نظرية الأدب الإسلامي (المسوغات ) (2)

> «الأيام» عبده يحيى الدباني:

> 3ـ إن التنوع في تعزيز الدعوة الإسلامية ونشرها وبلورة قيمها مسألة فطرية ملحة، ولعل الطرق الأدبية والفنية هي من أنجع الطرق إلى هذه الغايات السامية، فلا ينبغي للأمة ممثلة بأدبائها ومثقفيها ونقادها أن يتركوا هذا المجال للديانات والثقافات والفلسفات الأخرى لاسيما أننا في عصر المواجهة مع ثقافة طاغية مهيمنة متربصة، وإن ثقافتنا هي آخر معقل نتمترس خلفه مدافعين عن وجودنا الحقيقي.

4ـ ولعل من أهم مقومات نظرية الأدب الإسلامي ومسوغاتها هو تعزيز العلاقة الصحيحة الطبيعية بين الأدب والعقيدة الإسلامية وتأكيدها وإزالة ما يشوبها من لبس وسوء فهم، فالعلاقة قديمة بين الجانبين وهي إيجابية بكل المقاييس ليس فقط مع الأدب والفن عموماً ولكن أيضاً مع الشعر خصوصاً، كما سنذكر هذا في حلقات قادمة -إن شاء الله - عندما نتناول جذور النظرية في التراث. إن غياب هذه النظرية قاد إلى فجوة وجفوة بين العقيدة الإسلامية والأدب والنقد عموماً فصار كثير من الأدباء المسلمين لا يفقهون هذه العلاقة الإيجابية التاريخية بل فهموها على أنها علاقة سلبية وأن العقيدة لا تشجع الأدب والفن بل تقف ضدهما وفي الوقت نفسه فإن كثيراً من المسلمين المنشغلين في الدعوة والتوجيه والإرشاد فضلاً عن كثير من المثقفين الإسلاميين الاعتياديين يجهلون هذه العلاقة الإيجابية ويظنون بالأدب والأدباء والفن والفنانين الظنون، وكأن العقيدة الإسلامية من حيث المبدأ تمثل موقفاً سلبياً إزاء الأدب والفن، وهذا لم يكن صحيحاً البتة. إن إعادة العلاقة إلى سابق عهدها وإيجابيتها بين الأدب والعقيدة الإسلامية هدف أساس من أهداف هذه النظرية الفنية الفتية، حتى لا يسود جو الانفصام بين الأديب المسلم وعقيدته وحتى يتحقق الانسجام الطبيعي المنشود بين الموهبة الأدبية والعقيدة الإيمانية حتى لا يترك الأديب أو الفنان موهبته خوفا على عقيدته أو يجافي عقيدته ويعاديها ويتجه بموهبته اتجاها بعيدا عن تصور عقيدته وفلسفتها الواسعة المرنة المعتدلة، وحتى يعي العلماء والدعاة والفقهاء أهمية الأدب والفن وأثرهما ودورهما في نشر الدعوة وفي خلق التوازن في النفوس وتشذيبها وتهذيبها. وهنا يمكن إنصاف العقيدة في موقفها الإيجابي من الأدب، وردم الهوة المفتعلة بين الأدباء والعلماء المسلمين ، وامتدادا لهذا كله ستكون نظرية الأدب الاسلامي دواء ناجعا للغربة والاغتراب والانفصام التي تسود حياة المجتمع الإسلامي على طريق حياة إسلامية صحيحة في شتى مجالاتها حتى لا نكون إسلاميين في جوانب، وغير إسلاميين في جوانب أخرى فهذا هو عين الانفصام والغربة والاغتراب.

5- ومن المسوغات إجمالا لقيام نظرية الأدب الإسلامي، هو العودة بالأدب إلى رسالته الثقافية التنويرية وإخراجه من قمقم الترف الفني والعبث والغموض المطبق والتجريب البائس والتبعية والاستعلاء على القراء والمتلقين عموما، لأن الحداثيين العرب- للأسف - تخلوا عن مهمة تنوير الجماهير وتركوها تقع فريسة للثقافة الغربية المهيمنة مع أن التبعية الثقافية للغرب لم تجلب لنا إلا الويلات.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى