقد عبر فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، في أكثر من مناسبة عن عدم التهاون تجاه هؤلاء المستهترين بأرواح البشر والعباد ويجب محاسبتهم ومساءلتهم القانونية والشرعية.

كما يجب علينا ان نشيد بالقرار الشجاع والحكيم من قبل وزير الصحة والسكان الأخ الأستاذ القدير د. عبدالكريم يحيى راصع، الذي أجاز فيه مقاضاة الأطباء المخلين بمهنة الطب وتسببهم الأخطاء الطبية الفادحة للمرضى وإحالتهم للنيابة العامة. وبهذا يمكننا القول إننا قد أدينا رسالتنا بأكمل وجه تجاه الله والعباد دون الضرر بأرواحهم ومصالحهم وعدم مخالفة هذه الأخلاق، ونبذ هذه الآداب والأعراف عنها في سبيل الحصول على الحظوظ والشهوات الدنيوية الزائلة والله من وراء القصد.

استشاري جراحة الوجه والفكين /نائب عميد كلية الطب لشئون الأسنان

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى