«الأيام» في جولة استطلاعية في محافظ أبين قبيل يوم النحر:ارتفاع الأسعار يضعف القوة الشرائية لمتطلبات العيد ..الغلاء يسحق الناس والإجهاد باد على وجوههم وكأنهم يحملون هموم الدهر

> «الأيام» منصور بلعيدي:

> بدا العيد رتيبا عاديا في محافظة أبين، أيامه كسائر الأيام، ولا جديد فيها كما يفترض لاستقبال العيد الكبير بالأفراح والاستعدادات الكبيرة لاقتناء الحاجيات.. كمالية كانت أم ضرورية، أو هكذا خيل إلي وأنا أرقب ملامح الناس التي ارتسمت عليها سيماء الوجوم وحالة عدم الاكتراث، أو هي حالة الإحباط التي تلف الشارع اليمني بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، مما جعل الكثيرين أو الغالب الأعم من الناس غير قاردين على مجاراة السوق، وشراء احتياجاتهم ومستلزمات العيد.. فبات الكثيرون وكأنهم غير مكترثين، أو في حالة ذهول وكأنهم يحاكون المتنبي في قوله: عيد بأية حال عدت ياعيد؟

جميل سالم مطنوش، معلم احتار كثيرا في كيفية شراء كبش العيد، وملابس أطفاله الصغار الذين يريد لهم أن لا يحرموا فرحة العيد بمجاراة أقرانهم وهم يلبسون الجديد. حيرته تلك لم تدم طويلا حيث قرر إلغاء فكرة شراء كبش العيد بعد ان وصل سعره إلى 25 ألف ريال، وراتبه لا يتجاوز 35 ألف ريال، وقال بأسى:«يمكن لي أنا وأم العيال أن نصبر على عدم وجود اللحم في يوم العيد، لكننا لن نتحمل حسرات الأطفال إن لم نوفر لهم كسوة العيد». وأضاف: «الحمد لله على كل حال، فيوم العيد (يوم مار ماهو ضار)». حالة اليأس وحرمان لحم العيد وغيرها من متطلبات الحياة لم تكن حكرا على هذا المواطن (الغلبان) لكنه مجرد حالة أو نموذج للغالبية العظمى من الناس الذين يكتوون بنار الأسعار المرتفعة، وحالة الفقر التي تحول بينهم وبين اكتمال فرحة العيد، بسبب السياسات الخاطئة التي لا تضع في الحسبان قضية الارتقاء بمعيشة الناس واستقرارهم الاقتصادي بحدوده المعقولة على الأقل.

الحاج محمد عبيد (متقاعد) مدينة جعار قال:«إذا كان الواحد راتبه 25 ألف ريال، وعنده عشرة جهال، كيف يعمل؟!».

وأضاف: «هذا حالي، ولا أستطيع شراء كبش العيد، ولا ملابس العيد، ناهيك عن خدمات الماء والكهرباء أما التليفون فلا أبلغ درجة امتلاكه أصلا». أضاف بمرارة:«يا ابني عندي خمسة خريجين من أولادي بلا وظائف ويكفيني إذا وفرت لأولادي لقمة العيش الضرورية، ولكن نشتكي لمن؟».

محمد عبدالله لشرف (ملازم متقاعد) قال:«منذ إقعادنا قسرا في الحرب الظالمة عام 94م، نسينا حاجة اسمها (أضحية) ولحم العيد، خاصة إذا استثنينا وضعنا كضحايا لسلطة فاسدة لا تهمها معاناة شعبها». وأضاف: «العيد عيد الفاسدين، لأنهم يأكلون ويتمتعون بخيرات الوطن دون غيرهم، ولا يشعرون بمعاناة الناس الذين أوصلوهم إلى الفقر والكفاف».

ويتساءل بغضب: «أتعرف أن رواد السوق في جعار جاءوا لينظروا إلى المعروضات ولا يشترونها؟ لأنهم عاجزون عن الشراء، وهذا الوضع يشعرنا بالألم ونحن نرى حالة الناس قد بلغ بها الفقر مبلغا».

جمعية لشراء كبش العيد

عبدالرحمن الشعملي، قال:«اشتركت مع أقاربي في جمعية لشراء كبش العيد، والحمد لله نجحنا في شرائه، لكننا عجزنا عن شراء ملابس العيد، لأن متطلبات العيد كثيرة، من إسطوانات الغاز التي ارتفع سعرها فجأة، إلى تسديد فواتير الكهرباء التي لا نستطيع الاستغناء عنها لحظة في أبين، وغير ذلك كثير». ويضيف: «هل نحن في عام الرمادة؟».

الشيخ عوض هيثم (جعار) قال:«سيمضي العيد ونحن نبحث عن الحطب، خاصة مع الارتفاع المفاجئ لإسطوانات الغاز وانعدامها في العيد». وأردف ساخرا: «يبدو أن إسطوانات الغاز سيصبح عما قريب اقتناؤها من الترف في وطن يزداد فيه الفقر بمتوالية هندسية. أما تفجر مياه الصرف الصحي كالأنهار فحدث ولا حرج». وأضاف: «نتمنى من السلطة المحلية أن تحترم يوم العيد على الأقل، ليوقفوا سيل المجاري من الشوارع العامة لا أكثر، فانعاكاساتها على صحة الناس خطيرة».

الرئيس رقعها ثم جاء غيره خزقها

المواطن سالم حسن الناخبي (جعار) قال: «الرئيس عمل خيرا أن أمر بصرف راتب شهر ديسمبر للموظفين لمواجهة متطلبات العيد، لكننا لا ندري كيف سنتعامل مع مصروفات الشهر القادم الذي سيبلغ 43 يوما بالتمام والكمال على الاقل؟!. فالرئيس رقعها على العيد، ثم جاء غيره وخزقها برفع الأسعار، وربنا يستر».

أما المواطن عبداللاه اللقيطي (باتيس) فقال:«إذا اشتريت كبش العيد فلا أستطيع شراء الراشن (المواد الغذائية)، ولهذا شطبت لحم العيد من حساباتي، وسأشتري دجاجة لأولادي علها تطير بنا إلى الجنة، فنسبق أصحاب الكباش». وأضاف: «نحن أصلا كباش وإلا لما رضينا بهذا الوضع الذي أوصلنا إلى الحضيض».

أما المواطن سالم صالح ناصر (موظف في الواجبات) فحدثنا وولده يستعجله ويجره من قميصه قائلا: هيا اشتري لي ملابس للعيد، ويلح على أبيه باستجداء، ويكاد يجهش بالبكاء مما اضطر والده إلى إنهاء المقابلة معنا بضحكة باهتة كان وقعها مؤلما علينا قبله، لما شعرنا به من إحراج للرجل، ولم نتمكن من إتمام الحديث معه.

حسين بدر (مديرعام سابق) قال: «أنا بدرجة مدير عام، ولم أستطع تسديد الكهرباء، فتم قطعها علي، والآن وقعت في (حيص بيص)، هل أسدد فاتورة الكهرباء أم أشتري كبش العيد وملابس الأولاد؟، هذا حالي، فكيف حال من هم دوني في مستوى المعيشة؟!». وأضاف:«لقد وصلنا إلى حالة لم نكن يوما نتوقعها بسبب الإفلاس السياسي لحكومتنا الرشيدة». ويضيف ساخرا: «تصور بأن وزير النفط يصرح بأنه سيستورد الغاز من الخارج ، أين ذهب مخزون اليمن الهائل من الغاز؟ لقد باعوه برخص التراب».

رشيد الرهوي (أستاذ جامعي) قال: «اشتريت كبش العيد منذ مطلع هذا العام حتى أتجنب الغلاء الفاحش أيام العيد، أنا مستور الحال والحمد لله، ولكن يحز في نفسي أن أرى الناس من حولي يسحقهم الغلاء ويرهقهم ضغط الحياة المعيشية، ونرى الإجهاد في وجوههم، وكأنهم يحملون هموم الدهر».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى