(الحرام في الجنة) رواية ستعيد الاعتبار للرواية في عدن بعد زمن من الانحسار

> «الأيام» خالد قائد صالح:

> في أمسية رمضانية جميلة نظمتها واحتضنتها بمقرها جمعية تنمية الثقافة والأدب في عدن - دارسعد، يوم الأربعاء 3 سبتمبر 2008 الموافق الثالث من رمضان 1429هـ، تمَّ الاحتفاء بميلاد أول رواية للكاتب الروائي مختار مقطري (الحرام في الجنة)، وهي أول إنتاج روائي لكاتب تميز بكتابة القصة القصيرة والقصائد الغنائية، وكذلك تميز بكتاباته الصحافية البديعة في مجالات شتى أهمها كتاباته في المجال الفني، وكان لصحيفة «الأيام» الغراء نصيب الأسد من نشر هذه الكتابات.

أدار هذه الفعالية الزميل أحمد السيد، وحضرها نخبة من المثقفين والمهتمين بالمجال الثقافي عموما، ومجال الرواية على وجه الخصوص، وفي هذه الأمسية الجميلة التي تمنينا فيها حضور الإخوة في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في عدن ليشهدوا الاحتفاء بولادة هذه الرواية وهذا الروائي المبدع الذي امتلك ناصية الكتابة السردية فنا وتشخيصا بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه حول أحداث الرواية والأفكار التي تتضمنها.

وحول المداخلات التي قدمت في هذه الأمسية تحدث الأستاذ الناقد الأدبي والشاعر عبدالرحمن إبراهيم قائلا: «رواية (الحرام في الجنة) تمثل إضافة إلى حقل الممارسة الروائية، وتبشر بميلاد روائي يمني جديد، وتطمئن القارئ والناقد بعد انحسار فن كتابة القصة والرواية مقارنة بفن الشعر الذي ظل له سلطانه الغالب، وفي هذه الرواية كثير من التفاصيل والجزئيات التي تحتاج إلى استغراقات عميقة في دقائقها، وهي تثير عددا من الإشكالات النقدية، ففيها مجالات تلفت النظر على صعيد البناء الفني، وعلى صعيد محورها الأساسي، وهو المحور الجنسي الذي يعد مهما في نمو وتصاعد عملية البناء الروائي دون أن يستخدم للإثارة، وهي بهذا تخوض في عنصر يحرم الخوض فيه في وطننا العربي، وفي هذه الرواية شيء من الجاذبية والاستفزاز الذهني اللطيف لتحليله وتفسير أبعاده، وعنوان الرواية يحمل تناقضا بين (الحرام) و(الجنة) التي لاتقبل إلا كل ما هو حلال.. والإهداء مستفز أيضا. أما اللغة المستخدمة فهي على ثلاثة مستويات، اللغة الفصحى التي تدور ما بين العادي الشاعري، واللغة الوسطى المفهومة للمثقف والأمي على حد سواء، واللهجة العامية، وشخوص الرواية متواجدة بمفاهيمها الثلاثة (النامية) و(المسطحة) و(النمطية)، وهذه الرواية تفتح المجال لدراستها عبر مناهج مختلفة، لأنها مشحونة بالتاريخ والدين والجنس وأيضا السخرية.

والكاتب ركز في هذه الرواية فقط على البطل، وهو ليس إيجابيا، يرفض الواقع، لكن بأدوات ليست قادرة على التغيير، وشخصية البطل تتأرجح بين (الأنا) و(الهو) و(الهم) بدليل نهاية البطل المأساوية في محاولته التغيير السلبي، فذات البطل حاولت الاصطدام بالواقع، ولكنها انهزمت بمحاولة الانتحار، وللانتحار وجه نرجسي».

أما الأستاذ الجامعي الأديب الناقد محمد علي يحيى المتخصص في مجال نقد الرواية الأدبية فقد تحدث عن هذه الرواية من خلال مداخلته التي قال فيها: «هذه الرواية تعبر عن ولادة كاتب روائي مقتدر بإمكانيات جميلة، وهذا العمل يمثل بحق إعادة الاعتبار لكتابة الرواية في عدن.. أما لغة الرواية فهي ليست معجمية، ولكن بها مراعاة لقواعد اللغة، حيث يحرك الكاتب أواخر الكلمات بعكس روايات أخرى تحبذ السكون، وهذه الرواية موفقة في كثير من الأشياء إلا العنوان الذي ينقلنا إلى دلالات أخرى، تذكرنا بأسماء الأفلام المصرية في خمسينات وستينات القرن الماضي.

وما لفت انتباهي في هذه الرواية هو قدرة الكاتب على الإمساك بخيوط النسيج الروائي، وهو أراد أن يوضح أزمة القضايا السيكلوجية، فأراد لها أن تكون نفسية، وأن تكون تسجيلية أيضا، وحاول تسمية الأماكن والمواقع التي أثقل بها الرواية، وكان بإمكانه أن يتخفف منها، ففي المدينة يمكن أن يتم معرفة الشخوص، خصوصا عندما يذكر أسماء لشخوص يمكن أن تكون معروفة واقعيا، كما أن الكاتب رصد الحياة الاجتماعية وتطورها بعين الفنان المبدع من خلال البطل المأزوم. ومن الملاحظات التي تؤخذ على الكاتب كيف جعل للطفل هذه القدرة على استجماع التفاصيل الوصفية؟، لأن هناك فرقا بين الراوي الدكتاتور والراوي المتكلم، وواضح أن الكاتب تدخل ووصف على لسان الطفل.

ويتضح من هذه الرواية أن للكاتب أسلوبه المستقل، وشخصيته المستقلة، اللهم في بعض الأمور البسيطة، وهي ليست ذات بال.

كما لاحظنا أن الكاتب أثقل الرواية بحديثه الطويل عن فلسفة الموت، ولو أنه تحرر منها لكان وضع الرواية أفضل.

وقد لاحظنا أن الجزء الأول من الرواية كان فيه تألق جميل، وفيه شاعرية في اللغة، ونستطيع أن نقول إن الكاتب مختار المقطري قد صب لنا الماء والسراب في هذه الرواية، وقد استطاع أن يصور لنا فيها المعاناة ببراعة».

أما الأستاذ محمد مبارك حيدرة رئيس جمعية تنمية الثقافة والأدب، وهو آخر المتحدثين الرئيسيين، فقد تحدث عن هذه الرواية قائلا: «لقد استطاع الكاتب مختار مقطري أن يمر إلى الرواية من خلال القصة، وقصة (سلمى) كانت مدخله الأساسي لهذه الرواية، أما البؤرة السردية في هذه الرواية فتبرز في الحديث عن مدينة عدن منذ ستينات القرن الماضي، وعناصر البؤرة السردية هي السارد، وهو حالم خارج إطار الواقع والمسرود به، مراحل تبدأ من فترة الاحتلال البريطاني حتى ظهور عبدالمولى، وعنصر المسرود له.

والمكان في هذه الرواية واضح، وهناك إفراط غير عادي في ذكره، كتكرار (حافة دبع) الذي أغرق الرواية في محلية مسرفة لايستطيع القارئ العربي أن يستوعبها، والكاتب يحمل البطل كـ(راوي) أكثر مما تحتمله شخصيته، وهو السارد في الأساس، أما مصائر شخصيات الرواية فيتضح أن الحرب والجنس تسببت لهم بمصائر مؤلمة.

وختاما نجد الكاتب مختار مقطري روائيا بتقنية جديدة غير التقنيات المعهودة في الروايات اليمنية الكلاسيكية».

وكان الكاتب مختار مقطري قد قدم شكره للجمعية، تقديرا لها لاستضافتها هذه الاحتفائية، ومشيرا أيضا إلى مراحل اشتغاله بمجال الأدب التي بدأها بكتابة الشعر الغنائي في سبعينات القرن الماضي مع الفنان نجيب سعيد ثابت، ثم بكتابة القصة القصيرة في ثمانينات القرن الماضي أيضا، ونشره لها حينها في صحف «14 أكتوبر» و«صوت العمال» و«مجلة الحكمة». ثم تحدث عن مرحلة التسعينات التي كتب فيها المسرحية بإيعاز من المسرحي ياسر علي سلام الذي توسم فيه إمكانية الكتابة المسرحية، فكتب للمسرح، وشاركت بعض مسرحياته في مهرجانات مسرحية داخل وخارج الوطن، ثم مرحلة الكتابة الروائية التي أيضا مارسها بإيعاز من المهندس محمد مبارك الذي توسم فيه القدرة على كتابة الرواية، فكانت هذه الأمسية هي لحظة الميلاد لروائي ورواية، بينما يعمل الكاتب على استكمال روايتة الثانية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى