عفوا أيها السادة ... هذه ( وحدتكم ) وليست ( وحدتنا )

> أحمد عمر بن فريد:

> يمكن للشيخ فلان أو علان أن يذهب إلى ليبيا ليقابل العقيد القذافي في مرحلة تشهد فيها اليمن تنافساً سياسياً حاداً على أعلى كراسي السلطة في البلاد دون أن يخونه أحد , ويحق له أن يتلقى دعماً مالياً (بملايين الدولارات) بغرض تأسيس حزب سياسي جديد أو تجمع وطني اجتماعي - قبلي جديد بحسب ما انتهى إليه الوضع قبل أيام في فندق الموفنبيك وأمام الأشهاد ووسائل الإعلام دون أن يشكك في وطنيته جنس بني آدم.

إذن يحق لأي شيخ أن يفعل ما يشاء في أمور مماثلة قد تذهب به إلى ليبيا او حتى إيران أو لربما أبعد من ذلك بكثير , دون أن نسمع بنت شفة تصدر من هنا أو هناك تتحدث عما يسمونه حالياً بالثوابت الوطنية , لأن هذه الثوابت التي يكثرون الحديث عنها و حولها في كل مناسبة وكل أزمة صاعدة للسطح بجهودهم الجبارة, إنما هي ثوابت خاصة بهم وحدهم ..قد تنطبق على هذا ولا تنطبق على ذاك.

كما أننا في هذه الحالة..لم نسمع أن أحداً قد تحدث او استخدم مصطلحاً واحداً من مصطلحاتهم المكررة الممجوجة مثل (الأموال المدنسة ) أو (العمالة للخارج) أو (المخططات التآمرية) أو ... قد قبضوا الثمن !! كما أننا لم نسمع أحداً من أي جهة رسمية كانت, اعترض أو احتج حتى على إنشاء هذا الكيان الجديد أو حتى ألمح إلى أن له أهدافاً سياسية خفية . على الرغم من علمهم الأكيد أن هذا التجمع غير بريء من مهام تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية تتعلق بالتسابق المحموم فيما بينهم, تجاه حجز المراتب الأولى في السلطة والتي تحدد وفقاً لمقاييس الجودة في المواطنة والخاصة بهم طبعاً دون غيرهم .

عندما يحدث مثل هذه الأمر(في صنعاء) فهو شيء طبيعي ووطني.. ولكن إن حدث شئ مماثل له, في خارج (أطرهم الوحدوية) فسوف يقيمون ثوابت الوطن ولن يقعدوها على الإطلاق, ولك أن تتصور عزيري القارئ على سبيل المثال, لو أن كاتب هذا المقال قد (عُلم) أنه قد توجه إلى ليبيا لمقابلة العقيد القذافي؟!! أو أن العميد ناصر النوبة قد توجه شرقاً أو غرباً والتقى بهذا الرئيس أو ذاك؟!! ترى كيف يمكن أن يتصرف النظام إزاء مثل الأمر لو حدث على سبيل الجدل (فقط) ولمصلحة منطقية هذا الطرح؟! الشيء الأكيد إن لغة التخوين الوطني ستكون جاهزة ومعده سلفاً .. والأكيد أيضاً أن صفة العمالة ستكون ماركة مسجلة باسم من ذهب والتقى في هذه البلاد أو تلك .. ولو حتى لم يقبض دولاراً واحداً , وهو أمر متوقع ومحتوم وفقاً للتصنيفات التي تميز ما بين الشمالي والجنوبي.. ومابين الوحدوي والانفصالي , لأن (جميع) تحركات أبناء الجنوب مشبوهة وغير قانونية ويجب ضربها في صميمها باعتبارها تشكل خطراً على الوحدة التي أصبحت اليوم - مع الأسف الشديد - (وحدتهم) وليست (وحدتنا ) .

نلاحظ تأكيداً لكل هذا كيف تنشر الصحف الرسمية والصفراء حبرها بكثافة شديدة على صفحات جرائدهم الكثيرة لمجرد أن عبر زعيم أو قائد جنوبي عن رأيه في مجمل الأحداث التي تشهدها الساحة اليمنية, فها هو السيد حيدر العطاس يتم إغراقه بكل أشكال نعوت التخوين لمجرد أن تحدث في قناة فضائية عن معاناة الجنوب وعن القضية الجنوبية, فأصبح في نظر مثقفهم وجاهلهم (انفصالي ومتآمر وعميل).. ومن الكأس الوطنية الصرفة ذاتها يتجرع السيد علي ناصر أيضاً مرارة التخوين والعمالة كلما نطق له لسان في هذه الصحيفة أو تلك , ولم يسلم من مثل هذه الهجمات حتى السيد عبدالرحمن الجفري الذي يطالب بتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية.. فحتى المطالبة السياسية من هذا النوع يشترط أن يقولها واحد منهم فقط.. وإن قالها شخص آخر من خارجهم ففيها شك وريبة ودسائس .. نعم إنها (وحدتهم وليست وحدتنا) !

ثم يأتي يوم 2 أغسطس الماضي ليقدم بالدليل القاطع تجذر هذه النظرية وتأصلها في فكرهم (الوحدوي الخاص) وهو بالمناسبة (فكر انفصالي) بامتياز ومع مرتبة الشرف .. حينما تتحول مدينة عدن (المنطقة التجارية الحرة) إلى (منطقة عسكرية حرة) يطلق فيها العنان لقوات الجيش والأمن لضرب كل التجمعات الجنوبية بكل ما في حوزتهم من أسلحة .. ويصبح وجه الشاب حسين يحيى الكليبي (مباحا) ومساحة حرة لكي تستقر فيه قاذفة مسيلات دموع في وقت لم تهتز فيه شعرة واحدة لإحساس بشري عند من قام بإطلاقها وهو يعلم أنها ستقابل وجه بني آدم مثله.

إن هذه المفاهيم الوحدوية الخاصة .. والتي استوجبت خلق (قانون الثوابت الوطنية ) لقمع تحركات أبناء الجنوب , هي التي أوصلت أبناء الجنوب اليوم إلى قناعة تامة وكاملة بأنهم قد باتوا على هامش الوحدة التي صنعوها بأيديهم وقدموا في سبيلها الغالي والنفيس, وأنهم وبموجب هذه المفاهيم الخاصة قد باتوا (ضيوف ثقال) على شركائهم (الوحدويين) و(غرباء معدمين) في بلادهم.. وعليه فقد قرروا أن يعلوا صوتهم فوق ترابهم قائلين «إن هذه وحدتكم وليست وحدتنا» وإن هذا القانون هو قانونكم وليس قانوننا.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى