لا أمها راضي ولا بوها رضي

> أحمد عبدالله أمزربه:

> إنها عدن حلتها أغلى الدرر وأجمل الجواهر، شيمتها الشموخ والكبرياء، في جيدها جبل شمسان وقلعة صيرة، و(نطاقها) ساحل أبين، والغدير، شعلتها بركان يا من أردتم تشويه صدرها بـ (مبخرتكم) المسخ فأبى أبناؤها أن يشوه صدرها بما لا يليق بها، وقلعوها كما تقلع العواصف الأشجار الضعيفة.

عدن التي ألهبت قريحة الشاعر لطفي جعفر أمان وكتب فيها أجمل الأشعار والقصائد، وسكنت وجدان الفنان أحمد قاسم ولحن لها أجمل الألحان (ياساحل أبين بنى العشاق فيك معبد) وغنى لها المرشدي والعطروش ومحمد سعد وأيوب طارش والزيدي وصباح منصر والعزاني وبلفقيه (يا طائرة طيري على بندر عدن)، عدن ساحرة لمن يعرف قدرها وقيمتها (عدن عدن ياريت عدن مسير يوم) أحبها عابر السبيل والسائح مهما قل أو كثر مكوثه فيها، وحلم بها من قرأ عنها في كتب التاريخ، كما احتضنت كبار الثوار الوطنيين أمثال النعمان والزبيري، ونالت حيزاً في مذكرات الأدباء والكتاب والمفكرين والقادة السياسيين.

إنها عدن الشموخ والثغر الباسم، التي يحب أبرز رموزها وقادتها الوطنيين المناضل الرئيس(علي ناصر محمد) أن يصفها بصخرة الصمود كلما تحدث عن مدينة عدن الثغر الباسم والحضن الدافئ لكل أبناء الوطن شماله وجنوبه شرقه وغربه، عدن المضيافة الحنون حتى على أبناء الجنسيات الأخرى الذين عاشوا أو ولدوا أو نشأوا بها وأصبحوا جزءًا لا يتجزأ من مدينة التاريخ والحضارة والرقي وبندر الأرياف عدن.

وخير دليل رسالة (ديمتري) اليوناني الأصل العدني المولد والنشأة التي خص بها الناشرين هشام وتمام باشراحيل وصحيفة «الأيام» العدنية في العدد 5582 (18 ديسمبر 2008) والتي قال فيها: (في عدن أحست بأني قد عدت شاباً عمره 25 عاماً كما كنت عندما اضطرت إلى مغادرتها عام 1955م وكأن ذكرياتي الرائعة في هذه المدينة قد عادت للحياة مرة أخرى مما أنعش عاطفتي مرة أخرى. وسوف أذكر عدن وأبناءها الطبيين بكل الحب والمودة طلما بقيت حيا)، وختمها بتوقيعه: المخلص ديمتري توماتوس (ابن عدن). ولأن لكل ريف بندرا كانت عدن بندر أرياف اليمن، لذا نالت حب واهتمام الشعراء الشعبيين في الأرياف.

ففي عام 1948م أثناء الوجود الاستعماري في الجنوب جمعت مناسبة مجموعة من شعراء دثينة وكان أحدهم الشيخ الشاعر قاسم محمد لزرق في أحد زوامله قال في عدن:

(جانا كتاب أرقش وأمه جاتنا/ لما عدن جانا بقوه مطها/ رع لا مها راضي ولا بوها رضي/ والزوج من جور الحمولة حطها)، وهو يعني أن عدن مغتصبة بالقوة التي تفوق قوة أبنائها المادية في ذلك الوقت، لكن عدن لا تقبل إلا المحب.

في ديسمبر 2008م وبعد ستة عقود من قول الشاعر قاسم محمد لزرق رحمه الله قلت:

(ستة عقود اليوم من ذا قولكم/ والوقت كنه أمس عادها خطها/ لاكان تعلم أيش جاء من بعدكم/ الخو يأخذ خوه ومهما عطها/ شوه معالمها وشعطر شعلها/ شريافها شله وكسر قرطها/ كانت عدن دره على أيامكم/ واليوم خوها دي طعن في عرضها). فمن اختار (المبخرة) ليزين بها قلب عدن جاهل ومن يجهل تاريخ الشيء يجهل قيمته، وفي هذه الحالة الجهل ليس ضد العلم ولكنه مرادف السفه.

صانك الرحمن يا عدن وحفظ أهلك الطيبين اللهم آمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى