خارج نطاق التغطية

> منى عوض باشراحيل:

>
منى عوض باشراحيل
منى عوض باشراحيل
الإهمال مرض قاتل، خاصة فيما يتعلق بأداء الواجب، حيث التقصير يصبح عادة يومية يصل معها المرء تدريجياً إلى لا شيء، فلا هدف أمامه سوى العبث بساعات اليوم (خارج نطاق التغطية).

يكفي (يا طائر الخراب) كل هذا العبث.. كل هذا السواد الذي حل بهذا المجتمع، يكفي خراباً في كل شيء، حتى بالإنسان -ثروة كل مجتمع إلا مجتمعنا. وأكثر ما يحز في النفس الخراب في المجالات التطبيبية، فحيثما ذهبت إلى مستشفى عام أو خاص لا يكترث لك كمواطن، ففي المستشفيات العامة أنت مهمل تماماً، أما الخاصة فكل شيء يعتمد على ثقل الجيب.

المرضى يتألمون، يصرخون، ولا يجيب إلا المجيب، هذه حقيقة، ففي مستشفى الجمهورية قسم الأطفال بالتحديد كانت لي زيارة لطفلة إحدى القريبات أجريت لها عملية الزائدة الدودية، وهي من أسهل العمليات عالمياً .. ولكن أطباءنا يا لطيف .. فأثناء العملية عجزت الطبيبة (...) عن إخراج الزائدة مما تطلب استدعاء الجراح (...) حتى يخرج الزائدة وينقذ حياة الطفلة.. سؤال: من كان مع الطفلة داخل حجرة العمليات؟

التمريض في قسم الأطفال (صفر) فالإهمال ضرورة من ضروريات العمل .. الأطفال يتألمون ولا مجيب، لممرضات خارج القسم لا أحد يعلم أماكن تواجدهن، وإذا أردت الاستعانة بإحداهن من خارج القسم ردت بجفاء وتكبر (هذا مش شغلي، هذا مش قسمي، دوّروا على الممرضة المسئولة). وإلى أن نبحث عن الممرضة يكون الطفل قد انفجر من شدة الألم، فما بالكم بطفلة خارجة من عملية تحتاج من وقت لآخر للمسكن، وهناك الكثير من الأطفال في القسم دون رعاية، إذ وجد طفل في شهوره الأولى نسيت الممرضة (الدريب) بيده حتى نفد وبدأ الدم ينسحب إلى (القربة)، أليست هذه جريمة؟!

وأطفال من قرى بعيدة تعدت مدة بقائهم الثلاثة أشهر دون أي علاج أو فائدة من العلاج و..و..

أضف إلى ذلك الإهمال المكثف في النظافة، فالأسرّة خالية من الأغطية، وعلى المريض جلب غطائه والمخدة من البيت، وربما يستحسن به أخذ قاتل للصراصير مرافقه الأول التي تجدها فوق وجهه، فوق (الدريب)، فوق غطائه، فوق طعامه...إلخ، وقاتل للبعوض (النامس) ولا بد من (ديتول) للحمام ومعطر للجو ...إلخ.

الكثير الكثير من السلبيات التي لا يمكن أن يشاح النظر عنها، والتغاضي عنها جريمة بحق المواطن المسكين صاحب الجيب الفارغ، الذي تضطره الظروف إلى الجوء إلى المستشفيات العامة وتلقي التشخيص الخطأ والتمريض القاتل، والنظافة الساطعة.

على الأقل وأبسط حقوق هذا المواطن المسكين توفر الأطباء الحقيقيين وملائكة الرحمة بدلاً من ملائكة العذاب هؤلاء، وتوفير النظافة، خاصة قتل الصراصير ..والباقي لا بأس إن اشترى وسائل التطبيب والتمريض كلها من خارج المستشفى، المهم أن تكون صحيحة (مش موت وخراب ديار).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى