إلى أهلي (الصبيحة) .. أما آن الأوان؟

> د.علي الزبير:

> إلى أهلي الأعزاء..إلى أبناء الصبيحة الذين يشهد لهم التاريخ بما سطروه من مواقف مشرفة في كل المنعطفات التاريخية التي مرّ بها الوطن الغالي، إلى الذين لم يبخلوا على تربة الوطن بدمائهم الزكية التي امتزجت بدماء أبناء المناطق الأخرى من اليمن.

فكانت الثورة، إلى الذين لم يتوانوا في دعم مسيرة التقدم والتنمية في الوطن حتى كانت الوحدة المباركة، ولن يترددوا في التضحية بأغلى ما يملكون في سبيل أن يبقى الوطن موحداً، قويا، يسوده الأمن والعدل.

إلى أهلي الأحبة، اسمحوا لي عبر هذا المنبر الحر (صحيفة «الأيام») أن أخاطبكم خطاب محبٍّ يرجو لكم الخير، ويحلم بأن يراكم سائرين في ركب التحديث والتطوير؛ فأقول: أما آن الأوان لنتوقف قليلا وننظر كيف غدا الناس يفكرون، ويصرفون أمور عيشهم، أما آن الأوان لنعيد النظر في منهج حياتنا، ونمط تفكيرنا، وندرك أن ما يعانيه مجتمعنا الصغير من شظف العيش، وشحة المياه، وقلة الموارد... يجعله في غنى عن إضافة مشكلات أخرى من صنع أيدينا.

لقد غدا من المحزن في زمن الحاسوب والإنترنت والانفجار المعرفي الهائل، أن نظل نفكر بلغة (السلاح)، ومن المؤلم أن يتسابق الآخرون في البحث عن الجديد في العلم والمعرفة، ونتسابق نحن على أفضل مكان لننصب فيه (كمينا)، ومن المخزي أن ينام غيرنا ممسكا كتابا، وينام الواحد منا محتضنا سلاحا، وإنه مما تتمزق له نياط القلب أن يعلِّم الآخرون أبناءهم (الحروف)، ونعلِّم أبناءنا (الحروب).. ويعلمونهم كيف يصنعون من الكلمات فكرا، ونعلمهم كيف يجعلون من الرصاصة موتا.

أما آن لنا أن نضع السلاح جانبا، وأن نبحث عن وسائل حضارية لحل مشاكلنا الداخلية، أما آن لنا أن نوقظ (العقل) من سباته، ليكون (العقال) الذي يتحكم في تصرفاتنا، بدلا من عاطفة الغضب المذموم، الذي لا يقودنا إلا إلى مزيد من التطاحن والتناحر.

أما آن الأوان لنعي أن (الرجولة) ليست اختيالا بسلاح، أو اندفاعا وراء انفعال أهوج، أو صراخا وتهديدا، ولكنها موقف محكوم بالعقل والحكمة وحسن الخلق، وهو ما اختزله رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في قوله موجها أصحابه الذين كانوا قريبي عهد بالجاهلية ومفاهيمها الخاطئة:

« ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».

أم آن لنا أن ننزع غلالة الجهل عن تفكيرنا، وأساليب عيشنا، فنغرس في نفوس أبنائنا حب الخير والتسامح، ونحثهم على طلب العلم، بدلا من إفساد عقولهم بمرض (الثأر)، ومفاهيم الرجولة الزائفة، والتقاليد القبلية الفاسدة التي حرمها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وتأباها كل نفس كريمة.

أما آن للأطراف المتخاصمة أن توقف سيل الدماء، وتبحث عن حلول جذرية لقضايا الخلاف، بعيدا عن الاندفاع والتسرع، وليس ذلك بمستحيل إذا وجدت الرغبة، وقدِّم العقل على الانفعال، وهيأ كل طرف نفسه لتجاوز صغائر الأمور في سبيل حل كبائرها؛ ولن يكون تقديم بعض التنازلات في سبيل الحياة الكريمة الآمنة إلا مصدر فخر واعتزاز للأجيال القادمة.

لقد آن الأوان لندرك أن منهج حياتنا القائم على إثارة المشكلات الكبيرة من أتفه المواقف، لن يتغير إلا بأيدينا، ولن يحدث هذا التغيير الإيجابي إلا إذا آمنا بأهميته، ولن نؤمن بأهميته إلا إذا آمنا بالحياة نفسها، وأن الله خلقنا لنعمرها بالخير، لا لنكدرها بالشر.

وقد آن الأوان لندرك أن ثمة أياديَ سوداء من مصلحتها أن نظل في (جاهليتنا) فلا تفوت مناسبة لتزيد النار اشتعالا، فهلاّ أفقنا!.

وختاماً، إلى مثقفي الصبيحة وعقلائهم: أما آن لكم أن تخترقوا هذه السدم المعتمة من الجهل والتخلف، التي تحول دون تسرب النور إلى نفوس أولئك الذين يجهلون المعنى الحقيقي للحياة الكريمة؟ فما جدوى الثقافة والعلم، إن لم يصيرا نبراسا يطارد ظلام الجهل، وفنارا يسترشد به التائه في خضم المفاهيم البالية؟

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى