مؤتمر شرم الشيخ: هل جاء في الوقت الضائع؟

> شرم الشيخ «الأيام» آن بياتريس كلاسمان :

>
هل يفعلانها؟ أم لا يفعلانها؟ كان هذا هو التساؤل الذي ساور الكثير من الصحفيين في جميع أنحاء العالم بشأن احتمال مقابلة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس مع نظيرها الإيراني منوشهر متقي على هامش مؤتمر شرم الشيخ الحالي في مصر بشأن العراق وذلك رغم حدة الخلاف بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني ورغم تجمد العلاقات بينهما منذ 27 عاما.

لقد فعلاها إذن. رغم أن تبادل التحية بين رايس و منوشهر لم يدم إلا دقائق قليلة خلال تناول طعام الغذاء ورغم أن هذه المقابلة العابرة لم تسمح بالطبع بالتطرق إلى قضية تخصيب اليورانيوم في إيران أو إلى علاقة إيران بالميليشيات الشيعية في العراق ورغم أنه من المعتقد أنها لم تتعد التعليق على أنواع الطعام الذي كان على مائدة المشاركين في المؤتمر حيث يقول أحد المشاركين في المؤتمر الذي كان يجلس بالقرب من رايس و متقي أثناء هذا الحديث العابر إن حديثهما كان حول طريقة إعداد الأيس كريم في أمريكا وفي إيران إلا أن مجرد حدوث هذه المقابلة العابرة له بالتأكيد مغزاه الدبلوماسي.

لابد وأن وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير الذي ركز جهوده خلال مشاركته في المؤتمر على بث الحياة من جديد في عملية السلام في صراع الشرق الأوسط قد سره أن يقوم هو بدور "كسارة الثلج" بالنيابة عن نظيرته رايس. ولا يخفى أن شتاينماير كان من بين أول من دعوا إلى الحوار مع دمشق وذلك في الوقت الذي كان الحديث في واشنطن عن مثل هذا الحوار من المحرمات.

ولم تخف رايس أمس أهمية تبادل وجهات النظر مع نظيرها السوري وليد المعلم رغم أن أمريكا تعتبر سوريا، التي لها علاقات وثيقة مع إيران من ألد أعدائها في العالم.

ورغم أن الحكومة العراقية رحبت بالتقارب الحذر بين الولايات المتحدة و إيران اللتان تعتبرهما الحكومة من أقرب حلفائها إلا أن أعضاء مجلس الوزراء العراقي الذين رافقوا رئيس الوزراء نوري المالكي في مؤتمر شرم الشيخ بمصر لم تبد عليهم علامات الرضا الحقيقي في ختام المؤتمر حيث كانوا يتوقعون المزيد من المساعدة من الدول العربية و الدول الصناعية الغربية مقابل القليل من المطالب التي وجهتها هذه الدول للحكومة العراقية.

كما أن ربط المشاركين في المؤتمر الذين يمثلون 63 دولة تقديمهم الدعم للعراق بتحقيقه إصلاحات اقتصادية و تحقيق تقدم في المصالحة الوطنية كان بمثابة الدواء المر الذي لم يجد المالكي بدا من تجرعه حتى يحصل على هذا الدعم.

ولكي يحفظ المالكي ماء وجهه سارع إلى القول إن الحكومة العراقية كانت قد أخذت على عاتقها من قبل تحقيق هذه الأهداف.

ولكن يبقى الاتهام الأساسي الذي يوجهه المشاركون في المؤتمر للحكومة العراقية، ألا هو أن الحكومة لا تبذل الجهد الكافي من أجل تحقيق هذه المصالحة مع أنصار نظام صدام حسين البائد الذين يشعرون بالاضطهاد مما دفع مسئولين بالاتحاد الأوروبي للقول:" رغم أن الحكومة العراقية لا تريد أن تدرك هذه الحقيقة إلا أن الجميع مقتنعون بضرورة هذا التصالح من أجل الحد من العنف".

و قال أحد دبلوماسي جامعة الدول العربية:"لقد أصبحنا نتفق حتى مع الأمريكيين أنفسهم في هذه النقطة".

غير أن هذا الدبلوماسي لا يعتقد بأنه كان من الممكن الحيلولة دون سفك الكثير من الدماء إذا كانت الولايات المتحدة قد استمعت لنصيحة العرب عقب غزو العراق مباشرة وقال:"أرادت الولايات المتحدة أن يصعد العرب على متن سفينة البحث عن نظام ما بعد الحرب على العراق ولكن استراتيجيتها في هذا الشأن كانت خاطئة تماما مما دعانا للقول آنذاك أننا نخشى أن تغرق هذه السفينة".

وتتضمن وثيقة "العهد الدولي" التي تم إبرامها في شرم الشيخ بالفعل بعض عناصر التصالح الوطني في العراق حيث تنص على ضرورة التوزيع العادل للعائدات النفطية وتعديل القانون الذي همش أعضاء حزب البعث العراقي السابق بإيعاز من الولايات المتحدة عقب غزوها العراق.

غير أن دينار زيباري المسئول عن علاقات الحكومة الكردية المستقلة شمال العراق مع الأمم المتحدة يعتقد في ضرورة اتخاذ خطوات أكثر شجاعة لتحقيق هذه المصالحة حيث قال:"لقد أصدرنا في كردستان عفوا عاما منذ عام 1991 عن جميع الذين تعاونوا مع النظام القديم باستثناء أصحاب الجرائم البشعة.

ورأى دينار زيباري أن:"الحل هو العودة لهوية وطنية بعيدا عن المقابر الدينية و العرقية".

أما ما يدعو لتثبيط الهمة في العراق فهو أن الكثيرين من المشاركين في مؤتمر شرم الشيخ يرون أن الوضع في العراق أصبح معقدا بحيث لم يعد هناك طريق ذهبي يسلكه الراغبون في حل للأزمة العراقية لدرجة أن الكثير من الدبلوماسيين أصبحوا يعتقدون أن قضية الصراع المستمر بين العرب وإسرائيل منذ نحو 60 عاما والذي كان معظم المراقبين يعتبرون حله مفتاحا لإقرار السلام في المنطقة أسهل حلا من التوصل لمخرج للفوضى العراقية.

كما يرى الكثيرون أن حل قضية الشرق الأوسط بشكل سلمي لن يكون له تأثير كبير على إرهاب شبكة القاعدة في السعودية و الصراع داخل الساحة اللبنانية أو التعصب الذي يؤدي إلى تطاحن الشيعة والسنة في العراق. (د.ب.أ)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى