من ظلم أبوتريكة.. الكاف أم.. الجماهير المصرية ؟

> القاهرة «الأيام الرياضي» متابعات :

>
ما بين أحاسيس الظلم وعبارات المواساة وكلمات اللوم والحديث عن سوء التوفيق وسوء الحظ وسوء الطالع، عاش المصريون أوقاتاً عصيبة خلال الساعات الماضية.

وبالتحديد منذ الإعلان عن الفائزين بجوائز الأفضل في إفريقيا، وخسارة نجم نجوم الكرة المصرية محمد أبو تريكة لقب أفضل لاعب بالقارة لمصلحة التوجولي إيمانويل إديبايور، وقتل الأحلام التي عاشوا عليها أكثر من ثلاثة أشهر متواصلة، وذلك دون النظر لمتطلبات هذا الإنجاز، وما يمتلكونه من إمكانيات لتحقيقه.

آمال عريضة سيطرت على المصريين منذ الإعلان عن وجود لاعبين من المنتخب المصري في قائمة الخمسة المرشحين للقب، وسرعان ما تحولت تلك الآمال إلى ثقة كبيرة في الفوز بعد أن دخل أبو تريكة القائمة النهائية، ولكن قبل الإعلان الرسمي عن الفائز تحولت الثقة فجأة إلى شكوك وسيل من الاتهامات للاتحاد الإفريقي والشركة الراعية بعدم الحياد وظهرت المطالبات التي تدعوهما بالتخلي عن العنصرية وعدم إختيار ممثلهما الأسمر للفوز باللقب.. والواقع أنها أطرف (عنصرية) قد يسمع بها المرء في حياته، فكيف نطالب اتحاد اللعبة الشعبية الأولى في القارة السمراء ألا ينحاز للون الأسود خاصة إذا كان بتميز إديبايور أو دروجبا أو إيتو أوكانوتيه ويلعب في أهم الأندية العالمية؟.. وكيف نجبره على ألا ينظر لنجوم سمراء خرجت من عناء بلدانها الفقيرة وهربت من ظروفها الصعبة لتواجه تحد أكبر والنجاح مع أكبر أندية أوروبا؟..وكيف ندفعهم للإصغاء لنجم بحجم أبوتريكة قانع بالبقاء في الدوري المصري وأسير لمبارياته المملة الهادئة؟

إن المصريين لا يرغبون في التصديق بأن لديهم شيء مفقود، والاعتراف بالهزيمة ويصرون على المكابرة .. فقد بنى الإعلام المصري بصحبة الجماهير شخصية أبوتريكة وجعله (القديس) و(أمير القلوب) و(صاحب الفرحة) و(تاجر السعادة) وصنع له الأغاني واخترع لتحيته الأهازيج وصدق قدرته على الفوز، ولم يكتف بذلك فحسب بل طالب الآخرين بأن يتفاعلوا معه، ولكن في الواقع أنهم لا يشاهدوننا ولا يصغون إلى أغانينا ولا يعتقدون في قديسنا .. إنهم لا يصوتون سوى للنجوم اللامعة في الدوريات الأوروبية ولا يصغون سوى لصوت الجماهير الاوروبية التي تهتف لنجوم القارة بعد هدف جميل منح فريقهم الفوز في بطولة كبيرة أو لعبة رائعة انتزعت الآهات.

نعم لقد خسر أبوتريكة وبقدر مسؤوليته عن الخسارة بسلبيته الشديدة وإقتناعه بأن الدوري المصري وتهليل الجماهير والإعلام على كل كرة يلعبها وكل هدف يحرزه سيحقق كل أمنياته، فالجماهير مسؤولة أيضاً لأنها دفعته دفعا لأن يبقى وخدعته حتى اقتنع أن حب الجماهير أفضل من الاحتراف وأهم من 100 جائزة، فجلس يشاهد تألق الآخرين مثلما نفعل نحن تماماً..فهل لا تستطيع الجماهير أن تحبه وهو محترف بالخارج؟، وهل حب الجماهير يتعارض مع الاحتراف في دوري قوي يوفر له فرصة منافسة أقوى الأندية وأفضل اللاعبين في العالم..لقد نسينا أن حب الجماهير مهم للغاية ولكن الجوائز أيضاً كذلك.

في اليوم التالي للإعلان عن النتائج الرسمية، خرج سمير زاهر رئيس الاتحاد المصري بتصريح بدا عاطفياً إلى درجة بعيدة أكد خلاله أن الشعب النيجيري كان حزينا للغاية لعدم فوز أبوتريكة بالجائزة، ولكن الواقع يؤكد أنه أي زاهر إذا سأل الشعب الإيفواري فإنه سيرفض أبوتريكة لأن لديه دروجبا، وإذا سأل الشعب الكاميروني فإنه سيرفضه أيضاً لأن لديه إيتو، والأمر نفسه بالنسبة للمالييين الذين يمتلكون نجم بحجم كانوتيه، والتوجوليين الذين يملكون موهبة بقيمة إديبايور.

لقد اختار المصريون المكابرة والتلذذ بالظلم، ولحين أن يتأكدوا من أنه لديهم نقص ما يمنعهم من التتويج دائما في آخر اللحظات، فليكتفوا بجوائز الأكثر شعبية في العالم واستفتاءات المجلات العربية للفوز بجوائز (الأسد الذهبي والدب الفضي والدجاجة البرونزية، وليستمروا في ترديد أغانيهم (أنا مصري وأبويا مصري) و(مشربتش من نيلها)، وليتركوا الجوائز الحقيقية لأصحابها.

إن اللعب في أكبر الأندية الأوروبية وتدرج أبناء القارة في المستوى ليصبحوا من أعمدة هذه الأندية بما في ذلك من صعوبات بالغة تشمل التعامل مع فكر احترافي وتقديم كرة قدم حقيقة بجوار نجوم هم الأفضل في العالم، يعد شرفاً كبيراً وإنجاز لايضاهيه إنجاز ..

ولننتظر حتى اليوم الذي يكون لدينا فيه لاعباً في ناد أوروبي كبير يكون من أعمدته الأساسية، ويمثل غيابه عن صفوفه أزمة حقيقة، لأن وقتها فقط سيكون لنا الحق في المطالبة بالجائزة ووققتها فقط سنحصل عليها لامحالة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى