قصة قصيرة.. الأعمى

> «الأيام» محمد سعيد الكثيري:

> أمام المؤسسة الاقتصادية بالمكلا ثمة حافلات لنقل الركاب، تتخذ لها من فسحة صغيرة موقفا لفرزة لنقل الركاب المتجهين نحو فوه بشقيها الجديد والقديم، وصولا إلى حي الشافعي في ابن سيناء.

عقارب الساعة تشير إلى الرابعة والنصف عصرا، وشمس حزيران اللاهبة تتاهب للمغادرة تاركة على الأرض بعضا من حرارتها وشيئا من الرطوبة. ثمة سيارات صغيرة تتوقف بين حين وآخر لتلفظ من جوفها أحد الركاب المتجهين إلى فوه.

توقفت سيارة صغيرة خرج منها رجل في العقد الخامس من عمره، بدين الجسم، كثيف الشعر الممزوج ببعض الشعيرات البيضاء، رحب به محصل الباص بعبارات خالية من حرارة الود، فهو لايريد الرجل إنما يريد أجرته:

- اطلع يا أخي.

- خلينا هنا حتى يمتلئ الباص قليلا.. ألا ترى ما يفعله الحر بنا.

- اطلع، اطلع.. دقائق ويمتلئ الباص.

زمجرت ماكينة الباص، وتململ قليلا نحو الأمام والخلف، ثم انطلق نحو هدفه والركاب كل في حاله.

وبينما كان الباص يجتاز منطقة امبيخة رن تلفون محمول بنغمة لذيذة، تلفت الركاب، وإذا بالرجل البدين يخرج الجوال من آخر قطعة من ثيابه، ثم يبدأ بالاتصال، وفي الختام صاح لافتا الجميع نحوه:

- ماذا تقول؟.. تريدني أن أتصل عليك بالرقم المدون في الشاشة؟.. ألا تعرف ألا تعرف.. وتلكا في الكلام وقال بصوت كسير:

- ألا تعرف أنني إنسان أعمى.. ألا تعرف؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى