الرئيس الصومالي: ننتهج الوسطية ولسنا متطرفين

> «الأيام» عن «عكاظ»:

> أقر الرئيس الصومالي الجديد شيخ شريف شيخ أحمد أن حزب التحالف الذي يرأسه يتبني منهجا وسطيا ومعتدلا، ويناهض التطرف.

مطالبا الغرب أن يغير الصورة النمطية المختزنة في ذاكرته عن المحاكم التي تتبنى النهج المعتدل واحترام ارادة الشعب الصومالي.

وقال الرئيس الصومالي الجديد في اول حوار مع «عكاظ» عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية التي جرت امس «أقول للغرب اننا لسنا متطرفين، وعليهم تقييم افعالنا وقراراتنا على الأرض».

واضاف يتعين ان يلتمسوا الفارق بين المتطرفين الذين يشوهون صورة الاسلام بأفعالهم, وأولئك الذين يأتون الى السلطة عبر صناديق الاقتراع ويتبنون نهجا معتدلا. ووصف شريف الجهود التي بذلها ، وما زال يبذلها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز لتحقيق المصالحة الصومالية، بأنها مميزة ومتواصلة ولم تهدأ. مؤكدا ان الشعب الصومالي لن ينسى مواقف المملكة لدعم المصالحة وتحقيق الامن والاستقرار. وكشف انه سيزور المملكة قريبا للاستماع الى رؤية خادم الحرمين الشريفين حيال بلاده وترتيب البيت الصومالي من الداخل. وحول اولوياته في المرحلة المقبلة، أفصح الرئيس الصومالي الذي فاز بأصوات 219 برلمانيا من اصل 430 شاركوا في الانتخابات، متقدما على مصلح محمد سياد بري (60 صوتا) نجل الرئيس الراحل محمد سياد بري، انه سيركز على استكمال مشروع المصالحة الوطنية واعادة الأمن والاستقرار والسعي حثيثا لتشكيل الحكومة الجديدة واعادة الاعمار، فضلا عن ترتيب البيت الصومالي واستعادة الحرية والسيادة الكاملة للصومال. واضاف سنعمل على توحيد الصفوف لبناء صومال قوي لكي يكون عضوا فعالا ومؤثرا ضمن الاسرة العربية والدولية.

واسترسل شريف قائلا إن بلاده تسعى لعلاقات قوية مع الدول العربية، توازيا مع استحداث علاقات متوازنة مع الجميع مبنية على الاحترام، كجزء من العالم بمعزل عن الحساسيات وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، معتبرا أن فوزه بمنصب الرئيس هو امتحان كبير له , قائلا « إنها مسؤولية جسيمة واتمنى ان انقل الصومال الى مرحلة جديدة بعيدة عن العنف والصراعات والاقتتال . وسأجعل نصب اهتمامي مصالح جميع أبناء البلاد، بفئاتهم واتجاهاتهم المتباينة، وآمل ان انجح في تحقيق هذا الهدف بدعم الصوماليين كافة» .

لسنا متطرفين

وأقر الرئيس الصومالي الجديد أن حزبه وحكومته سيعملان على توضيح المواقف الوسطية للجميع، آملا من المجتمع الغربي ان يحترم قرارات الشعب الصومالي الذي اختار مرشحه ضمن انتخابات رئاسية نزيهة، علاوة على تقويمه للأفعال والقرارات على الارض، فالمسعى يكمن في أن يقف الغرب على حقيقة الفارق بين المتطرفين الذين يشوهون صورة الاسلام بأفعالهم, واولئك الذين يأتون الى السلطة من خلال الانتخابات وينتهجون منهجا معتدلا، موضحا وسطية حزبه ولا علاقة تجمعه بالمتطرفين، آملا من الغرب ان يغير الصورة النمطية الموجودة لديه عن المحاكم التي تتبنى نهج الوسطية .

نطبق الوسطية

وعما إذا كانت الشريعة الإسلامية هي منهاج الدولة تطبيقا ، قال شريف ليس بالضرورة إعلان حكومة اسلامية. وعند القول إن الرغبة هي في تطبيق الشريعة الاسلامية، فالقصد يحمل معنى حفظ الأمن والاستقرار، بما يكفل الحريات التي أتاحها الدين الاسلامي في الحفاظ على العرض والمال والنفس ، وتطبيق الاساسيات التي يطرحها ديننا ، وفي نفس الوقت، التعامل مع المعطيات الجديدة والتماهي مع التطورات التي تتفق والشريعة السمحة وانتهاج الوسطية الذي يعطي الصورة الحقيقية بعيدا عن الاشكال العنيفة.

حسن الجوار

وعن نظرته للعلاقات مع دول الجوار وتحديدا اثيوبيا، كشف الرئيس الصومالي عن خارطة طريقه في هذا الصدد قائلا « من جانبنا سنعمد إلى تحسين العلاقات مع جميع دول الجوار. وسيكون شعارنا حسن الجوار، إذ نريد ان تكون علاقاتنا مع الجميع مبنية على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام السيادة». وأردف أن سياسة (عفا الله عما سلف) هي الأكثر ملاءمة مع المرحلة المقبلة، إذ أن تصعيد التوتر غير محبذ، فالغاية هي الحفاظ على علاقات سوية مع الجميع مادام الاخرون لا يتدخلون في الشؤون الداخلية للبلاد.

لسنا ضد أحد ونرغب في الوحدة

واتخذ الرئيس الصومالي الجديد من حديثه لـ «عكاظ» مناسبة لتوجيه رسالة لأبناء شعبه قائلا : « اننا لسنا ضد احد ولن ننتقم من احد، ونرغب في تحقيق الوحدة الوطنية، والمقاومة كانت تمثل ارادتكم كشعب، وبالتالي فإنها تمثل انتصارا لإرادتكم المحققة لمبدأ السيادة، واقول انه حان الوقت لتوحيد الصفوف والتصدي لمن يرتكبون العنف، ولا شيء يبرر قتل الصوماليين لبعضهم البعض، بل هناك فرصة تاريخية لتحقيق الوفاق الوطني والمصالحة التي ننشدها جميعا».

وفي رد على سؤال حول مقولة جناح اسمرة في تحالف اعادة تحرير الصومال، ان هناك اختلافات في المبادئ في جناحي التحالف، أجاب شريف أن «ليس هناك مبادئ اختلفنا حولها, وانما الاختلاف كان في السلوك لحل مشاكل الصومال.المشاكل في طريقها للانفراج»، متمنيا من جناح اسمرة النظر الى المرحلة المقبلة التي تتطلب وحدة وطنية وشعورا بضرورة تحقيق المصلحة العامة، ومن ثم البعد عن الاختلافات ، داعيا الى الانضمام الى ركب المصالحة الوطنية بغية الوصول الى بر الامان، مشيرا إلى قرب عودته النهائية إلى الصومال.

جهود الملك عبدالله

وعن نظرته إلى مستقبل العلاقات مع المملكة التي دعمت مشروع تحقيق المصالحة الصومالية ، وعما إذا كان سيزورها، قال الرئيس الصومالي : «علاقاتنا مع المملكة متميزة جدا وممتازة. وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بذل ومازال يبذل جهودا كبيرة لتحقيق المصالحة الصومالية.والشعب الصومالي لن ينسى مواقف المملكة لدعم المصالحة وتحقيق الامن والاستقرار، وسأزور المملكة قريبا للاستئناس برأي خادم الحرمين الشريفين حول الصومال وترتيب أوضاعه الداخلية»، مضيفا ان الملك عبدالله كانت له جهود واضحة لتحقيق المصالحة العربية في قمة الكويت, وهو شخصية عربية تحظى بالاحترام والتأييد في المحافل العربية والدولية.

ملف القرصنة

وتناول شريف ملف القرصنة قبالة الشواطئ الصومالية مؤكدا أنه يمثل احد الملفات الاساسية التي ستخضع للتمحيص والحسم، مشيرا إلى مناهضة الشعب الصومالي لعمليات القرصنة، وسنسعى عن طريق زعماء القبائل والوسطاء لانهاء هذه العمليات، رغم استيعابه لإمكانيات وقدرات الصومال العسكرية المتواضعة حاليا ، إذ يقتضي الأمر دعما من المجتمع الدولي لمواجهة هذه الظاهرة، مؤكدا ان عودة الامن والاستقرار الداخلي ستساهم كثيرا في التقليل من هذه الظاهرة.

ويكشف الرئيس الصومالي الجديد عن اتجاهه لطرح مشروع ضبط السلاح في الداخل بقوله «في الواقع نحن سنسعى لتشكيل قوة للشرطة للحفاظ على الامن ، هذه القوة ستكون لها صلاحيات لاننا نريد ان تصبح لنا قوة موحدة وسلطة موحدة، ولا نريد اسلحة عشوائية».

مؤشرات أوباما

وتطرق الرئيس الصومالي إلى المستجدات الدولية وعلاقات بلاده مع الإدارة الأمريكية الجديدة، ملخصا الرغبة في الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، بل السعي إلى تطويرها، خاصة وان الادارة الجديدة برئاسة أوباما ارسلت مؤشرات ايجابية للغاية مؤكدة رغبتها في ايجاد أواصر جيدة مع العالم الاسلامي، الأمر الذي ينعكس إيجابا على الحرص أن تتبلور العلاقة الصومالية مع هذه الادارة الجديدة بجانب إقامة حوار بيني لمصلحة الامن والاستقرار في القرن الافريقي.

واستشرف شريف آفاق التعامل مع الوضع الامني الداخلي المتدهور، في ظل عدم وجود سلطة موحدة وسلاح شرعي، مفصلا وجود الرغبة في ان تكون السلطة موحدة في المرحلة المقبلة، والتحالف الذي يرأسه لديه خبرة واسعة إذ خاض في الماضي تجارب في هذا المجال، وسيعمل على انهاء حالة التدهور الامني كأولوية، لان الصوماليين سئموا الحروب والاقتتال ويرغبون في العيش بأمن واستقرار.

وتطلع شريف إلى حيوية العلاقة الاستراتيجية مع جيبوتي بوصفها كانت المحتضنة، وذات مواقف ايجابية، واصفا إياها بالمميزة والأخوية، والأرض التي حملت اعباء الصومال، مُزجيا الشكر والتقدير قائلا «لن ننسى هذه المواقف الايجابية تجاه ارساء الأمن في الصومال».

تشويه الإسلام

وقلل الرئيس الصومالي من تخوف الغرب من فوزه بمنصب الرئاسة باعتبار ان الحزب الذي يرأسه يواجه اتهامات التطرف، موضحا ان التخوف من الاسلام أتى نتيجة الممارسات الخاطئة للبعض، فيما ينتهج حزبه اسلوبا وسطيا معتدلا وفق الشريعة الاسلامية، وأن الأوصاف التي تتداول مؤخرا ، ماهي إلا ضرب من تعمد غير الحقيقة، إذ تكمن السياسات المرسومة في تبني المنهج الوسطي الصحيح، محذرا : «ولهذا اقول للجميع ارجو الابتعاد عن هذه التسميات، نحن وسطيون معتدلون وهناك من قام بتشويه صورة الاسلام، ونحن لسنا من ضمن اولئك ، نحن نرغب ان نتعامل مع الجميع وفق الوسطية والاعتدال والإسلام الصحيح».

وعما إذا كان سيعمد إلى إلغاء مظاهر التطور والانفتاح في الصومال المتمثل في مظاهر استقبال القنوات الفضائية عبر الأطباق اللاقطة «الدشوش»، دحض شريف هذا الزعم قائلا : « لا، هناك شائعات غير صحيحة مرتبطة باسم المحاكم الشرعية، لن نحظر أيا من هذه المظاهر،نحن نريد ان ينعم الشعب الصومالي بالأمن والاستقرار، وقصة (الدشوش) قضية هامشية وهي ليست ضمن أولوياتنا، نحن نمعن النظر في قضايا جوهرية وحيوية».

وخلص إلى توضيح موقف انسحاب قوات المحاكم الاسلامية قبل سنتين من الصومال، مؤكدا أن الانسحاب كان تكتيكيا، ولم يرغب الحزب ان يفقد عناصره، إذ أن الشعب الصومالي ادرك أهدافه، وعمل على دعمها بعد ان اصبحت لديه قناعة تامة ان المحاكم ليست لها مصالح سياسية، وانها ترغب في الحفاظ على الأمن والاستقرار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى