دبع الداخل أنارت الدنيا ماضيا وأهملت حاضرا

> الشمايتين «الأيام» محمد العزعزي:

>
منطقة دبع الداخل تعتبر جزءا مهما من مديرية الشمايتين بتعز لا تزال حتى اليوم تعيش في الظلام الدامس الذي يخيم على قراها المتناثرة هنا وهناك ولا ندري ما هو السبب في تأجيل مشروع إدخال التيار الكهربائي أسوة بالمناطق الأخرى، والغريب أن مستوصفها اليتيم عاجز عن أداء مهامه نتيجة خلوه من الأطباء والدواء والأجهزة.

تمثل دبع الداخل بجميع رموزها شمالا وجنوبا رمز العطاء والتنوير في شتى المجالات وكانت ماضيا وحاضرا الشعلة المضيئة والبسمة الحانية واليد البيضاء الناصعة للوطن والمواطن على السواء، نجد ذلك من خلال إسهاماتها في رفد الثورتين بالعرق والدماء وما تزال مآثر مناضليها ماثلة في ذاكرة التاريخ ويمثل تجارها الرافد الوطني للدفع بحركة الاقتصاد في الداخل ودول الجوار الشقيقة إلى الأمام فكان ذلك وساما يزهو على صدر رموزها ممن أسهموا بالفعل في الحركة التحررية والتنويرية والاقتصادية وفعل الخير الذي امتد إلى المناطق المجاورة ومن العيب تركها الصورة نفسها تعاني من الظلام والحرمان وتدني المستوى التعليمي والانفلات العام. هذه المنطقة بحاجة إلى إعادة النظر وصياغته من جديد حتى تواكب عصر التحديث باعتبارها السباقة لوضع مداميك البناء والتعمير فكريا وتجاريا .. فمن يحن عليها ويقيل عثرة هذه الجوهرة الثمينة المنسية؟

السكان :

قال رئيس لجنة الخدمات في المجلس المحلي مفيد الدبعي:«بلغ سكان عدد سكان دبع الداخل قرابة 8500 نسمة وعدد المهاجرين في الداخل والخارج 8 ألف نسمة»، ويتأثر النمو السكاني بتدني المستوى المعيشي والظروف الاجتماعية وانعدام الصحة وتردي التعليم والهجرة.

وترتفع خصوبة المرأة ما أدى إلى رفع نسبة المواليد ويعتبر الهرم السكاني فتيا ويتطلب ذلك توفير الخدمات الحكومية للطفولة والشباب حتى يحس الإنسان بالأمن والثقة بالنفس.

وتعتبر هذه المنطقة رافدة أظهرت عددا من الأشخاص المتميزين في شتى المجالات الحياتية والعلمية والتجارية والكوادر النوعية والفنية.. وفي هذا الصدد قال مفيد يحيى عبد الخالق :

«من رموز المنطقة الفقيد محمد علي الأسودي وزير الدولة لشؤون الجنوب اليمني المحتل بعد الثورة وعُين سفيرا في الجزائر وبعد أحداث 5 نوفمبر سجن ثم سافر إلى موسكو وحطت به الرحال لاجئا سياسيا في القاهرة حتى وافته المنية هناك.

ومن الشهداء في كريتر عدن عام 1967م عبدالرزاق يحيى عبد الخالق والشهيد الحي فتح الأسودي هذا المناضل ضحى بماله ووقته من أجل الثورة وهو رجل تعاون من الطراز الفريد».

الزراعة والمياه:

تتميز دبع بأنها ذات تربة خصبة مفككة وجيدة التهوية وتزرع الحبوب الغذائية: كالغرب والدخن والذرة والدجر وهي لا تكفي حاجة السكان كما تزدهر زراعة المانجو والليمون الحامض والإنتاج بكميات تجارية وانقرضت زراعة البن والنخيل وأخيرا انتشرت زراعة القات ذي الجودة العالية الذي استنزف مياه الخزانات الجوفية والذي زُرع على نطاق واسع بمزارع كبيرة تدر دخلا كبيرا على المزارعين .

إلى ذلك تمتد شبكة مياه الشرب للمنازل وأكد الأهالي أن مشاريع المياه بدأت منتصف السبعينات وقامت الدولة بعد الوحدة بتزويدها بالأنابيب والمضخات والآبار لكن تظل المشكلة أين تذهب الموارد المالية؟ وتحتاج المنطقة إلى سدود وخزانات تجميعية لمياه الأمطار للإفادة منها وإعادة استخدامها في الزراعة وتغذية الخزانات الجوفية لتعويض الفاقد من الاستخدام الجائر.

الكهرباء:

ما تزال القرى المظلمة تعتمد على موتورات خاصة ويعتمد غالبية الناس على إضاءة الفوانيس و(القماقم) رغم الوعود الانتخابية منذ عام 1993م وحتى اليوم لم تصل هذه الخدمة الضرورية ليدخل أبناء دبع عصر الضوء .وأفاد بعض المواطنين بأن أعمدة الكهرباء الخشبية سقطت أرضا ولم تجد من ينصبها وأخرى قائمة مصنوعة من الفولاذ وتحلم بالأسلاك ومدها بالطاقة. وتمر خطوط الربط العالي فوق القرى من منطقة الصافية إلى بني شيبة لكنها لم تفد أحدا، وطالب أهالي قرى دبع الداخل وزارة الكهرباء بمد التيار الكهربائي أسوة بالمناطق المجاورة .

الطرق :

يوجد طريق إسفلتي جديد طوله 5كم تقريبا يربط بين الصافية مرورا بدبع الداخل ويتصل بطريق وعر إلى بني عمر، كما تنتشر الطرق الترابية لتربط القرى بالخط الرئيس وساعدت على سرعة التواصل والاتصال بين أهالي القرى بالمحيط الجغرافي المحاذي. وفي يوم 12/12 تسببت السرعة الجنونية في وفاة امرأتين وطفل على قارعة الطريق الإسفلتي فخيم الحزن هناك .

كما أنها تحتاج إلى صيانة بعد تساقط الصخور عليها فضاقت لتتحول إلى خط للذهاب والإياب معا في بعض الأماكن .

الصحة:

يوجد مستوصف صحي كان عاملا إلى عهد قريب مزود بطبيب سوداني وبعد انتهاء تعاقده ورحيله لم يجد الأهالي البديل ويضطرون إلى نقل مرضاهم إلى التربة أو تعز ويموت الفقراء في منازلهم .إلى ذلك أكد الناس أن المستوصف اليتيم يعاني نقصا في الأدوية ومزود بقابلة تقوم بتوليد النساء وممرض وبدا بقايا أطلال استخدم على أنقاض مدرسة عمر بن الخطاب القديمة وتنتشر أمراض التيفوئيد والملاريا وإسهالات الأطفال والحميات المختلفة .

التربية والتعليم :

دخل التعليم مبكرا وتأثرت المنطقة بشكل إيجابي برحيل الأوائل لتلقي العلم في بندر عدن ودعم التجار لأبناء المنطقة وتشجيعهم وبعد الثورة فتحت المدارس النظامية بدعم رجال التعاون والميسورين في المدن اليمنية والمغتربين في الخارج .

وتوجد في دبع الداخل ست مدارس هي عمر بن الخطاب (أساسية وثانوية) خاصة بالبنين ومدرسة الطي الأساسية وعمر بن عبدالعزيز في قرية مائلة ومدرسة النصر سوق البرح الأساسية وسلمى للبنات بها 48 قاعة دراسية ومرافق (أساسية وثانوية) بنيت على نفقة الحاج عبد الكريم الأسودي رجل البر والإحسان ومدرسة خالد بن الوليد (أساسية ثانوية) مختلطة بنين وبنات ومدارس الفرقان لتحفيظ القرآن الكريم وعدد طلابها 250 طالبا وطالبة منهم(60) ذكورا من مدرسة الفاروق و190من الإناث من مدرستي الخنساء وسلمى وما تزال مدرسة دراحة حتى اليوم بدون بناء وصرح لـ«الأيام» الأستاذ صالح سلال مدير الامتحانات في المديرية قائلا:

«إن عدد الطلاب في المرحلة الأساسية لعام -2008 2009م 1340 طالبا وطالبة وعدد طلاب وطالبات الثانوية 294 ».

وقال مواطن:«أنشئت الأعمدة الإسمنتية كدعاية انتخابية وأهملت حتى اليوم لتتحول إلى مكان لتجميع النفايات البلاستيكية». وفي هذا السياق قال رئيس لجنة الخدمات بمحلي الشمايتين مفيد الدبعي :«إن مدرستي سلمى وعمر بن عبد العزيز تعانيان عجزا في المعلمين بلغ %90 وفي مدرسة الطي %50 كما تعاني مدارس المنطقة من نقل المعلمين بطرق غير مبررة وحرمان الطلبة من خدمات المعلمين ويوجد 15 معلم ومعلمة متطوعين وقد طالبنا مرارا مدير مكتب التربية والتعليم بالمديرية إيضاح الأسباب التي أدت إلى نقلهم وتفريغ المدارس لكنه برر أسباب ذلك إلى عوامل خارجة عن إرادته في النافذين في المديرية. وقال محمد المعمري :«إن مدرسة النصر بسوق البرح لا يوجد بها معلم للقرآن الكريم منذ 8 سنوات». وناشد الأهالي الأخ وزير التربية والتعليم مد المدارس بالمعلمين والوسائل والكتب المدرسية والمعامل وتفعيل الأنشطة «فهذه المدارس أصبحت عبئا على أولياء الأمور وتعاني انفلاتا تعليميا عاما فلا رقيب ولا حسيب وعند حضور اللجان الميدانية تعبأ موجهين مسرحين عن العمل ثم يرحلون إلى غير رجعة لذر الرماد في العيون وهذا يؤثر على مستقبل أبنائنا».

خاتمة :

دبع الداخل منطقة محصورة بين الجبال الشاهقة .

وهي مقطعة الأوصال تخترقها مجموعة أودية زراعية خصبة تتجه نحو الغرب وتنحدر تدريجيا باتجاه المنخفضات وقد استغل الإنسان الدبعي المرتفعات لبناء المساكن وترك الأرض المنبسطة للزراعة فوازن بين الاكتفاء الذاتي من الزراعة (سابقا) وبين السكن الصحي من خامات البيئة المحلية المتمثلة بالأحجار متتعدة الألوان وتحتاج المنطقة إلى حزمة إصلاحات إدارية وخدمية وتكريم أبنائها كرد اعتبار لماضيها وحاضرها وإرجاع بعض الجميل لما قدم أبناؤها من تضحيات فهل آن الأوان لإصلاح ما أفسده الدهر؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى