عضو الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد رئيس قطاع المجتمع المدني:عملية مراقبة كبار الفاسدين مسؤولية الآليات الوطنية الاكبر من الهيئة

> صنعاء «الأيام» خاص:

> دعا عضو الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد رئيس قطاع المجتمع المدني عز الدين الأصبحي زملاءه في الهيئة إلى وقفه تقييم لأداء الهيئة «تتسم بالموضوعية وتعترف بأي أخطاء حدثت أو عجز في العمل من أجل الوصول إلى تقييم يضمن شد الهمة لعمل الهيئة وتجاوزها لعثراتها الحالية ولتطل على المجتمع بروح المسئولية المطلوبة».

وركز الأصبحي في دعوته للتقييم على «الرؤية الإستراتيجية، والوضع الإداري الداخلي، والعلاقة مع الجهات الأخرى ذات العلاقة (النيابة، القضاء، الرقابة، لجنة المناقصات، الأمن، الداخلية، غسيل الأموال)، والعلاقة مع الجمهور والإعلام».

الرؤية الإستراتيجية:

شدد الأصبحي في ورقة تقييم لأداء الهيئة خلال عامها الأول على أهمية تحديد الرؤية الإستراتيجية التي ستقود إلى وضع الخطة الوطنية وتحديد الأدوار وتكاملها، قائلا:«إننا نريد رؤية إستراتيجية تهتم بكل تفاصيل العملية الشاملة لمكافحة الفساد من الاهتمام بالتربية والناشئة وتربيتها على قيم النزاهة والأخلاق إلى إجراءات إدارية وقانونية تعمل على إيجاد الإنصاف والعدل إلى خطوات صارمة في المساءلة وإنزال العقاب».

ودعا الأصبحي «إلى توظيف الإمكانات القائمة في مختلف أجهزة الدولة من أمن ونيابة وقضاء ورقابة ومحاسبة، ووضع رؤية وخطة لتوظيف القدرات والإمكانات بشكل مدروس»، قائلا:«المردود سيكون أعظم والتكلفة أقل لأننا نستثمر في أجهزة قائمة بالفعل وميزانيات معدة سلفاً».

الجانب الآخر حسب ورقة الأصبحي «يأتي من أن الهدف الأسمى والأكبر هو تجفيف منابع الفساد وليس فقط ملاحقة الفاسدين لأن إزالة فاسد من مرفق عام مع بقاء البيئة المحيطة بالعاملين كما هي من لوائح ونظم قانونية وإجراءات إدارية مخالفة لن تعمل إلا على إنتاج فاسد جديد».

وأضاف:«إننا عندما نقول إن هناك فسادا في وزارة المالية أو وزارة الخدمة المدنية أو التربية والتعليم فإن الإجراءات الأساسية التي علينا أن نقوم بها هي إيجاد نظام مالي وإداري يعتمد الشفافية والعلانية ويحقق مبدأ المساءلة ليعرف المجتمع أين يحدث الفساد بالضبط ومن المسئول كشخص أو أشخاص عن انتهاك حقوق الناس».

وأكد في هذا الجانب على «وضع نظام إداري ومالي واضح الصلاحية ومعلن للناس وإجراءات معلنة ويتم تعريف الناس بها يفضح كل الفاسدين ويوقف سيل الفساد بسرعة لأنه سيخضع لرقابة المجتمع ومتابعته وهي رقابة أشد وأقوى من أي جهاز، أما الفاسدون الكبار فعملية مراقبتهم والتحري عنهم هي مسئولية الآليات الوطنية الأكبر من هيئة وطنية وجهاز رقابة ومحاسبة وأمن قومي ونيابة عامة».

الوضع الإداري الداخلي للهيئة:

أكد الأصبحي «أن انعدام الرؤية الإستراتيجية لمكافحة الفساد لدى الهيئة كان أبرز وأهم العقبات التي أسهمت في عدم تطور الوضع الإداري للهيئة»، مشيرا إلى أن «الهيئة بعد عام ونيف من تأسيسها لم تخرج من دائرة العثرات الإدارية الأولى التي تمثلت في عدم إنجاز اللوائح الداخلية المنظمة لعمل الهيئة وخاصة اللائحة التنظيمية واللائحة التنفيذية والنظام المالي».وقال:«برغم أن القانون يلزم الهيئة بإنجاز لائحتها التنفيذية خلال ستة أشهر من إنشائها، لا تزال بدون لوائح منظمة لعملها ولا يزال العاملون فيها بدون أي توضيح لوضعهم الوظيفي لعدم وضوح الإجراءات».

وتابع:«لقد وضعت الهيئة تحت ضغط الإعلام وضغط العمل اليومي وبإيقاع متسارع يريد أن يثبت للذات وللغير نجاحات ملموسة فتم وضع اليد على ملف هنا أو قضية هناك أو الإطلالة بندوة صغيرة أو مؤتمر مكرر مع ملاحقة يومية لسيل من البلاغات سواء عبر التسليم المباشر أو عبر الصحافة وبدون جهاز إداري متكامل أو كادر متخصص مدرك لما هو مطلوب منه».

وقال الأصبحي:«إن الضغط اليومي وعدم حسم قضية اللوائح التنظيمية أغرق الهيئة في إجراءات إدارية ليست مطلوبة ولا تخدم الهدف الأسمى من إنشاء الهيئة من حيث اختيار كادر الموظفين بمعايير المفاضلة والإعلان وتوضيح التوصيف الوظيفي المطلوب قبل أي قبول للعاملين، وإعلان مبادئ مدونة السلوك الوظيفي للهيئة التي تقوم على ضرورة الشفافية وحق تكافؤ الفرص وتقديم الهيئة كنموذج قدوة في عدم قبول توظيف الأقرباء مع الإنصاف بالأجور واحترام التخصصات والقدرات».

وأكد أن «انقضاء عام كامل دون لائحة مع تزايد الاحتياج اليومي للموظفين يوقع الهيئة في أخطاء هي بغنى عنها من توظيف يقوم على العلاقة الشخصية المحرجة حتى صار محرجاً مراجعة كشف الأقرباء لبعض أعضاء الهيئة، إلى عدم تحديد إستراتيجية أجور، إلى عدم حسم منصب الأمين العام، وعدم وجود خطة عمل واضحة بين القطاعات، إلى نفقات مالية كبيرة، إلى غيرها من المسائل الإدارية التي ألقت بظلال من الإحباط وعدم القدرة على مواجهة ضغط الواقع اليومي المستمر وتقديم النموذج القدوة المطلوب».

العلاقة مع الجهات الأخرى:

قال الأصبحي إن عدم وجود الرؤية الإستراتيجية تحد يقود نفسه إلى مجالات عديدة ومنها العلاقة مع الجهات الأخرى ذات العلاقة المشتركة التي ذكر منها السلطة القضائية (بما فيها مجلس القضاء الأعلى-النيابة العامة-نيابة الأموال العامة-وزارة العدل)، ثم الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، واللجنة العليا للمناقصات، ومجلس النواب، ومجلس الوزراء، ولجنة مكافحة غسيل الأموال، وأجهزة مكافحة الفساد في وزارة الداخلية-الأمن القومي.

وذكر الأصبحي في ورقته أنه ظل منذ الاجتماعات الأولى للهيئة يطرح بإلحاح «أن لا خطوة أساسية للهيئة إلا بإيجاد روح التكامل مع الأجهزة والمؤسسات الأخرى الرسمية بل وغير الرسمية أيضا على أساس أن متانة وقوة نظام النزاهة المطلوب في المجتمع يعتمد على كل الأعمدة الأساسية التي تحمل السقف الواقي للمجتمع وهذا يعني أجهزة السلطة التنفيذية والرقابة والمحاسبة والقضاء والحكم المحلي والمجتمع المدني والإعلام الحر والقطاع الخاص والشركاء الدوليين وأن الخطوة الأساسية الأولى المطلوبة هي في رسم خطة العمل المشترك مع مختلف الأجهزة الرسمية وخاصة في القضاء وفي الرقابة والمحاسبة واللجنة العليا للمناقصات ولجنة مكافحة غسيل الأموال والسلطة التنفيذية». وأوضح أنه أعاد طرح هذه الفكرة «لأنها مخرج يمكن لنا من خلاله أن نتجاوز التضارب القانوني الذي قد يحدث مع الأجهزة الأخرى بسبب تضارب القوانين الحالية، وبرغم عدم الحماس الذي قوبلت به هذه الفكرة منذ عام مضى».

العلاقة مع السلطة القضائية:

أكد عز الدين الأصبحي على ضرورة «تنسيق الجهود ووضع آلية تضمن ليس فقط انتداب أعضاء من نيابة الأموال العامة يقومون بأعمال التحقيق مع الهيئة ولكن تنسيق الأمور إلى وضع الدعوى المشتركة الذي يضمن توحيد الجهود وضمانة قانونية لكل أطراف القضية من أجل حماية الحقوق وصون كرامة المتهمين».

واقترح «جهاز نيابة متخصصة بمكافحة الفساد يحدد القانون علاقتها الإدارية والقانونية مع الهيئة الوطنية ويضمن سلامة أدائها واستقلالها وتكامل الأدوار!».

العلاقة مع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة:

اعتبر الأصبحي العلاقة مع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة «من أبرز وأهم الخطوات التي علينا الوقوف أمامها بجدية لأن هناك شعورا لدى الكثيرين بوجود تضارب واضح وعدم تعاون جاد بين الطرفين»، قائلا إن «الأمر لا يحتاج إلى ردود إعلامية ولكن إلى خطوة عملية واضحة عبر مذكرة تفاهم واضحة توضح فيها أين ينتهي دور الجهاز وأين يبدأ دور الهيئة».

وأكد أن «الخطوة الأساسية هنا ليس التمسك بنصوص اللوائح والقوانين لوحدها فقط رغم أهمية ذلك بل بتوحيد الرؤية من الجانبين (الهيئة والجهاز) حول هدف مشترك، وكيف يكون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة هو بيت الخبرة المالية والإدارية التي يستند إليها قرار الهيئة، وكيف تكمل الهيئة خطوة جهاز الرقابة والمحاسبة في متابعة القضايا وتقديمها إلى القضاء وتحقيق مبدأ المساءلة».

كما شدد الأصبحي على ضرورة وجود «رؤية لتطوير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والانتقال به إلى مبدأ الرقابة السابقة والمصاحبة للعمليات المالية للدولة وليس رقابة لاحقة تتم بعد وقوع الفأس في الرأس، مع إجراءات إدارية حديثة تضمن رقابة إدارية حتى على فريق المراقبين وعدم السماح بنشوء علاقة مصالح بين مسئولي الرقابة ومسئولي الإدارة العامة في أجهزة الدولة المختلفة، ذلك يتطلب تعديل قانون الجهاز وقبل ذلك تحديد الرؤية التي تحدد لنا لماذا نريد هذه المؤسسة وماهو المتوخى منها؟! وكيف تكون مكملة لعمل الهيئة وأداة فاعلة في تحقيق الرقابة ومنع حدوث المخالفة وإنزال المساءلة في الوقت المناسب».

العلاقة مع الهيئة العليا للمناقصات:

ذكر الأصبحي أنه «حتى الآن لم تشكل الهيئة العليا للمناقصات وبقيت خطوة القانون الجديد الخاص بالمناقصات والمزايدات في مرحلتها الأولى عبر إنشاء اللجنة ولابد من إكمال الخطوة في إنشاء الهيئة العليا للمناقصات التي ستشمل حسب القانون ممثلين عن القطاع الصناعي والقطاع التجاري والمجتمع المدني والقضاء وهذا سيعني تنوعا ممتازا وخطوة متقدمة أقدم عليها المشرع اليمني في جعل مسئولية الإشراف على المناقصات والمزايدات مهمة مجتمعية وهذا التنوع يضمن عدم وقوع اللجنة أو الهيئة تحت سيطرة جهة واحدة».وأوضح «أن اللقاء التشاوري اليتيم الذي دعت إليه الهيئة مع لجنة المناقصات لم يكتمل بتعزيز التعاون والمتابعة للقضايا».

مؤكدا أن هذا الأمر «يتطلب بناء فريق عمل مشترك دائم اللقاء وقادر على اتخاذ القرار في الجهتين لأن أهم أبواب الفساد التي تحتاج إلى وقفه جادة هو باب المناقصات».

وأضاف:«إن الأمر يعني لقاءات دورية محددة الهدف ورؤى متكاملة سريعة وضرورية تبدأ بلقاء خبراء من الجانبين يضعون أطر الشراكة وملامح الرؤية المشتركة وتضع القواسم القانونية المشتركة محل التنفيذ وليس لقاءات رسمية محملة بالأماني الجميلة والنيات الطيبة».

العلاقة مع أجهزة مكافحة الفساد:

أشار الأصبحي في ورقته إلى أن العلاقة مع الأجهزة المعنية المختصة بمكافحة الفساد لاتزال غامضة وغير مطروقة، قائلا:«لا يمكن للهيئة أن تخطو خطوة متقدمة في مجال التحري عن قضايا الفساد وإكمال تصورها في مجال التحقيق والقبض على الفاسدين إلاّ بالتعاون الكامل مع الأجهزة الأمنية المختصة»، داعيا الهيئة «إلى أن تمد جسور التعاون مع وحدة مكافحة الفساد في جهاز الأمن القومي، أو مكافحة الجرائم الاقتصادية في الأمن السياسي ووحدات المكافحة والتحري التابعة لأجهزة وزارة الداخلية».

واعتبر هذه الأجهزة «الأدوات الأساسية التي تمد الهيئة ليس فقط بالمعلومة الصائبة، ولكن هي التي ستعمل على أن تنجز الهيئة دورها في المتابعة والملاحقة القانونية الجادة حيث لا يمكن للهيئة أن تنشئ أجهزة أمنية موازية لتعمل معها ولكن يمكنها أن تقيم جسور التعاون القائم على رؤية تضمن تكامل الأدوار وتحقيق الهدف المشترك».

وأكد الأصبحي أن هذا الأمر «يتطلب أن تمتلك الهيئة رؤيتها وتصورها الواضح في التعاون مع هذه الجهات عبر اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم يحدد إطارها القانون، وترسم ملامحها رؤية مشتركة في تحقيق الهدف الواحد».

العلاقة مع الإعلام والجمهور:

دعا الأصبحي الهيئة إلى أن تسارع في رسم رؤيتها للتعامل مع الإعلام والتواصل مع المجتمع، قائلا:«إن جهود الهيئة في الأيام القادمة لابد أن تتضاعف بشكل كبير وتعمل على دراسة ظهورها الإعلامي المدروس الذي يضمن قوتها واحترامها في أذهان المجتمع، ولا يعمل على الظهور الباعث للملل، أو الغياب المؤكد على ضعفها وتراجعها».وأشار إلى «أن التواصل مع الإعلام بمختلف وسائله وتوجهاته بحاجة إلى خطة عمل مدروسة ولقاءات مكثفة من أجل تعزيز التعاون والوصول إلى جعل الإعلام رديفا حقيقيا وفاعلا للهيئة»، مشددا على ضرورة «أن تجعل الهيئة الإعلام يتعامل معها على أنها مؤسسة وطنية مستقلة لابد من دعم المجتمع كله لها ولخطواتها ذلك الدعم القائم على نظرة الاحترام والمهابة وأنها مثل القضاء حصن منيع لابد من الحفاظ عليه وتعزيز قدراته واستقلاله لضمان حقوق الناس وصون كرامتهم وتحقيق مبدأ العدل والمساواة.

وبالتالي على الإعلام أن يتعامل مع الهيئة من هذا المنطلق الوطني، ومن الاحتياج الملح لدورها واستقلالها وأنها منجز يتجاوز أية مكاسب حزبية بل آلية وطنية مهمة تعد مكسباً لابد من الحفاظ عليه وتطويره وتعزيز دوره واستقلاليته».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى