ولكم في «أبو تريكه» أسوة حسنة ..لاعبونا بين «التقليد الارعن» والفن «المسرطن»

> «الأيام الرياضي» محمد العولقي:

> من سخريات زمننا «المكور» أن لاعباً مثل الإنجليزي ديفيد بيكهام يفرض إيقاع أخباره على شارعنا الرياضي، وتزور صوره ومستجداته كل بيت إلا من رحم ربي.. ويصطدم رونالدو بقطار سوء الحظ ويسفر الحادث عن إصابة قديمة وجديدة قد تسدل الستار على مشواره كلاعب كرة، مع العلم أنه المهاجم الوحيد الذي حطم الأرقام الكروية وفرض على «جينيس» إعادة ترتيب موسوعته من جديد .. رغم ذلك فإن أخبار رجل الإعلانات الأول تتصدر الأولويات، وكأننا بالفعل أمام نظام عولمة في خدمة الطرائف والغرائب.

بيكهام عامل ريجيم صارم بناءً على رغبة «الليدي» فكتوريا .. بيكهام يشتري طعاماً خاصاً لكلبه .. وزوجته تضع كاميرات رقابة على زوجها الوسيم في حديقة المنزل، حتى لا يلعب مراهق الإعلانات بذيله في غيابها.. فكتوريا تدفع آلاف الدولارات لبوديجارد مهمته متابعة الزوج الولهان كظله ،ورصد الهمسة .. والغمزة .. واللمزة .. وهذا غيض من فيض «مانشتات» تخوض لأجلها كبريات صحف العالم حرباً طاحنة بحثاً عن تحريك أرقام التوزيع .. وكلها ما نشتات لا علاقة لها بمستوى ديفيد بيكهام الكروي .. أعلم أن بيكهام «الوسيم» الذي يقتل الحسناوات ويمشي في الجنازة بارد الدم قد شغل الناس .. وشغل الدنيا بأخباره الموزعة على أكثر من مساحة إعلانية .. تارة رجل موضة من الطراز الذي يعذب «فالنتينو» في قبره، وتارة أخرى عارض أزياء يروج لملابس على مقاسه، لكنه أبداً لم يشغل الناس بمستواه كلاعب كرة قدم تحت العادي، لا يجيد سوى إرسال كرات بالونية إن صابت قالوا ياللروعة .. وإن خابت كما يحدث في الغالب قالوا الدلوعة ليس في يومه!

والسؤال الذي أطرحه على طاولة كل بيت كروي في بلادي مفاده، هل يمكن أن يكون ديفيد بيكهام قدوة حسنة للاعبينا؟

سؤال ملغوم في ظاهره .. براءة في الطرح .. وفي باطنه أسرار قد تذاع لأول مرة .. لكن..!!

عندما نحلل شخصية مثل بيكهام .. علينا أن نضع تصرفاته .. سلوكه .. مستواه .. طريقة تعايشه الاجتماعي تحت مجهر التقويم قبل الوصول إلى «خلاصة» تضعنا بالفعل أمام رجل قد يصلح وقد لا يصلح لمهمة كسب قلوب مجتمع شرقي محافظ كمجتمعنا العربي.

للوقوف على شخصية بيكهام الاجتماعية والإندماجية أسوق لحضرات القراء هذين الخبرين المتناقضين .. الأول عن بيكهام نفسه .. صريع الغواني .. الرجل الذي يفتح نوافذ «الصبابا» الملاح وغير الملاح في مدينة الضباب وغيرها .. وهو ذاته الذي شغلت قبلته «الباردة» التي طبعها على وجنة فتاة شقراء المعالم .. وتصدرت هذه «القبلة» صحف العالم السياسية والرياضية .. أما لماذا؟ فلأن الفتاة ارتعشت قبل أن يغمى عليها واستحق الموقف الاستعانة بكأس من الماء البارد من البارد بيكهام .. الذي ابتسم لأنه يعلم أن قبلته توازي ابتسامة الموناليزا .. طبعاً وسامة وشياكة وأناقة بيكهام عجَّلت من حركة خفايا القلب، وهي ما أحدثت اضطراباً في دورة الفتاة الدموية، فهل هذا الموقف يستحق أن نصفق له على أنه يساوي بطولة لم تستطع قدما ديفيد الفوز بها.

الخبر الثاني محوره «الليدي» فيكتوريا ربة الصون والعفاف مدام ديفيد .. فيكتوريا أرادت أن تسجل موقفاً تعاطفياً مع مرضى السرطان في مختلف بقاع وزوايا الأرض، فوقعت في أسر حملة إعلانية غير مسبوقة مستخدمة شهرة زوجها، فماذا فعلت؟

ظهرت في الإعلان لابسة من غير هدوم .. يعني عارية تماماً .. عدا عبارة تضامنية مع مرضى السرطان لم تصادر علامات الدهشة والاستغراب من سيدة في مقام ملكة.

ورغم أن بعض المعجبين بمدام ديفيد حاولوا تعليق هذا الإعلان على شماعة أن الدنيا حر ومحدش طايق هدومه .. إلا أنني تذكرت أننا في برد كانون الذي لايبرر ما أقدمت عليه التفاحة السمراء الممشوقة كشجرة الأبنوس، فهل هذا هو المثل الأعلى الذي شغل الناس بمن فيهم لا عبونا؟

مشكلة بعض لاعبينا أن ثقافتهم على قد الحال .. وأنهم عندما يتأثرون بأي نجم عالمي يمتصون سلبياته ويصبغون بها شخصيتهم وهنا تكمن الكارثة، لأنه من المفروض الذي لا ينسجم مع المرفوض أن يتعلم لاعبونا بعضاً من الخدع الكروية .. ولكن أن يتقمص هؤلاء اللاعبين الجانب المظلم من شخصيات نجوم العالم .. فمعناه أنهم لن يغادروا جلباب «إدمان» تقاليع لا تمت لأخلاقنا وقيمنا بصلة.

عزيزي اللاعب إذا أردت أن تختار نموذجاً يحتذى به فادرسه من جميع الاتجاهات حتى لا تنزلق وتغرد معه بعيداً عن الهوية والإنتماء. لقد انتقدنا اللاعب علي مبارك لاعب الهلال الساحلي، لأنه لبس قناع رونالدينيو وأجرى عملية «صنفرة» ليبدو في الظاهر مثل رونالدينيو، ولم يركز علي على مستوى وقدرات اللاعب البرازيلي ليطور مستواه .. كل ما فعله أنه أطلق العنان لشعره .. وربطه بشريط أسود على طريقة رونالدينيو، ولم يعد ناقصاً سوى منحه الرقم (10) لتكتمل عملية التقليد الظاهري وليس الباطني.التقليد لا يمكنه أن يمنحك طاقة نجومية،ولا يمكن أن يفرضك النجم الأول لشباك التذاكر..التقليد أعمى البصر والبصيرة ، ولنا في حكاية الغراب الذي قلد مشية الحمام فنسي مشيته عبرة.

إصنع نجوميتك بنفسك .. بعرقك .. وجهدك .. وكدك، وضع أمامك صورة للنجم المصري الخلوق سلوكاً وأداءً «محمد أبو تريكه» الذي بات نجماً عالمياً يتصدر الاستفتاءات العربية والدولية لأنه نموذج للاعب المطيع لله سبحانه وتعالى ، والبار بوالديه.

أما تقليد العجم الذين يموتون في«أورشليم» لن يجلب لك سوى فاصل من تهكم جماهيري قد يحبطك نفسياً ومعنوياً مع تزايد وتضاعف النافخين في كير التعليقات الكاريكاتيرية..فما الذي يمكن أن تضيفه لك تسريحة شعر كانو العجيبة .. وقصة ذيل الحصان لأوجويرو الغريبة .. إختر نجمك المفضل بعناية، وخذ منه إيجابياته كلاعب.. وليس سلبياته كإنسان يختلف عنك في الدين والعقيدة وأمور أخرى لا أظنها غائبة عن ذهنك.

دورينا حافل بلاعبين عرب ماركة مقلدة لما نشاهده من تقليعات وظواهر دخلت البيوت في دنيا العولمة والعصرنة والأنسنة دون استئذان .. ووجدت للأسف من يروج لها ويدللها وينقلها بنظام التناسل إلى الآخرين بعيداً عن البعد الثقافي للاعب المحلي..طبعاً لا أنصحكم بالاقتراب من تصرفات مارادونا المدمن والذي برع كأفضل «شمَّام» للمخدرات في بر وبحر أمريكا الجنوبية، لأن هذا الجانب المظلم من حياته لن يخدمك بل سيضرك ، ولكن لا بأس من الاعتراف به كأفضل لاعب في تاريخ الكرة وبعبقريته في الملاعب، لأن هذا جانب مضيء في حياته فانظر له، وإياك.. إياك أن تتقمص شخصيته خارج الملاعب.. فهذا كفيل بزيادة عدد شمامي المخدرات بمختلف أنواعها.

لاعب الكرة مثل الفنان تماماً الكل يتذوق رحيق المتعة بمختلف ألوانها .. لكن زمن اليوم مختلف .. هناك نانسي عليها جرم، عفواً نانسي عجرم .. تفسد الكلمة واللحن، وهناك أغنية«اركب الحنطور درجن درجن» موضة بين الشباب والأطفال..وهناك هيفاء وهبي التي تحتاج أغانيها إلى «مترجم» خصوصاً وهي فنانة تهوى «تعليب» الفيديو كليب الذي يخدش الحياء ، وهناك جواد العلي الذي قرر أخيراً مساندة المنتخب السعودي بأغنية نأمل أن لا تكون فألاً سيئاً على الأخضر الرائع.

على فكرة هناك لاعبون تكاثروا على صخب فناني اليوم ، فبيكهام لا يتذوق «فنه» الكروي إلا من حفظ كلمات أغنية «اركب الحنطور واتحنطر درجن درجن» ومدام فيكتوريا لها معجبون من طراز «بوس الواوا» و«شخبط شخابيط» .. لاحظوا أن كل من يدور في فلك بيكهام وعارضة الأزياء لم يتذوقوا فن زيدان أو بيليه أو مارادونا كروياً، كما أنهم لا يفرقون بين المعلق حاتم بطيشة والملحن عمر بطيخة، تماماً مثلماً أنهم يقطبون الجبين من «لسه فاكر» و«صافيني مرة» و«مستنياك» و«أيظن»..نعم كيف لا يفقد جيل اليوم حاسة التذوق ومعجبات الشرق يرددن مع طلة بيكهام البهية أغنية «ديفيد .. حبيتك يخرب بيتك».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى