نعم لقد فقدنا مصالحنا

> د.عيدروس نصر ناصر :

> غالبا ما يتهجم المرتبطون بالحكم في البلد من كبار المسئولين، والكتاب والكتبة على الناشطين السياسيين الجنوبيين المنخرطين في الفعاليات الاحتجاجية على أنهم مجموعة ممن فقدوا مصالحهم أو أنهم يحنون إلى الماضي.

أو من الذين أشعلوا حرب 1994م أو أنهم ممن كانوا يصفون بعضهم بعضا وغيرها من الشعارات الممجوجة التي يكررونها كلما أعيتهم الحيلة وخذلتهم ورقة التوت في التغطية على عورات السياسات التي اتبعوها بعد حرب 94م الظالمة التي حولوا بعدها الجنوب كل الجنوب: أرضا وإنسانا ودولة وثروة وهوية وتاريخا وثقافة إلى غنيمة حرب يعبثون بها كما يشاءون ويتقاسمون عائداتها فيما بينهم كما يحلو لهم.

نعم لقد فقدنا مصالحنا، وهي مصالح كثيرة جرى نهبها من قبل اللصوص الذين قدموا بعد 7 يوليو يلتهمون الأخضر واليابس.

لقد خسرنا التعليم المجاني، وأصبح على من يرغب في تعليم ابنه أو ابنته أن يعد مئات الآلاف لإكمال تعليمهم الثانوي، أما التعليم الجامعي فله حديث آخر بعد أن كانوا يتعلمون ويسكنون في الأقسام الداخلية ويحصلون على الغذاء المجاني ويتقاضون فلوس الجيب ويحصلون على الدراسات العليا في الداخل والخارج من دون أن يخسروا دينارا واحدا.

لقد خسرنا التطبيب المجاني، وبعد أن كنا نحصل على الدواء والتشخيص والفحوصات والترقيد في المستشفيات الحكومية ونسافر للعلاج في الخارج على حساب الدولة، وبدلا من كل هذا صار على من يريد أن يتعالج من الصداع أو من آلام الأسنان أن يعد مئات الآلاف وأن يبيع كل ما يملك كي يستعيد عافيته، أما الأمراض الأخرى المستعصية فعلى من يتعرض لها أن ينتظر الموت لأنه مهما امتلك لا يمكن أن يحصل على العلاج.

لقد خسرنا الأمن والاستقرار، وأصبح على من يتعرض للعدوان من أحدهم أن يعد عشرات الآلاف أجرة الأطقم التي تذهب لإحضار المعتدي، الذي قد يدفع أكثر ليلقى القبض على المجني عليه، ويتحول الجاني إلى مجني عليه والمجني عليه جانيا، وصار المرء ينام وهو يعيش حالة من القلق الدائم ليس من الغد البعيد بل من الساعات القادمة.

لقد خسرنا النظام العادل و القضاء النزيه ونظام الدولة الذي استبدل بعرف القبيلة، وصار على كل من يضطر اللجوء إلى القضاء أن يعد مئات الآلاف وربما الملايين للطلوع والنزول ولإرشاء المتنفذين لمجرد تحريك قضيته التي قد يحكم عليه بالتهمة حتى وإن كان مجنيا عليه.

لقد خسرنا التاريخ الكفاحي المشرف لكل الجنوب الذي جرى تزويره وتزييفه وتغيير حقائقه وتحويله إلى غنيمة يصوغه المنتصر كما يشاء فيجرم الشرفاء ويدين المناضلين والشهداء ويعلي من شأن التابعين من لصوص التاريخ ومزوريه.

نعم لقد خسرنا الإحساس بالانتماء إلى هذه الأرض بعد أن استباحها القادمون مع فجر 7 يوليو وأصبحوا يتمتعون بكل شيء وينهبون كل شيء ولا نستطيع نحن حتى الإحساس بأننا جزء من هذه الأرض بعد أن أصبحنا عاجزين عن الحصول على المنحة الدراسية أو على قطعة أرض لبناء مسكن نشتريها من بائع من القادمين بعد 7 يوليو.

خسرنا القيم الأخلاقية القائمة على الشرف والنزاهة وتحريم الكذب والتزوير والسرقة، هذه القيم التي تنتصر للمظلومين وتردع الظالمين، والتي استبدلت بسياسة حمران العيون، وهو اللقب الذي يطلق على لصوص الأراضي والأموال العامة والمرتشين وناهبي الثروة.

لقد خسرنا الدولة القائمة على النظام والقانون والمؤسسات، الدولة التي تحترم آدمية الإنسان وتعلي من مكانته وتحترم مصالحه وتضع ازدهاره واستقراره وتقدمه على رأس اهتماماتها وتم استبدالها بسلطة كل ما تقوم به هو المزيد من فرض الجبايات على كاهل المواطن، الذي عليه أن يسدد كل فواتير فسادها وفساد ضمير القائمين عليها.

نعم لقد خسرنا كل هذه المصالح، ولهذا ثرنا على الظلم ونحن مصممون على استعادة حقوقنا حتى وإن أغضبكم ذلك.

برقيات:

> حركة (نجاح) التي عقدت مؤتمرها التأسيسي في محافظة الضالع أصدرت بيانا اتسم بالعمق السياسي ووضوح الرؤية واللغة السياسية الراقية، فمزيدا من النجاح يا (نجاح).

> أحد الزملاء غضب من دفاعي عن المهندس حيدر العطاس وراح يصور أنني تابع للعطاس، وأنني أتهم الوحدة بعيوب حرب 1994م.. لعن الله بطء الفهم.

> قال الشاعر الأندلسي أبو البقاء الرندي:

لكل شيء إذا ما تم نقــــصانُ

فلا يغر بطيب العيش إنسانُ

هي الأمور كما شاهدتها دولٌ

من سرّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ

* عضو مجلس النواب رئيس الكتلة

البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى