قصة قصيرة .. ثـــورة نـسـوان

> «الأيام» هيبة خالد:

> كالعادة تشاجر رامي مع زملائه في الصف، وكما هو مألوف يتكرر ذلك منه وللسبب نفسه، إنه التحيز لفريقه المفضل، ولا يقبل أبداً أي هجاء يوجه لأي لاعب في الفريق ولو بغير قصد، فعدوانية زملائه وظلمهم الكلامي لفريقه يجبر رامي على الرد.

مثلما الفساد الاقتصادي والسياسي يجبر الكاتب على الكتابة! ولكن هذه المرة استمر مدة طويلة واعتلت الأصوات فوصل الأمر إلى العراك، ولأن رامي وحيد وحزبه الأضعف لم يستطع أحد أن يوقف ضربات الأقوياء وكشعبنا المغلوب لا يملك سوى البكاء، رامي لم يكن بحوزته سوى مخزون دمع أبقاه كسلاح لقسوة الزمن، فهيهات هيهات أن تنجلي مظالم بجريان ماء العيون.

مع استمرار خيانة أبناء الشحر لأمهم استمر الضرب على رامي إلى حد الإغماء، أفاق المدير من سباته والمعلمون من اللامبالاة، وجاءوا للنجدة بعد فوات الأوان كإسقاط واجب ليس إلا!

نقل رامي إلى المشفى وأخبرت أمه بالأمر إذ إن والده قد دفن متأثراً بطعنات ما وصلت إليه البلاد، أيعقل أن يقتل الوضع المعيشي إنسانا؟؟ هكذا فعل التسيب الحكوم بأبي رامي ولله الحمد.

أقبلت أم رامي إلى المشفى تسابق خفقان قلبها على ابنها الوحيد، وتلقى رامي العلاج وما إن تراجعت إليه قواه حتى سأل أمه عن الكرة، ففاجأته بأنها قد أحضرتها له وأخذت تداعب وجهه بالكرة قائلة: تفضل يارامي سمعون.

تهلل وجهه فرحاً واستعاد بالكرة صحته.. لهذا الحد تعد الكرة بمثابة الحياة لبعض أفراد مدينتنا المسلوبة؟ أذن لرامي بالخروج وبينما هم كذلك أرادت أم رامي أن ترفع معنويات ابنها أكثر وهي تدري حبه الجنوني للكرة، فذهبت به إلى منطقة عروش الخدام (جنوب خزان الماء بالشحر) فعليها أرضية ملعب لنادي سمعون وجعلت تشرح له أن في هذا المكان سيكون لقدمك العظمة يا رامي، في هذه الأشبار ستسجل الأهداف، هنا الجماهير سيهتفون سدد يا رامي سمعون، وهنا سيقف الحكم، وهنا المرامي التي ستشهد بقوة الأهداف، وهنا موقف السيارات لذا فسألازمك مع كل مباراة يابني وسأظل في السيارة لأسمع هتافاتهم رامي سمعون رامي سمعون رامي سمعون.

فأخذ رامي يضحك بصوت رنان وكله أحلام وآمال بتحقيق أهداف أمه وأهدافه. وأخذت أم رامي تمطر على ابنها بتطلعات عريضة وواصلت صياغة أفكارها لابنها الهداف إلى أن قاطعها رجل ليخبرها بأن أرضية الملعب قد نهشتها الكلاب وتقاسموا ما نهشوه!! فصرخت قائلة:«ماذا؟ أما زالت الكلاب تجول في المدينة؟ ويتقاسمون ماذا؟ أهذه تركت أبيهم؟ وابني اليتيم رامي؟ أين سيسجل أهدافه؟ في دول الجوار؟

والله ثم والله ليتركوا أفسد القوم نادي مدينتنا أو لنثورن نحن النساء ثورة نسوان وسترجع حقوق أيتامنا مادام رجالنا أمواتا.. نعم رجالنا أموات».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى