حسين محمد الجابري .. عميد الأحرار وفارس الثوار

> عبدالله محمد عنبر:

> هو حسين محمد الجابري، من مواليد عام 1940 بجبلة أهل فرج مودية محافظة أبين، وينتمي إلى أسرة يمنية عريقة، وعرفت آنذاك بـ (أسرة علم)، تميز موقعها الاجتماعي بمعارفها الخيرة في الأمور الدينية.

وفي المقدمة والده القاضي محمد الجابري -رحمه الله- صاحب كتاتيب تعليم القرآن الكريم في عصره، ليوفر من خلالها لقمة العيش الضرورية لأولاده وهم علي وصالح وحسين وكرائمهم. وفي كنف هذه الأسرة الطيبة المتواضعة نما وترعرع حسين الجابري، وتلقى تعليمه الابتدائي بمودية والمتوسط بزنجبار أبين، ثم التحق بكلية عدن من عام 1957-1961م، وحصل فيها على شهادة الثقافة العامة بدرجة امتياز.. وفي السنتين الأخيرتين من دراسته بالكلية ارتبط فيها برموز وطنية مناضلة بفرع حركة القوميين العرب بعدن إحدى المنظمات السرية المناوئة للاستعمار البريطاني المحتل لجنوب اليمن في ذلك الوقت.

وفي منتصف عام 1961م التحق كمدرس بمدرسة مودية المتوسطة متأثراً بالفكر القومي لحركة القوميين العرب، ومنسجماً مع الأفكار التحررية لثورة مصر عبدالناصر عام 1952م، وقام حينها بتأسيس أول مدرسة للمناضلين الثوار لفرع حركة القوميين العرب بدثينة، ونظمها في حلقات وخلايا كل شريحة على حدة، وشملت كافة فئات المجتمع في دثينة من مثقفين وفلاحين وبقية رموز القطاع القبلي المناضلين، كما أشار إليها الأخ المناضل والرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد- حفظه الله- في حديثه الوارد في صحيفة «الأيام» العدد 5589 الصادر بتاريخ 27 ديسمبر 2008م.

إن الحديث عن حسين الجابري كمناضل يمني بارز سنعجز وسيعجز الآخرون عن سرد الوقائع والمسؤوليات الجسيمة التي تحملها وتضحياته اللامحدودة التي وهبها في الدفاع عن ثورة سبتمبر المجيدة عام 1962م، ومن أجل انتصار ثورة 14 أكتوبر من عام 1963م ضد المستعمر حتى رحيله من البلاد في الـ 30 من نوفمبر 1967م.. فالجابري بشهرته كمناضل أفرزته معطيات أحداث وتحولات الحركة الوطنية اليمنية ورياح التغيير لثورتيها الظافرتين منتصف القرن العشرين المنصرم جعلت من حسين الجابري هامة من الهامات الشامخة المتسعة بحجمها على حجم الوطن الكبير، وترتقي بشموخها إلى مرتبة الشهداء والمناضلين البارزين كالزبيري والسلال والعلفي والثلايا، إضافة إلى الأوصاف الجليلة التي اتصف بها الجابري كالخلق الراقي والدعوة إلى المساواة والتزامه بأدبيات الثورة للكل ومن أجل الكل، وأذكر منها زيارتي إلى بيته بالمعلا بداية عام 1972م عندما كان مديراً عاماً للأسماك، حيث استقبلني في غرفة الضيوف وقدم لي الشاي وعلى يمينه ولده (وليد) البالغ من العمر ست سنوات، وأعطيت ولده (شلناً واحداً فقط) فزعل الجابري وقال: «أنا عارف أنك أعطيت ولدي هذا الشلن رحمة منك لولدي واحتراماً منك لي، ولكنني أنا لا أريد ولدي يكون فوق عيال الجيران ويعرض عضلاته عليهم بكبرياء هذا الشلن».. ثم واصل حديثه وقال: «أنا أشكرك على زيارتك لي النابعة من المودة الصادقة نحوي، ولكن أرجو أن لا تزورني مرة أخرى لأنني في خلاف حاد مع السلطة حول القضايا المصيرية لهذا البلد، والسلطة تراقبني بدقة وتنسب كل من يلتقي بي أو يزورني إلى صفي، وأنا متوقع اعتقالي في أية لحظة كانت، وأنا محافظ عليك، وكما تعرف أن لك وضعية خاصة عندي وزملاء كثر، برأيكم المعارض لحكومة 22 يونيو 1969م».. ثم طلبت منه السماح وخرجت من منزله، وبعد ثلاثة أيام تم اعتقاله وأودعوه السجن مدة ثمان سنوات.

فهذا هو حسين الجابري علم من أعلام الثورة اليمنية الخالدة، وما تعرض له من سجون المستعمر مدة أربع سنوات وثمان سنوات بعد الاستقلال، لن يطمس ولن يمحى تاريخه النضالي الطويل، وسيظل الجابري صاحب الملحمة النضالية المكتوبة على ورق الورد، وأنشودة متلألأة بالشكر والثناء في تلاوات الأجيال المتتالية..

أخيراً فإننا لا نمتلك أي شيء نقدمه لأولاد حسين الجابري إلا عزاءنا الحار النابع من قلوبنا الصادقة، وفي مقدمتهم ولده وليد وصالح الجابري شقيق حسين الجابري وكافة أسرة آل الجابري.

ختاماً.. إلى جنة الخلد ياحسين الجابري، وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فإن غبت عنا فأنت حاضر في قلوب كل المناضلين الذين تعلموا منك كل جميل ودروس محبة الأوطان كما كنت ترددها في كل لقاءاتنا معك في بيت من الشعر للشاعر صفي الدين الحلي:

وطني لوشغلت في الخلد عنه

نازعتني إليه بالخلد نفسي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى