رمضان موسم لشحذ الهم وصقل القلوب

> «الأيام» منير احمد الصلوي:

> علو الهمة، صفة عظيمة يتصف بها الرجال والنساء الذين يدركون معنى الحياة ويفهمون بعمق مدى التكريم الذي كرمهم به الله حين ميزهم عن سائر خلقه بما حباهم من عقل وإرادة، فجعل سبحانه وتعالى الإنسان خليفة في الأرض يعمرها بالخير، ولذلك فإن عالي الهمة يجد في كل صعوبة (فرصة) للنجاح، ويرى في كل مشكلة تواجهه (أملاً) يدفعه للتغلب عليها، ولذلك فإنه يتميز عن غيره من أرباب الهمم الضعيفة الذين يجدون في كل فرصة (صعوبة) ويرون في كل مشكلة (ألماً) فيعيقون أنفسهم بأفكارهم السلبية عن أن تحاول حل تلك المشكلة أو تتغلب عليها.. وشتان بين الفريق الأول صاحب الهمم العالية والفريق الثاني صاحب الههم المتدنية. فإن الأول له أهداف سامية تتحطم أمامها كل الصعوبات والعوائق، فتراهم يعيشون الحياة الإيجابية، ولأنهم يدركون أن المسؤولية تكليف وليست تشريفاً فإنهم يصيرون بحق مفاتيح للخير، مغاليق للشر.. (فخير الناس أنفعهم للناس).

فإذا ما حل موسم للخير فإنك تجدهم من أنشط الناس في اغتنامه وتعميم خيره، ومن هذه المواسم الخيرة (شهر رمضان المبارك) ففي الوقت الذي تجد أرباب الهمم العالية يحرصون على أداء هذه الفريضة على أكمل وجه، فإنك تجدهم يدركون معنى الصوم بحق، وكيف يصيّرون رمضان موسماً للإنجازات والخطوات الحثيثة نحو النجاح في شتى الميادين العلمية والعملية والروحية.

بيد أن ما يحز في النفس أن تتثاقل همة قلة قليلة من الموظفين مع بداية شهر رمضان المبارك عن إنجاز الأعمال والواجبات الوظيفية مما يتسبب في تعطيل مصالح الناس، والظهور بمظهر الإهمال والكسل والخمول بحجة أن رمضان هو السبب وأن الصوم يحول دون أداء الواجبات!! وهذا محض جهل بطبيعة الصيام وحقيقته، فرمضان هو شهر العمل وحسن الأداء، وإتقان الواجبات، لأن الصيام يصفي ذهن الفرد، ويزيد من تركيز وقدرته على العمل، وبالتالي تتهذب سلوكياته فيحسن التعامل مع الله ومع نفسه ومع الناس، كما أن معدة الصائم تخلو مما يثقل البدن ويرهقه، فتنطلق الروح ويسعد القلب ويصفى الفكر، كما أن الصوم يقوي العزم، ويعود الصبر، ويربي المؤمن على طول التحمل وقوة الإرادة، فيجد في عمله ويزيد إنتاجه.. وفي هذا الإطار نفهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم:«للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه».

وتاريخ المسلمين الطويل شاهد على أن هذا الشهر هو شهر الإنتاج والعمل، وشهر الانتصارات الكبرى ابتداء من بدر، ومروراً بفتح مكة وحطين وعين جالوت. فلنكن جميعاً من أرباب الههم العالية التي تسمو بنا وبأفكارنا وأعمالنا، ولتعلم عزيزي القارئ أن العمل مع الصيام يزيد ثواب الصائم، ويرفع من قيمة العمل وأجره يوم الحساب.. فمن المؤكد أنك ستعزم على جعل شهر رمضان شهراً للعبادة المخلصة والعمل الجاد؟!

فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى