الحكم المحلي في نفق بين الخطاب السياسي والتشريع

> المحامي د. علي مهدي العلوي بارحمة:

> الحكم المحلي هدف استراتيجي لكل الأحزاب السياسية في اليمن، فلا معنى لأي حزب أو منظمة أو اتجاه سياسي إذا لم يكرس برنامجه السياسي لخدمة المجتمع أولا بغض النظر عن الأسلوب الذي ينتهجه لتحقيق أهداف برنامجه السياسي.

فالعبرة بالنتيجة، ولعل مصلحة المجتمع وطموح المواطن أن تتحقق تلك النتيجة بأفضل الأساليب وفي أقصرها مدة، فكل منا يأمل في تحقيق ما يصبوا إليه، وما يحتاجه في حياته وليس بعد مماته.

فطالما ان التنمية المحلية لن تتحقق إلا من خلال إرساء نظام اللا مركزية الإقليمية وباعتبار أن الحكم المحلي أحد أهم صور ذلك النظام، وهذا ما تؤكده كل الدرسات العلمية، وأثبتته التجارب في الدول الحديثه، وتتمسك به القيادة السياسية في اليمن وخاصة رئيس لدولة الذي جعل من الحكم المحلي أحد وأهم مصفوفات برنامجه الانتخابي الذي ظل وبات يطرح هذا الهدف في كل خطاب سياسي أو لقاء صحفي أو اجتماع رسمي منذ سنوات خلت كل ذلك يظل أملا لكل السكان في البلد، ولكنه أشبه بالحقيقة من خلف الزجاج نراها، ولكن لا نستطيع أن نصل إليها.

فالقانون رقم (18) لسنة 2008 بشأن الانتخابات المحافظين صدر بين عشية وضحاها، ويكاد أن يكون امتصاصا لحالة الغليان الشعبي هنا وهناك، ولم نجد أي تغيير في وضع العلاقة بين الوحدات الأدارية (المحافظات) والحكومة المركزية، بل أن الوضع على حاله مازال يعاني من السادة المحافظين وهيئات المجالس المحلية من شدة المركزية عائق في أحداث تنمية محلية في المحافظات وتحقيق الخطوط الاستثمارية وحصولها على التمويل في الوقت المحدد لها.

وهذه المشكلة ومعاناة أثارها فخامة رئيس الجمهورية صراحة أكثر من مرة، فالحكم المحلي أشبه بالرجل العقيم إذا لم يكن الاستقلال الإداري والمالي أحد أركانه الأساسية أي أن تكون المحافظات لها استقلال مالي وإداري من كل مواردها المحلية مباشرة دون أن تورد إلى العاصمة ما عدا الموارد السيادية المحددة حصر في قانون الحكم المحلي التي يتم توزيعها على المحافظات تحت مصطلح الدعم المركزي، فبدون ذلك تظل الانتخابات المجالس المحلية ورؤساء الوحدات الإدارية منظرا طاؤسيا لا تستطيع معها أن تقوم بأعباء اختصاصاتها في أحداث تنمية محلية بما فيها تنمية المواطن اليمني ذاته، وسنظل في بعد عن حكم محلي واسع الصلاحيات أو كامل الصلاحيات كل البعد، فكم من الوقت قد مضى والمواطنين في الوحدات الإدارية والباحثين في مجال اللامركزية الإقليمية والمراقبين الدوليين على أمل أن يصدر قانون الحكم المحلي كامل الصلاحيات، وما نخشاه أن تتم الانتخابات الجديدة في أبريل 2009 لمجلس النواب وقد اختفى حبر توجيهات رئيس الجمهورية بإصدار قانون الحكم المحلي كامل الصلاحيات وبين أورقة وزارة الإدارة المحلية ومجلس الوزراء من جانب وأورقة مجلسي النواب والشورى ولجانهما من جانب آخر وتذوب معها طموحات الشعب اليمني في ذلك الأمل الذي يعتبر من أهم الطموحات الشعبية ولا سيما وأن قانون الحكم المحلي قانون أساسي لارتباطه المباشر بحياة المواطنين وهيئاتهم المحلية المنتخبة التي يمكنها من معالجة الكثير من الإشكاليات المحلية بعيدا عن المركزية التي نعاني منها جميعا، فالأمل يحذونا مع فخامة رئيس الجمهورية أن لا يظل ذلك الطموح خطابا سياسيا فحسب، بل يجب أن يخرج إلى النور كتشريع متميز فلا تنمية محلية دون حكما محليا ناجحا أولى من الانتخابات النيابية ومن طبيعة الحكم برلمانيا أو رئاسيا ومن أهم حلقات الوفاق الوطني السياسي والإداري ومن اهم ضمانات الوحدة السياسية والوطنية، وأن لا يكون سحابه صيف أو أوراق الخريف.

* أستاذ مساعد لمساق الحكم المحلي كلية الحقوق - جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى