لك الله ياغزة!

> صالح علي الدويل باراس:

> اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، لا تحضيرات، ولا أوراق عمل، تشاوروا وتناقشوا وتقارعوا الحجج بمصداقية وشفافية قل نظيرها، لا محاباة ولا مجاملة ولا مشاورات جانبية.

فخرجوا وضعيفهم قوي حتى يؤخذ الحق له، وقويهم ضعيف حتى يؤخذ الحق منه. ثم هزموا أقوى وأعتى إمبراطوريتين في ذلك الزمن، ونشروا دينا وأسسوا حضارة. هكذا تعامل جيل الأمناء مع الحكم السياسة، وصف الإمام علي كرم الله وجهه أمانة أخلاق حاكمهم ومحكومهم قائلاً: «عففت فعفوا، ولو رتعت لرتعرا».

وعدا طغاة مستبدون على الأمة فأدخلوها سرداباً سياسياً مازالت فيه يتعاقبونها ويتناوبون حراستها، فخربوا البلاد وعاثوا فساداً في حقوق العباد فاستكانت لهم الأمة خوف الفتنة وسفك الدماء وضياع الأوطان حتى ضعفت وتكالبت عليها الأمم وهي قابعة خانعة في سراديب الاستبداد والطغيان والفساد، وأثرة في الحكم الأمم لا تحدها حدود. ولم تعد الأمة تفرق بين ولي أمر حاكم ومستبد غاصب حاكم يسير فيها بسيرة فرعون، ولم ندرك هواننا إلا عندما تطاول الصهاينة وسامونا الذل وانتهكوا أعراضنا واستباحوا مقدساتنا. ولأننا في سراديب الطغاة لا نرى إلا ما يرون لنا فقد جأروا بالصراخ، لا طاقة لنا بصهيون وجنوده بعد أن شربوا من ماء الفساد والغلول وتمرغوا في وحل الخيانة خنوعاً وخضوعاً واستجداء واستلاماً مثقلين بمظلوميات شعوب اجترحوها وآهات ملايين الشعث الغبر، الذين توصد في وجوههم الأبواب. وتكشف هواننا بعد أن مل أصحاب السرداب الانتظار وتنادوا إلى سقيفة تمخضت خلال ثلاثة عقود عن مشروع سياسي واقتصادي واستراتيجي وطائفي وعسكري ونووي لفئة استفاقت وأخذت تتمدد وتعد العدة لذلك. وشرع طغاتنا يولولون لهول القادم الصفوي وفي الصراخ بعض من صحة، لكنه لن يجدي فالمشروع نقيض لنا لا يمكن إلغاؤه حتى وإن تنازلنا عن حقوقنا وكرامتنا لأعدائنا ولا يمكن إلغاؤه إلا إذا ألغينا التاريخ والجغرافيا، فلا ذنب لأصحابه أن التفوا حول مشروعهم والعالم منقسم بشأنهم بين خائف مرعوب ومعجب يرى أن كل قوة وليدة سوف تقارعه مصالحه.

هذا حالنا ياغزة تحولت أوطاننا وخيراتنا وثرواتنا إلى إقطاعيات للطغاة وذويهم وأنصارهم فسلبوا حقوقنا وسحقوا آدميتنا ولم يؤسسوا مشروعاً يحمينا بل استقووا بأعداء الأمة لإطالة أمد استبدادهم وطغيانهم، ولم يبق لدينا إلا البكاء أو الدعاء بعد أن حولنا الطغاة إلى عبيد والعبد لا يحسن الكر بل الحلب والصر وأنشأوا لذلك قطعاناً أمنية وعسكرية ليسوا حراساً على الأمة ومصالحها بل جلادين يمتهنون الأمة ويتلذذون بإهانتها وإذلالها، قطعاناً ترهلت كروشها كترهل كروش أربابها.

لك الله ياغزة فتك الجيوش وأربابها لم ولن يشرفها الله بالدفاع عنك والذود عن أعراضك ومحارمك.

لك الله ياغزة فقد كشفت الله بمأساتك حالنا وهواننا وقيض لك فتية شعثاً غبراً يدافعون عنك هم فلذاتك الصابرون الصامدون لا يضرهم من خذلهم، صامدون تحت النار والجوع والحصار.. الحصار الذي فرضه الأشقاء قبل الأعداء، احمدي الله ياغزة أن القمة لم تلتئم فهي ليست إلا قمة ذل ويأس لم تصد عدواً ولم تستخلص حقاً ولن تدافع عن عرض وكرامة.

لك الله ياغزة وأنت في قلب النار فاصبري وصابري وما مظاهراتنا إن سمح لنا بها الحكام إلا تضامن سلبي معك وفرصة لنا نصرخ ونشكو من حال أوطان أبطل الاستبداد كل مقاوماتها وممانعتها، وأنها فرصة أن ننوح فيها على أمة كشف طغاتها عوراتها لكل الأمم.

لك الله ياغزة وأنت في قلب النار وللثكالى من أمهاتك وهن يعرضن لله بيعاً من دموع وجراح وفلذات أكباد وأشلاء وقرابين شهداء وتدمير الدار والدثار، إنهن شرف الأمة وهن يبكين ما قدمن وم ابكاؤنا إلا من ضعفنا وقلة حيلتنا وهواننا على الأمم.

لك ولنا الله حتى يقيض الله لنا وننهض بمشروع خالٍ من الاستبداد والفساد والأثرة والظلم وقمع الحريات، مشروع تتساوى فيه المواطنة ولا تختزل فيه الأوطان في أشخاص حكامها وحتى يستطيع ضعيفنا أن يواجه حاكمه قائلاً: (لو ملت لعدلناك).

فرج الله كربنا وكربك ياغزة فنحن أمة تستحق الدعاء لها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى