"المحكمة الخاصة بلبنان": مسار معقد وطويل انما تعطيلها غير وارد

> بيروت «الأيام» ريتا ضو :

> يرى خبراء ان تعقيدات اجرائية وتدخلات سياسية قد تؤخر مسار "المحكمة الخاصة بلبنان"، المحكمة الدولية الاولى المتخصصة في جريمة ارهابية التي تبدأ عملها في الاول من آذار/مارس في لاهاي، وان كانت لن تنجح في تعطيلها.

ويقول الاستاذ الجامعي في القانون الدولي عصام مبارك "لدي ثقة بان المحكمة ستصل الى نتائج" في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005.

ويضيف في حديث لوكالة فرانس برس "من مصلحة المجتمع الدولي الوصول بالمحاكمة الى نهايتها كي لا يفقد مصداقيته وكي لا يفتح الباب امام نمو الارهاب في العالم وتعميم سياسة الافلات من العقاب".

وتتخوف الاوساط السياسية التي ناضلت بقوة من اجل المحكمة الدولية من ان يطرأ تغيير على مصالح دول نافذة لعبت دورا في اقرار انشاء المحكمة، قد يدفعها الى العمل على تعطيلها، او على الاقل الضغط على قراراتها مقابل صفقات معينة تعقد مع دول اخرى، فيما تتحفظ شريحة اخرى من اللبنانيين على عمل المحكمة بحد ذاته.

ويلفت الدكتور عمر نشابه المتخصص في العلوم الجنائية في هذا الاطار الى ان "نصف اللبنانيين على الاقل ليسوا مرتاحين للمحكمة".

واشارت التقارير الاولى للجنة التحقيق الدولية التي بدأت عملها قبل حوالى اربع سنوات، الى ضلوع مسؤولين سوريين ولبنانيين في الاغتيال، الامر الذي اثار حملة في اوساط حلفاء سوريا في لبنان حول "تسييس" عمل المحكمة.

في المقابل، اتهم مناهضو سوريا (الاكثرية النيابية والوزارية) المعترضين بالتشكيك بالمحكمة خوفا من كشف التورط السوري.

وفيما تتمسك الاكثرية بشبهاتها تجاه دمشق التي تنفي اي علاقة لها، يتحدث المعارضون عن مسؤولية مجموعة اسلامية متطرفة عن عملية الاغتيال.

ويقول وزير العدل ابراهيم نجار لوكالة فرانس برس "لا مصلحة لاحد في تسييس" المحكمة، مضيفا ان "تسييسها يعني ايضا تسييس العقاب وزعزعة استقرار لبنان. نحن في حاجة الى عدالة شاملة، شفافة، غير قابلة للتأثر بالضغوط السياسية".

ويؤكد المدعي العام السابق القاضي منيف عويدات جازما من جهته "ان التدخل غير ممكن لدى المحكمة المؤلفة بقرار من مجلس الامن، من افضل القضاة العالميين واللبنانيين"، معتبرا "ان ليس بامكان احد تعطيل المحكمة الدولية (...) الا الذي الفها".

غير ان مسار المحكمة لن يكون معبدا وسريعا.

ويستبعد مبارك ظهور "شيء ملموس" على صعيد تحديد الجهات المسؤولة عن الجريمة او تقدم المحاكمات "قبل سنتين" تقريبا.

ويشير الى ان "مشاكل اجرائية" قد تؤخر عمل المحكمة، منها تعقيدات الترجمة في كل مراحل التحقيق والمحاكمة واجراءات نقل الشهود و"تدخلات سياسية واخفاء معلومات واشخاص (...). لذلك، يصعب التكهن بالمدة التي سيستغرقها عمل المحكمة".

وفي حديث نشرته صحيفة الحياة أمس الأربعاء، اكد القاضي الألماني ديتليف ميليس الرئيس الأول للجنة التحقيق الدولية ان "ابرام صفقة حول المحكمة أمر مستحيل" وان "اكثر ما يمكن أن يضر بها هو استغراقها وقتا طويلا بلا محاكمات".

واضاف انه "لن يكون ممكنا إزالة (المحكمة) لا بحكومة لبنانية مختلفة، ولا بحكومة أميركية مختلفة، ولا بأمين عام (للامم المتحدة) مختلف" مؤكدا ان "الجهة الوحيدة التي يمكن لها إزالة المحكمة هي مجلس الأمن وهذا بدوره شبه مستحيل ما لم تستكمل أدوارها القانونية".

و"المحكمة الخاصة بلبنان" هي المحكمة الدولية الاولى المختصة في جريمة ارهابية تستهدف شخصا بشكل اساسي، بينما شكلت المحاكم السابقة في جرائم حرب او جرائم ضد الانسانية.

وباستثناء محكمتي نورمبرغ وطوكيو اللتين انشئتا بعد الحرب العالمية الثانية واصدرتا احكامهما في غضون سنة بالنسبة الى الاولى وسنتين بالنسبة الى الثانية، فان عمل المحاكم الدولية الاخرى استغرق سنوات طويلة ولم ينته بعد.

فقد انشئت محكمة الجزاء الدولية للنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة في 1993 ووجهت اتهامات الى اكثر من 160 شخصا بينهم مسؤولون كبار واصدرت احكاما في حق اكثر من ستين، بحسب موقع الامم المتحدة الخاص بالمحكمة على الانترنت، ولا تزال المحاكمات جارية.

وانشئت محكمة سيراليون في 2002 للنظر في جرائم ضد الانسانية ارتكبت اعتبارا من 1996، ويحاكم امامها الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور.

في 1995، بدأت تشق طريقها المحاكم الدولية الاستثنائية في كمبوديا التي تنظر في مقتل حوالى مليوني شخص في عهد نظام بول بوت (الخمير الحمر) الذي توفي في 1998.

وبدا عملها فعليا في 2006، ولن تبدأ الجلسات الاساسية قبل الشهر القادم.

وحددت مدة عمل المحكمة الخاصة بلبنان بثلاث سنوات قابلة للتجديد.

وشرح نشابه مراحل عمل المحكمة في الفترة المقبلة مشيرا الى ان مهمة القضاة "الاساسية بعد قسم اليمين، مناقشة مسودة نظام الادلة والاجراءات، وهو امر قد يستغرق وقتا"، مضيفا ان "الجلسات لن تاتي قبل وقت طويل".

وذكر نشابه ان امام مدعي عام المحكمة دانيال بلمار "مهلة شهرين ليطلب كف يد القضاء اللبناني وتنازله عن الاختصاص ليصبح في عهدة المحكمة الدولية".

ولدى السلطات اللبنانية اربعة موقوفين في جريمة اغتيال الحريري هم قادة الاجهزة الامنية سابقا، ويفترض ان يطلب نقلهم الى مقر المحكمة الدولية في لايدشندام قرب لاهاي في هولندا، بعدما اخلى القضاء اللبناني أمس الأربعاء سبيل ثلاثة من الموقوفين.

ويضيف نشابه "اذا اعتبر نظام الادلة والاجراءات ان ما جمع من معلومات عن الموقوفين صالح للاستخدام في توجيه الاتهام، يبقى الموقوفون قيد الاعتقال. واذا تبين مثلا ان المعلومات اخذت بطريقة غير قانونية ما قد يعرضها لهجوم من الدفاع في المحكمة، يخلى سبيلهم". (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى