المكلا.. أجواء حزينة وأسئلة حائرة

> «الأيام» علي سالم اليزيدي:

> تسود المكلا أجواء من الحزن والقلق في أول أيام شهر رمضان الكريم، إذ إنها لم تتخلص بعد من دموعها وهلعها وأحزانها لما شهدته من أوجاع وجراح إثر إطلاق النار والمداهمات والاعتقالات والوفيات التي جرت في شوارعها وأحيائها، وبعد دفن المغفور له الشاب صلاح القحوم الذي سقط برصاص العسكر يوم 1 سبتمبر الجاري مع عدد من الجرحى رأى معظم سكان المكلا سحباً تحلق في سماء المدينة وترافق هاجس الناس أينما ذهبوا، كل السكان: النساء، العجزة، الرجال، الأطفال والشباب والفتية من المكلا وبروم وفوة وروكب و الغيل وشحير شاهدوا ملامح أنفسهم في أنفسهم وهي تلقي بظلال قاتمة على كل شيء، ولم يعد شيء يفرج الحال عن شيء آخر.

لا بديل للحزن في الذات إلا الصبر، ومع الصبر يأتي الإيمان بأن جراح المكلا حتماً ستندمل، وستمضي الناس إلى شؤونها وأمورها، يتعاضد في تحمل الصبر مع سكان المكلا كل الطيبين وبسطاء الناس في كل مدن البلاد، ويدعو إلى تجاوز الأزمة كلها من عدن إلى حضرموت إلى يافع والضالع وطورالباحة، الحكماء والعلماء والدعوات المتطايرة، ألا توجد خطوة شجاعة جريئة يقف عندها الشجعان والرجال والنبلاء في السلوك والثقافة والوعي! كيف لا يقف الحاكم أمام قضايا الناس ويواجه التحدي الحقيقي ما بين التمادي الأعمى الذي يصطدم بالجدار ولا ينتج إلا عصياناً متبادلاً، وبين التفهم والتنازل والاعتراف والصدق الذي يخرج الناس والبلاد والأفكار والنوايا من الخنق إلى الانفراج؟!

نعم يمكن أن يحدث هذا بعقل حكيم دون انتقاص من كماله، ليش لا؟ والناس هم مواطنون في المكلا وعدن وعتق وميفعة وحالمين، وما هي الشجاعة والحكمة إذا لم تتوظف في اللحظة المناسبة واليوم المناسب والمكان التاريخي المناسب، أيضا ما جدوى التاريخ ورجال الحكم ومقام الرجال عند المواجهة وإقرار الحق والمصادقة عليه، وما الفائدة من خبرة وتجربة الحكم وإنجازات رجاله ومنظومته إذا لم يستجب عند النقطة المحددة للانعطاف مع دورة الأمن للقرار الشعبي؟! حتى لو كانوا نفراً بسيطاً تعطلت بهم سيارة في طريق وعرة ول امنقذ لهم إلا خطوة حاكم وفهم قيمة اللحظة وإنسانيتها وحقوقيتها بعيداً عن آلة الدولة ودعاواها، وافتعال الانفعال غير المبرر في أكثر الأحيان.

تعب هي الحياة! ولا طامع في الحكم إلا سقط دون أن يتلقفه الناس، ولن يبقى الزمن لهذا قبل ذاك، ولا يملك أحدنا أكسير الحلول وروح العصر كل زمن، الحزن الذي تتدثر به المكلا في هذه الأيام هو حزن الضالع ذاته أو حزن الشيخ عثمان وكريتر ودارسعد ورصد ولبعوس وسيئون وحوف وجاذب، نحن لا نرمي بالكلام من النافذة، لكننا نضع الكلام الذي قاله الناس في المكلا، كل هؤلاء رجال الثقافة والعلماء في المساجد والزوايا والتجار والفقراء قالوا.. لا يضيع حق، والعدل هو أساس الحكم والمحبة.

الرصاصة لا تبني دار العدل، والحبس لا يقيم سور الحقوق بل يهدمها، المندسون المنتفعون تحت دار الحكم أعداء للمكلا وعدن وأبين وتعز ولدار الحكم نفسها، إنهم يتسللون ويحفرون المكايد والمصائب والأوهام، وبعدها تسقط البلاوي على رأس القائم والحاكم، وتحزن المدن وما أشد حزن المدن حين تغضب!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى