الشهيد د.درهم القدسي

> د.عيدروس نصر ناصر :

> لم يقتل الشهيد درهم القدسي في معركة قبلية بين قبيلته وقبيلة أخرى ولم يقتل وهو يحمي قطعة أرض أو مجرى مائيا أو عقارا يتنازع عليه مع القتلة.

ولم يقتل وهو في قطاع غزة يؤدي مهمته الطبية أو يتقاتل مع العدو الصهيوني، لا، بل قتل الرجل وهو يؤدي واجبه المهني في قسم التخدير بمستشفى العلوم والتكنلوجيا في العاصمة صنعاء، وليس في أطراف الجوف أو على حدود صعدة أو شبوة أو في بحر العرب .

كان القدسي يتفقد مرضاه ويتابع حالاتهم ويعد التقارير اليومية عنهم، حينما دخل القتلة بخناجرهم اليمنية (الأصيلة) وبندقياتهم الآلية لينتقموا لمريضهم الذي توفي بعد أن دخل المرحلة الحرجة وعجز الأطباء عن إنقاذه وتقول التقارير الطبية عن المتوفى (المريض قريب القتلة) إنه معمر تجاوز الخامسة والثمانين وإنه قد دخل قسم العناية المركزة ثلاث مرات ويعاني الفشل الكلوي ولديه مشاكل في وظائف القلب فضلا عن متاعب تتصل بأمراض الشيخوخة .

مأساة الدكتور القدسي تلخص قضية أكبر من مجرد مقتل طبيب على أيدي أهل المريض الذي توفي في المستشفى (على فداحة الحدث وجسارته ومأساويته) القضية قضية صراع بين مهنة مدنية راقية حديثة تحتكم إلى القانون وتعتمد على العلم وتنتمي إلى عالم المدنية وظيفة ومضمونا وأخلاقا، وهمجية غوغائية أقرب إلى الوحشية منها إلى القبلية، وأقرب إلى الحيوانية منها إلى الآدمية، وهي في كل الأحوال لاتمت بصلة إلى القبيلة العربية التي عرف عنها الكثير من القيم الإنسانية النبيلة .

مؤازرة قضية د.القدسي ليست مؤازرة لشخصه وإن كان هذا يمثل واجبا أخلاقيا وقانونيا، ولكنه انحياز إلى القيمة الأخلاقية والقانونية والقيم الإنسانية التي تعلي من مكانة الإنسان أولا وتنتصر لدولة القانون الغائبة والمغيبة، وإزاء ذلك تظل السلطات اليمنية مسؤولة مسؤولية كاملة عن حماية مواطنيها بغض النظر عن مهنهم ومكانتهم، أما عندما يكون المعتدى عليه طبيبا كل ذنبه أنه يعمل في المستشفى الذي مات فيه عجوز تجاوز الثمانين، فجاء أهله ليستعيدوا حياة شيخهم بقتل الطبيب، فهذا ماينبغي التوقف أمامه بأعلى قدر من المحاسبة والمسؤولية، وإلا صار من حق الطالب الفاشل أن يقتل مدرسه، ومن حق المتقاضي الذي يخسر قضية أمام المحكمة أن يقتل محاميه، ومن حق المواطن الذي تفشل الوزارة في تنفيذ المشاريع الخدمية في منطقته أن يقتل الوزير وهلم جرا.

المسألة هنا إذاً هي مسألة هل لدينا دولة وقانون أم لا، فإذا كان الجواب (نعم) فأين هذه الدولة ؟ وأين رجال الأمن الذين يتحولون إلى كائنات متوحشة عندما تواجه المعتصمين الممتثلين للقانون والنظام ؟ فتطلق الرصاص وتقتل وتجرح وتعتقل بلا هوادة ولا حتى أدنى احترام للناس وللقانون بينما تتحول إلى كائنات وديعة عندما يتعلق الأمر بقاطع طريق أو مسلح يقتل ويفتك ويسرح ويمرح من دون أن يرمش له جفن.

أما إذا كان الجواب أنه ليس لدينا دولة (وهذا كما يبدو لي هو الجواب الصحيح)، فلماذا نصرف مئات المليارات على أجهزة فاشلة لاتستطيع القبض على قاتل، ولا تتمكن من محاسبة خاطف أو قاطع طريق، أم أن مهمة هذه الأجهزة هي فقط حماية السادة الحكام وليذهب الشعب إلى الجحيم؟

قضية د. القدسي قضية وطنية بامتياز والوقوف إزاءها بمسؤولية مهمة كل المنتمين إلى المهن المدنية الإنسانية، بل هي مهمة كل المواطنين، والسكوت عليها يفتح الأبواب فوق ماهي مفتوحة للقتلة وقطاع الطرق والمتعطشين للدم ليفعلوا ما يحلو لهم .

لقطات :

> دور همس بأن هناك عروضا لأولياء دم الشهيد د.درهم للقبول بالتحكيم القبلي ودفع الدية (التي قد تكون مضاعفة) وإذا ما صح ذلك، ولأن القضية تخص أولياء الدم ولايجوز لأحد التدخل، فإن هذا القبول سيدع كل قاتل يحضر بعض الملايين ويختار من يشاء من الضحايا، وعلى الدنيا السلام .

> دشن العمل بمشروع طريق باتيس - رصد- معربان الذي تأخر كثيرا، في الأسبوع الماضي بصمت وبعيدا عن الضجيج الإعلامي (عدا تغطية «الأيام» زيارة الوفد القطري)، لكن هذا لا يمنعنا من التوجه بالتحية للمهندس عبدالجبار عباس، مدير المشروع والعاملين معه وكل المتعاونين، وقبل هذا وبعده لدولة قطر الشقيقة شعبا وحكومة وأميرا لتحملهم تمويل تنفيذ المشروع .

> تعرض الناشط السياسي والشخصية الاجتماعية فضل عبادي راجح لأزمة قلبية أقعدته عدة أيام في مستشفى النقيب، وبعد أن غادر العناية المركزة لايسعنا إلا أن ندعو له بالصحة والعافية والعودة إلى أهله ومجتمعه بكامل الحيوية الأخلاقية والاجتماعية المعروفة عنه .

*عضو مجلس النواب

Aidrrooos55.maktoobblog.com

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى