نكبة النكبة

> رياض عوض باشراحيل:

> وقعت الواقعة، وحلت في حضرموت والمهرة جراء شدة الأمطار وغزارة السيول الجارفة التي حاصرت الناس ودمرت المساكن والممتلكات وأكلت الأخضر واليابس.

لعب المواطنون الحضارمة الدور البطولي المشرف وكان رد الفعل الشعبي الحضرمي المستند إلى الإيمان والعقيدة والعزيمة عظيماً في هذه الأزمة، فهذا يقرع الباب لينبه الآخر بالكارثة وضرورة التحرك السريع لتفادي الخطر، وآخر يهرع إلى جارته العجوز الوحيدة في منزلها ليوقظها من نومها ويأخذها مع أسرته إلى مكان آمن، وثالث سخر سيارته لنقل جيرانه أسرة تلو الأخرى من منازلهم إلى حيث الأمان، وفريق من الشباب الأشداء ينبشون في حطام المنازل المنهارة ليس بحثاً عن كنز أو مغنم، كما يفعل البعض، ولكن بحثاً عن طفل أو رجل أو امرأة تحت الأنقاض .. مشاهد كثيرة في هذه الأزمة ومواقف عظيمة برزت التلاحم العضوي والتكاتف الأسري والتكافل الاجتماعي والإنساني في المجتمع الحضرمي في أروع صورة .

إن تلك المواقف ظاهرة للعيان في الأزمة، ولكنها كانت أكثر بروزاً في المدن والمناطق الأكثر تضرراً مثل ساه وتريم وشبام والقطن والمكلا وغيرها .. والحقيقة أن صور الدمار الهائل في المنازل وفي الممتلكات الخاصة للمواطنين والممتلكات العامة وصور المدن والقرى المحاصرة من كل الاتجاهات بالفيضانات العارمة والسيول الجارفة ومشاهد المنكوبين من الشيوخ والأطفال، وهم يئنون فوق انقاض منازلهم المنهارة ومشاهد إيواء تلك الأسر في الخيام والمدارس.

إن تلك المشاهد الأليمة والصور المؤثرة التي نشرتها جريدتنا «الأيام» في تغطيتها للحدث وبثتها القنوات الفضائية اليمنية والعربية تختزل كل تعبير عن كل وصف، كما أن مشاهد دموع الأطفال الذين فقدوا أهلهم أو الذين روعهم الخوف وهم يمتطون المروحيات أو يخرجون منها تقطع نياط القلب وتتلف الأعصاب وتمزق الوجدان، كم نأمل أن يكون لها صدى في ضمائر ذوي الذمم الفاسدة .

الجرح غائر، والنكبة دامية والأزمة عميقة، وهي ظرف استثنائي كبير يحتاج إلى خطوات كبيرة، لقد فقدت الجماهير الثقة في أداء أغلب الأجهزة الحكومية ومصداقيتها، فقد الشعب الثقة في جيش من الفاسدين الذين لازالوا يمتطون سلم المناصب والمجالس المحلية ويسخرون كل شيء لمصالحهم الخاصة.

فكيف يؤتمن مثل هؤلاء على حقوق الناس، وكيف يمكن لفاسد أن يحمي حقوق المنكوبين من المعونات والمساعدات، وكيف يناط بالفاسدين الظالمين توزيع المعونات توزيعاً عادلاً على المستحقين من المنكوبين إنه أمر مؤسف حقاً لاينم إلا عن استخفاف بمعاناة الناس وآلآمهم، إنهم آفة خطيرة يعرفهم الشعب شياطين وتعرفهم الدولة ملائكة.

لقد استأثروا بكل شيء فما الذي يمنعهم من الاستئثار بالمعونات أو تسجيل في قوائم المتضررين من لم يتضرر ومن يقضي حياته كلها في العراء ويتسول في الشوارع وينام في الساحات فبتسجيله سيحصل على الغذاء ومحتاجاته اليومية، وقد يحصل على منزل على حساب أسرة منكوبة فألف من هؤلاء تذهب بألف أسرة منكوبة إلى مهب الريح بل إلى الهاوية ؟!

إن المحافظة على حقوق المتضررين وتوزيعها توزيعاً عادلاً واجب ديني وأخلاقي وقانوني، فهل نأمل في روح صادقة وعين أمينة تراقب.

وهل نأمل في يد من حديد تبطش باللصوص والسماسرة والمتسلقين على حساب المنكوبين والمتضررين من أهلهم، لا وقت للمداهنة ولا للملاينة ولا للمساومة ولا للمحسوبيات، الأطفال والنساء والشيوخ دون مأوى ودون أكل أو ماء، مسرح النكبة يحتاج إلى علاج فوري عاجل لأمراض المسؤولين والمتنفذين في الدولة سواء بسواء مع علاج آثار النكبة، إنهم يزيدون المتضررين ضرراً ومأساة وألماً، ربما أكثر من ضرر وألم ومأساة النكبة، إنهم نكبة النكبة، الفاسدون وأصحاب الضمائر الميتة والذمم الصدئة في هذه الظروف الصعبة يحتاجون إلى العلاج الوحيد، وآخر العلاج وهو الكي (ولي ماكوى فوق البخص بلاش كية مايؤثر..).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى