الحكم واستقراره واستحالة انتقاله

> محمد علي محسن:

> الكل يعلم أن استقرار وازدهار الدولة اليمنية لم ولن يحدث مابقي الحكم غير مستقر ومحفوفاً بالمشكلات المعيقة لصناعته وانتقاله سلمياً وديمقراطياً.

ودون الاستئثار به من جماعة أو فرد أو قبيلة أو منطقة أو طائفة أو غيرها من المسميات المفروضة قسراً على المجتمع اليمني منذ الأزل البائد الذي تمزق فيه إلى أكثر من كيان ودويلة وحتى اللحظة الحاضرة التي لم يهتد فيها بعد لطريقة مثلى وعصرية تجنبه حالة التناحر والاقتتال على الحكم وتؤدي به لسبل السلامة والتنمية والوئام والازدهار والاستقرار المستديم و.. و.. إلخ من مظاهر التطور والاستقرار السياسي .

معضلة البلد الرئيسة ليست في المؤتمر أو المشترك أو الحراك أو في التصالح أو الوحدة أو الانفصال أو حتى الحكومات أو البرلمان القائم والقادم، فجميع هذه المسميات ومع احترامي لها قد تكون من أسباب المشكلة القائمة الآن، لكنها في المحصلة جزء من معضلة مزمنة لاتنتهي بوصول هذا أو ذاك إلى سدة الحكم وبالوسيلة ذاتها المتعارف عليها عند اليمنيين، كما أن الأحزاب والهيئات والحركات كافة، الموجودة اليوم في الساحة، تعد نتيجة طبيعية لغياب الشراكة الجمعية في القرار والسلطة والثروة بل وتجاوز الأمر إلى المواطنة والانتماء للوطن وعلى هذا الأساس فإنه ينبغي التأكيد على أنه ما لم نضع أيدينا على المسببات المؤدية لهذه النتائج المشاهدة سنظل على هكذا نحو من الجدل البيزنطي العقيم غير المفضي لشيء سوى الصراع والاحتراب والتمزق والإقصاء .

الناظر في تاريخ اليمن القديم والحديث سيخلص إلى أن اليمنيين جميعاً عاشوا في صراعات وحروب أهلية بفعل الحكم وفي سبيل صيرورته وحفظه والوصول له والهيمنة عليه من الآخر الطامح له،

دعكم من أحداث التاريخ القديم والوسيط وانظروا في الصراعات والحروب الحاصلة خلال حقبة الثورتين وفي كنف دولة الوحدة وحتى اليوم الذي مازال الحكم فيه هو المشكلة الرئيسة المنتجة معظم المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية والوطنية، القول بأن المؤتمر الشعبي العام بحكومته وأغلبيته النيابية هو الحجر العثرة الواقفة بوجه الإصلاحات السياسية والانتخابية، أعتقده مجافياً ومضللاً لحقيقة الحكم القبلي العسكري الممسك بكل خيوط اللعبة الديمقراطية والتعددية، بل وفي المفاصل المهمة في السلطة، كذلك الحال عندما نلقي بالمسؤولية على كاهل أحزاب المشترك أو هيئات الحراك أو الوحدة أو الديمقراطية بينما المشكل يكمن في عدم توافر ما يؤكد القبول بتبادل السلطة ديمقراطياً وسلمياً.

كل ماشهده البلد في عهد التجزئة السياسية أو القومية يعد نتاجاً لغياب الحكم المستقر والعادل، الحروب والصراعات بين الشطرين وقعت نتيجة لخلافات النظامين الحاكمين، الانقلابات والتمردات والتضحيات في كل شطر عادة كانت على الحكم وليس من أجل الشعب، الوحدة تحققت رغبة من النظامين في البقاء والاستمرار لا رغبة من المجتمع الواحد التواق لأكثر من تقاسم السلطة.

الديمقراطية والتعددية أعلنتا في الدولة الموحدة بقرار ومثلهما الحرب والانفصال أعلنا بخطاب، جل الكوارث والتواريخ المؤلمة والموجعــة لليمنيين لم تكن قط وليدة خلافات مجتمعية عرقية أو دينية أو طــائفية أو حزبيــة بقدر ماهي صناعة النظم الحاكمة المتعاقبة .

كانت الوحدة السلمية بما صاحبها من واقع ديمقراطي وتعددي جديد كفيلة بخلق حكم مستقر جدير بكل اليمنيين المنهكين في الحروب والصراعات الدموية، لكن الوحدة المنجزة سرعان ماخيبت آمال الباحثين عن ملاذ آمن ومستقر إذ كشفت الممارسة المشوهة للديمقراطية والتعددية استحالة الحسم بواسطة الصناديق والأحزاب والبرامج الانتخابية، فكل هذه الأشياء الحداثية للأسف أفرغت من محتواها خاصة بعد سنوات من التجربة، ولم تحدث شيئاً يدعو للتفاؤل بإمكانية انتقال السلطة سلمياً، وعلى العكس فلقد أحال الحكم الأحزاب والانتخابات والبرلمان والتشريعات وغيرها من المسميات إلى مسخ وعقم للحياة السياسية ولأشكال الديمقراطية والتعددية كافة الفاقدة القدرة على خوض انتخابات حرة ونزيهة وفوق هذا وذاك تؤسس لنظام ديمقراطي يضع حداً للصراعات والحروب والدماء المهرقة على قارعة الحكم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى