> عدن «الأيام» خاص:

الشهيد صالح أبوبكر محمد السيد
وكان الآلاف الذين قدموا من مديريات عدن ومختلف المحافظات الجنوبية والشرقية قد توافدوا زرافات في وقت مبكر من صباح أمس إلى ستاذ 22 مايو إلا أنهم فوجئوا بقوات الأمن تمنعهم من دخوله بحسب إفادة عدد كبير من المشاركين في الفعالية، عندها توجهوا إلى محطة الهاشمي وتمكنوا من اختراق الطوق الأمني على مداخل المحطة رافعين اللافتات المؤيدة للقاءات التصالح والتسامح لأبناء الجنوب ومرددين الهتافات والزوامل الشعبية المطالبة بالاعتراف بالقضية الجنوبية ورفع المظالم عن أبناء الجنوب وتحقيق العدل والمساواة.

الشهيد أحمد علي محمد
وعند الساعة العاشرة وخمس وثلاثين دقيقة، انفجر الوضع داخل محطة الهاشمي الذي دوت فيه الأعيرة النارية الحية والقنابل المسيلة الدموع وتنفيذ حملة اعتقالات بالأطقم العسكرية طالت عدداً من المشاركين في المهرجان الذين تم اقتيادهم إلى مركز شرطة الشيخ عثمان الذي اكتظ بهم، ولم يعرف ما إذا كان قد أطلق سراحهم من عدمه حتى ساعة كتابة هذا التقرير الخبري مساء أمس.
وجرت عملية إسعاف للجرحى إلى مستشفيات النقيب وصابر والجمهورية حيث أجريت لعدد منهم العمليات الجراحية.
وتوافد المئات إلى المستشفيات للتبرع بالدم للجرحى.
وعند نقل جثماني الشهيدين أحمد علي محمد وصالح أبوبكر البكري عصر أمس في موكب كبير سار فيه المئات من مستشفى النقيب إلى مستشفى الجمهورية التعليمي مروراً بطريق الجسر البحري، فوجئ المشاركون في نقل الجثمانين بمنعهم من الدخول إلى المستشفى والسماح فقط لسيارات الإسعاف التي أقلت الجثمانين.

المصاب ثابت عبيد حازم
وفي محافظة الضالع أبلغ «الأيام» ستة من المواطنين بينهم الزميل غازي أحمد النقيب أنهم فوجئوا يوم أمس الأحد عند نزولهم بحافلات أجرة - تحمل رقم (20) وهو الرقم الذي يرمز إلى المحافظة في اللوحة المعدنية- بمنعهم من دخول عدن من قبل قيادات النقط الأمنية والعسكرية وإعادتهم إلى مناطقهم في المحافظة، معبرين عن أسفهم لهذا الإجراء خاصة وأنهم كانوا يرغبون في النزول إلى عدن لقضاء مصالحهم الخاصة.
وطالبوا الجهات المختصة بوقف مثل هذه التصرفات التي تسيئ إلى الأمن وتعطل مصالح المواطنين.
وفيما يلي تنشر «الأيام» كلمات المتحدثين في المهرجان الذي استهله الناشط الحقوقي والسياسي علي هيثم الغريب:
الغريب: لا جريمة أعظم من أن يمنع أبناء الجنوب من التصالح والتسامح
«نهنئ كل أبناء الجنوب حيثما كانوا وحيثما حلوا بهذا اليوم التاريخي الذي انتظرناه جميعا.. إن التصالح والتسامح هو من شيم الرجال، ومن قيم الإسلام ومن الأخلاق الإنسانية.. نعم لقد ابتلينا بماضينا، ولكن وجودكم خير شاهد على التسامح والتصالح، ونزف ألف تحية إلى إخواننا أبناء عدن الباسلة (عدن الحضارة والتاريخ) والذين يشاركوننا تطلعاتنا نحو غد أفضل ومستقبل آمن.

المصاب عبدالله علي ناصر البكري
إن مهرجاننا هذا جزء من النضال السلمي من أجل إعادة وطننا المسلوب، وإن ما تمارسه السلطة من سلب ونهب لأراضي الجنوبيين هي ممارسات بدائية ومخلة بالشرف والأخلاق، وتتنافى مع قيم ديننا الإسلامي الحنيف..
إنه لا جريمة أعظم من أن يمنع أبناء الجنوب من التصالح والتسامح ونسيان الماضي السيء.
يا أبناء مشروع التصالح والتسامح، يا من تجسدت في أخلاقكم قيم النقاء العربي والإسلامي..
نعم إن كل أبناء الجنوب هم تلاميذ عدن وأساتذة عدن.. وعدن هي مرجعنا وهويتنا.. وأبناء عدن هم من علمنا (ألف باء) العلم والسياسة والمدنية».
النائب باصرة: نضالنا اليوم انتزاع لحقوقنا السياسية والمدنية

«اسمحوا لي في البداية أن أحييكم باسمي ونيابة عن إخوانكم وزملائكم في النضال السلمي بحضرموت الخير والحضارة والثقافة، باسم إخوانكم في هيئة تنسيق الفعاليات السياسية ،ومؤسسات المجتمع المدني أن أشد على أياديكم جميعاً.
نحيي هذا المؤتمر الوطني الجماهيري التصالحي والتسامحي النضالي نشد على أيادي طلائع رموز النضال السلمي كل باسمه وموقعه ومركزه الاجتماعي، أحيي فيكم روح العزة والكرامة والرفعة والمنعة روح نكران الذات روح نبذ الخلاف والشقاق والنزاع، وأحيي فيكم روح تعميق قيم التصالح التسامح والتغافر والتآخي والتضامن والنضال السلمي.
نلتقي اليوم في عدن الباسلة عاصمة الحركة النضالية المدنية ليس في الجنوب ،بل في الجزيرة العربية نلتقى اليوم لنجدد عزمنا على مواصلة النضال السلمي الحضاري ، نلتقي لنرسم لوحة معبرة مضمونها الرفض القاطع لكل أشكال العنف المستهدف وسائل التعبير السلمية ومواجهتها بالرصاص الحي والقنابل وسلسلة الاعتقالات التعسفية والتهم الجاهزة والمحاكمات الصورية المتخطية لكل القوانين المشروعة.
إن وسائل التعبير والتظاهر السلمي حق مشروع، ورفض الظلم والمطالبة بالحقوق السياسية وفضح الفساد حق مشروع كذلك وإن الممارسات الظالمة التي تستهدف أبناء الجنوب وإلحاق الضيم بهم مرفوضة على نحو قاطع وليتذكر الجميع أن التاريخ لا يرحم وأن الظلم ظلمات يوم القيامة وأن الظلم قد أباد حكاماً ودولاً وأمماً وحضارات فهل نفقه!!

أثناء فحص الأطباء الجريح ثابت حسين ناشر
إن نضالنا اليوم هو انتزاع لحقوقنا السياسية والمدنية حقوقنا في الشراكة في القرار والثروة والمواطنة المتساوية حقوقنا في إدارة أمورنا بأنفسنا ليعيش أهلنا وأولادنا في كرامة وأمن.
إن نضالنا اليوم يتطلب منا ألا نستعجل فالطريق النضالي طويل وطويل جداً، وهو يتطلب منا صبراً ومصابرة ومرابطة ، وألا نمل ولا نيأس وأن نتفاءل بخير ولكن ينبغي لطلائع ورموز النضال السلمي أن ترص الصفوف وتنبذ الخلاف والشقاق وأن نتحمل بعضنا بعضاً وأن تسودنا ثقافة التفاهم وحسن الظن وأن نأخذ من كل مواطن ما استطاع وقاسمنا المشترك هو قضيتنا العادلة وليكن شعارنا لمرحلتنا القادمة التصالح والتسامح والتآخي والتغافر والتضامن والنضال المستمر حتى نتزع حقوقنا كاملة غير منقوصة.
وينبغي أن نؤكد على الأمور التالية:
-1 إن خيار النضال السلمي الديمقراطي الحضاري بكل أشكاله هو الخيار الوحيد لإنجاز أهدافنا وغاياتنا النبيلة
-2 التصدي وبحزم لكل المحاولات الرامية إلى إجهاض النضال السلمي من قبل النظام، أكان بالترغيب أو الترهيب، وعدم إتاحة الفرصة للمتربصين بهذا الحراك وشق الصفوف والعمل على فضح كل هذه السلوكيات المشينة.
-3 عدم التفريط بحقوق ضحايا النضال السلمي، وفي مقدمتهم الشهداء والجرحى، والمطالبة الجادة والقانونية المستمرة بمحاسبة الآخرين والمشتركين والمنفذين لإطلاق الرصاص الحي لينالوا جزاءهم العادل جراء ما اقترفوه من جرائم بشعة نعدها من جرائم الحروب الدولية.
-4 العمل على تعبئة وإشراك كل القطاعات العلمية والشعبية والفئوية في هذا الحراك، وخاصة المرأة لأنها شريكة الرجل في الحقوق والواجبات.

مدرعات بدت متمركزة في منطقة العند أمس
نحن أصحاب قضية عادلة وفي الوقت الذي نعلن تضامنا مع كل حق فإننا نرحب بكل صوت يرتفع لنصرة قضيتنا العادلة والتضامن معها ونضالنا مستمر حتى ننتزع حقوقنا كاملة غير منقوصة للمواطن والوطن.
والله أكبر والله أكبر والله أكبر
والله معنا والله معنا».
باعوم يجدد الدعوة إلى إزالة الخلافات

جانب من الطوق الأمني على مداخل محطة الهاشمي
وقال باعوم:«إن الجنوب بحاجة إلى تحقيق الانتصار لقضيته الرئيسية، الذي لن يتأتى إلا بالالتفاف والتآزر والتصالح والتسامح الذي شهدته وتشهده محافظات الجنوب.. وبهذه الهمة والعزيمة سينتصر الحق بإذن الله تعالى على كل الطامعين والناهبين للثروة والأرض وتهميش الإنسان واقصائه».
وجدد حسن باعوم في كلمته الدعوة إلى إزالة كافة الخلافات والترفع عن الصغائر في سبيل تحقيق الأهداف المرسومة المرجو بلوغها.
انتصار خميس : استطاعت ملتقيات التصالح تعزيز الثقة المتبادلة
وألقت الأخت انتصار خميس كلمة اللجنة التحضيرية لمهرجان التصالح والتسامح قالت فيها :
«يا أبناء الجنوب الأحرار يا من تساميتم على جراحاتكم وصنعتم بملتقاكم هذا أروع رسالة وأنبل نداء للأمة جمعاء ليطهروا قلوبهم من الحقد والبغضاء فالعفو عند المقدرة والعفو من شيم الكرام وأنتم أيها الكرام من تصالحتم وتسامحتم وتضامنتم، فرسمتم بذلك أجمل لوحة على أرض الجنوب الحبيب، والآن يا إخوتي هبوا لبناء البيت الجنوبي بتوحدكم ورص صفوفكم، نعم البيت الجنوبي الذي خربته عوامل التعرية السلطوية، فلتجعلوا يا إخوتي من أجسادكم الطاهرة إسمنتاً معجوناً بدمائكم الزكية لتبنوا أساسه المتين.

مواطنون يتبرعون بالمال لصالح المصابين
يا من وحدكم الظلم والقهر حول قضيتكم العادلة القضية الجنوبية التي تمثل قضية وطن وشعب أرادت له السلطة المستبدة أن تحول أرضه وثروته إلى غنيمة حرب مستباحة بعد حرب صيف 94م الظالمة المفروضة والمرفوضة.
من هنا من العزة الكرامة من عدن الشموخ نجدد تمسكنا بقيم التصالح والتسامح والتضامن الذي حثنا عليه ديننا الإسلامي الحنيف وأمرنا بذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فمن هنا لتعلنوا أيها الجنوبيون تصالحكم وتسامحكم وتضامنكم بصوت يصم الآذان ليعلم القاصي والداني بأنكم طويتم صفحة الماضي الأليم.
وإن هذا الملتقى ماهو إلا امتداد للحراك السياسي في الجنوب الحر والذي نعترف فيه بأن شرف الريادة والسبق في هذا الحراك السياسي وإبراز القضية الجنوبية على السطح كان لجمعيات المتقاعدين قسراً عن العمل عسكريين وأمنيين ومدنيين ومجلسها التنسيقي وهذا فخر لنا جميعاً.

المصاب ياسر سعيد محسن بعد خروجه من غرفة العمليات
وقد استطاعت هذه الملتقيات بجدارة أن تعمل على تنقية الأجواء وتعزيز عامل الثقة المتبادلة ورص الصفوف والسمو على جراحات الماضي وطي صفحاته المؤلمة وأسهمت بقدر كبير في توفير المناخات والأجواء المناسبة لحركة الاعتصامات السلمية وتأمين مواصلتها وتعتبر السور الحصين الذي يحميها.
وإنكم بهذا الملتقى يا إخوتي توجهون رسالة صريحة للسلطة التي استمرأت على الدوام إذكاء الصراعات والخلافات السابقة والإبقاء على فتيلها مشتعلا.
وبهذه الملتقيات ذات الطابع الإنساني والأخلاقي استطعتم أن تصدوا الأبواب وبقوة أمام أية محاولات من شأنها إنكاء جراحات الماضي المؤلمة، وباتت بضاعتهم بائرة غير قابلة للتسويق بضاعة متعفنة تزكم الأنوف.
نعتبر انعقاد هذا الملتقى الزاخر في عدن الحضارة ما هو إلا بمثابة اعتذار ودود لمدينة عدن الباسلة وأهلها الطيبين الذين عانوا من ويلات الصراعات الماضية والتي انتهت إلى الأبد وليعلم الجميع بأن الوحدة اليمنية المغدور بها من قبل النظام الحاكم، وحدة 22 مايو 90م لن يستقيم حالها بتحويل عدن الآمنة إلى منطقة عسكرية محرمة، بل بالرجوع لوثيقة العهد والاتفاق ونبذ عملية الإقصاء لشريك الوحدة.

المصاب ناصر سعيد بن سعيد
وفي الختام نقول هنيئاً لنا جميعاً هذا الملتقى الحاشد، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار وجرحانا الأبطال في الجنوب وإننا نقطع عهداً على أنفسنا بمواصلة النضال السلمي حتى يرد الاعتبار للجنوب أرضاً وإنساناً، المجد كل المجد لأبطال الحراك الجنوبي السلمي ولأبطال الجنوب دعاة التصالح والتسامح والتضامن.
بن فريد:قيم التسامح جنوبية الأصل والولادة والهوية
وألقى في المهرجان الناشط والكاتب السياسي أحمد عمر بن فريد كلمة في المهرجان.. قال فيها:
«يا أبناء الجنوب الأحرار.. يا أبطال التسامح والتصالح نحييكم من أعماق قلوبنا على هذه الروح الوطنية الكبيرة.

المصاب جمال سعد سعيد
أيها الإخوة .. إن قيم التسامح والتصالح تتطلب استيعاب الآخر الجنوبي استيعابا يتجاوز القول إلى الفعل وهو سبيلنا الوحيد لرص الصف الجنوبي وتحقيق تلاحمنا الوطني وإن قيم التسامح والتصالح تتطلب منا الوفاء لجميع أبناء الجنوب الذين ناضلوا من أجل تثبيت أركان القضية الجنوبية.
ويجب ان نذكرهم جميعاً ونكون أوفياء لهم ومن هؤلاء الدكتور محمد حيدرة مسدوس ود.أبوبكر السقاف والدكتور محمد علي السقاف والأستاذ فاروق ناصر علي والأستاذ علي هيثم الغريب وأعضاء من مجلس النواب كالدكتور الخبجي ود.عيدروس النقيب ولا يجب أن ننسى المناضل حسن باعوم وناصر النوبة.
أيها الإخوة.. إن التسامح والتصالح هو قيمة أساسية لصناعة الأرضية الصلبة التي سنقف عليها وصولاً إلى انتزاع حقنا الكامل غير المنقوص والذي ينشده اليوم جميع أبناء الجنوب».

علي هيثم الغريب أثناء إلقاء كلمته
وألقى شلال على شائع كلمة في المهرجان باسم أبناء الشهداء.. قال فيها:
«اسمحوا لي بالنيابة عن زملائي العافين المتسامحين أبناء الشهداء الأبرار، وبالأصالة عن نفسي أن أؤكد لكم بأن انتماءنا إلى قيم التصالح التسامح والتضامن الجنوبي، كقيم دينية واجتماعية وإنسانية نبيلة هو انتماء إلى شعب الجنوب الذي منحه آباؤنا كل الحب، وقدموا حياتهم في سبيل حريته وعزته وكرامته، ومن منظور الظروف التاريخية التي عاشوها، فليس من بينهم من خاض صراعا من صراعات الماضي المؤسفة من أجل مصلحة خاصة، فليس منهم من بنى قصراً أو امتلك رصيداً في بنك أو اقتطع أرضاً لصالحه أو نهب المال العام ليستثمره في أوروبا مما يفعله غزاة اليوم لأرض الجنوب الحبيب، بل جميعهم عاشوا فقراء وماتوا فقراء.
لقد كانت صراعاتهم صراعات سياسية وفكرية محكومة بزمنها وظروفها الموضوعية، حيث كان كل طرف يعتقد بأن فكرته السياسية هي الأفضل، وأنها القادرة على أن تحقق إنجاز أهداف الثورة التي سقط في سبيل انتصارها الشهداء الأبرار.

م. محسن علي باصره في المهرجان امس
إننا إذ نجدد معكم وبكم العهد بتجاوز أسباب ونتائج صراعات الماضي السياسية، بما هي تجربة سياسية بحلوها ومرها قد سقطت أسبابها وعواملها التاريخية، فغدا مكانها -لذلك- ذمة التاريخ.
والشعوب الحية لا تستجر آلام ماضيها ومآسيه، فتحولها إلى قيود لحاضرها وعائقا لمستقبلها، وإنما تتعظ من دروس وعبر الماضي، فتتجاوز ما يعيق، وتأخذ بما يخدم حاضرها وينقلها إلى المستقبل.

مواطن يداه ملطختان بالدماء بعد إنقاذه أحد الجرحى
ولكن هيهات.. فإن عام 2008م ليس عام 1994م و(المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين).

نعال الجرحى وحولها تناثرت خراطيش الرصاص
13 سنة أثبتت ليس فقط فشل مشروع الوحدة، وليس فقط بأن حرب 94م العدوانية كانت إعلاناً رسمياً عن فك الارتباط باتفاقيات الوحدة بين شريكي الوحدة المغدورة، وإنما كذلك عدم التزام النظام القائم بقرارات الشرعية الدولية، وعدم تنفيذ التزاماته للمجتمع الدولي يوم 7/7/94م، وبدلا من كل ذلك مارس أبشع الجرائم بحق الجنوب أرضاً وإنساناً وتاريخاً وهوية ثقافية، وهي جرائم فاقت بصورة مريعة ما فعله الاستعمار البريطاني في الجنوب طوال 129 سنة أضعافاً مضاعفة.
وكلها حقائق صارخة لهيمنة غير شرعية على الجنوب حولت الصراع إلى صراع هويات، صراع وجود ، علاقة لا تقرها شرائع السماء ولا قوانين الأرض، لقد صرنا غرباء على أرضنا، محرومين من خيراتها، وكما تعرفون من مظالم وجرائم.. ضحايا انتمائنا الجغرافي، وأوهام التاريخ الزائف.
إنهم يمارسون ضدنا ما لا يقره عرف ولا دين، 13 سنة ولا أحد استنكر ولا ندد ولا أخذته حمية العدل ليقف معنا، فإلى متى نبقى نحن ضحايا الخوف من إنجيل التكفير بجرم النضال في سبيل حقنا في حياة إنسانية حرة وكريمة؟! فأي جرم في أن نطلب ما يعيد إلينا حريتنا وكرامتنا، لا شيء يمنعنا اليوم، فإرادة الشعوب لا تنكسر، وشعب الجنوب لا خلاص له من هذا الكابوس، إلا بمواصلته نضاله السلمي مفتوح الخيارات من أجل استعادة دولته المستقلة».

النائب د. ناصر الخبجي يلقي البيان الختامي للمهرجان
وأكد المشاركون في المهرجان في بيانهم الصادر «أن مهمة التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي لا تنحصر في دلالاتها ومعانيها السامية في فترة معينة أو واقعة بعينها من تاريخنا المعاصر، وإنما تشمل كافة الصراعات ونتائجها خلال الفترة الممتدة من فترة ما قبل استقلال الجنوب وما بعده»، معتبرين ضحايا كل تلك الصراعات شهداء الجنوب.

عوم أثناء إلقاء كلمته
وأعرب البيان عن استنكاره واستهجانه للجوء النظام إلى استغلال الدين استغلالاً سياسياً يتنافى مع قيم ديننا الإسلامي الحنيف «وذلك من خلال توظيف فقهاء السلطة لإصدار الفتاوى التحريضية لإباحة دماء الجنوبيين، وتكفير نضالاته، كما حصل بجامع الجند بتعز في خطبة عيد الفطر، بحضور ومباركة أعلى هرم بالدولة».
وقال البيان:«إن ذلك السلوك السياسي المشين لن يؤثر اليوم في وحدة وتلاحم أبناء الجنوب بعد نجاح لقاءات التصالح والتسامح» داعيا العلماء في الجنوب «أن يقولوا كلمة حق للوضع المرير الذي يعيشه أبناء الجنوب بعد حرب صيف 94م الظالمة».

وأكد البيان «أن قضية الجنوب هي قضية جميع أبنائه بمختلف انتماءاتهم الحزبية، ومشاربهم السياسية، وتكويناتهم الاجتماعية، والمدنية، والقبلية، وهي القاسم المشترك لأبناء الجنوب في الداخل والخارج».

ودعا البيان السلطة «للاعتراف الكامل غير المشروط بقضية الجنوب بقرار سياسي، وإلغاء كل الإجراءات الاستثنائية الناجمة عن حرب صيف 94م العدوانية الظالمة، مؤكدا أن «أي مماطلة أو تسويف تجاه القضية الجنوبية، وعدم الاعتراف بها سيدفع باتجاه تأزيم الأوضاع ـ على نحو غير مسبوق ـ ويجعل كل الخيارات والاحتمالات مفتوحة على مصراعيها وتتحمل السلطة تبعات ذلك».

وعبر البيان عن الاحترام والتقدير والإجلال لشهداء النضال السلمي، ولكل شهداء وجرحى الجنوب، الذين سقطوا من أجل القضية الجنوبية، معلناً العهد لهم على مواصلة النضال حتى تنتصر القضية التي استشهدوا وجرحوا من أجلها.
كما حيا البيان بحرارة «جماهير النضال السلمي المكافح في مواجهة ثقافة القوة وعقل الهمجية والغطرسة».

مثمناً «كل الجهود المخلصة والأدوار المميزة والشجاعة المبذولة من قبل رجال إعلام وصحفيين ومتخصصين للتصدي لتلك الأساليب الهدامة».
كما أدان البيان «النهب المنظم لثروات الجنوب العامة والخاصة، وما يتعرض له ملاك ومنتفعو الأراضي الزراعية من نهب لأراضيهم ومصادرتها من قبل مراكز الحكم المتنفذة» معلناً في الوقت ذاته دعمه لكل الخطوات الإيجابية لتشكيل مجلس تنسيق الجمعيات الزراعية وغيرها من منظمات المجتمع المدني.
إلى ذلك أدان البيان بشدة «سياسة التوطين الهادفة إلى تغيير بنية السكان في الجنوب تحت مسمى (إعادة توزيع السكان) سيء الصيت أو تحت مسمى (مشاريع الشباب) الوهمية على حساب سكان وأرض الجنوب».. معلناً أن هذه السياسات يرفضها ويدينها أبناء الجنوب قاطبة.
وأكد المشاركون في المهرجان على «أن معاناة الغالبية من السكان في الشمال يحظون بتعاطف كبير من جانبنا، بيد أن إجهاض الوحدة بسبب قوى حرب 1994م المتخلفة التي ضربت مشروع الوحدة، قد حال دون نيلهم المكاسب التي كانت مرجوة من إعلان الوحدة» محملين «النظام القائم كامل المسئولية عما آلت إليه الأوضاع المأسوية في الجنوب والشمال».
ودعا البيان «كل أبناء الجنوب وبوجه خاص الأهل الأحباء في شبوة والحد والصبيحة وكافة قبائل الجنوب الى وقف الاقتتال والثأر بين الإخوة والأهل والأقارب»، مطالباً بإعلان هدنة لفترة زمنية كافية ليتسنى لكل الخيرين بذل الجهود المخلصة لتوفير أسباب وعوامل إصلاح ذات البين.

وشدد البيان «على ضرورة تعزيز وتوحيد الصف الجنوبي، وتوطيد عرى التلاحم والتماسك والسمو على الصغائر، وجعل قضية الجنوب فوق كل الاعتبارات والمصالح الشخصية، والعمل بوعي وإصرار على عدم إعادة إنتاج التصرفات الفردية والأفكار الشمولية الهدامة، وأساليب الإقصاء والإلغاء، ونبذ الكراهية والأحقاد والاصطفافات الضيقة القاتلة».
داعياً أبناء المحافظات الجنوبية كافة «إلى الحيطة والحذر من الدسائس المفتعلة لشق الصف الجنوبي، والاستفادة من دروس وعبر الماضي بعد أن جسد شعب الجنوب بالفعل الواعي والخلاق قيم التسامح والتضامن وإدراكه الجماعي لحقيقة أن الحاضر الذي يهيمن عليه الماضي لا مستقبل له».
وعاهد المشاركون في المهرجان في ختام بيانهم الشهداء والجرحى على مواصلة النضال السلمي.