سفينة الوحدة والوصول إلى آخر رمق

> برهان عبداللــه مانع:

> خدمة الإنقاذ العاجل هي العبارة التي يستخدمها ملاح السفينة والمعروفة بحروفها الأولى (S.O.S) وتعني (أنهم وصلوا إلى آخر رمق) ومن الممكن إنقاذ ركاب سفينة تستنجد.

لكن من المستحيل إنقاذ ركاب طائرة بعد إرسال صرخة (ماي - داي)، لأنها ستكون تهوي وفي طريقها إلى الارتطام بالأرض أوالجبال.

ويطلق مصطلح (لايف لاين) في الولايات المتحدة واستراليا أي بمعنى حبل السلامة والإنقاذ، وفي فرنسا (الصديق عند الضيق)، أما في أسبانيا فتعرف (بهاتف الأمل)، وفي ماليزيا (لست وحدك).

أما سفينتنا فقد أبحرت عام 90م وركابها وحدويون أصلا وفصلا وقولا وفعلا متجهون بها إلى بحار الله غير مبالين باتجاه البوصلة، بل أهازيج الفرح ودفء الإخاء بتحقيق الوحدة اليمنية، ولايعنيهم في أي حزب أنت ولايشغلهم لأي منطقة تنتمي، بل يكفي أنك وحدوي، وفي برهة تتبخر الأحلام وتتأرجح السفينة بعاصفة هوجاء يقودها غول من الفساد المنظم، ولاتعرف سفينة الوحدة الخروج إلى بر الأمان.

ويبدأ صراخ الاستغاثة باليائسين والتعساء والمقهورين والمظلومين، ويعرف بعدها الناس أن المواطنة في عهد الوحدة درجة أولى ودرجة عاشرة، فينتقل الناس في الجنوب من معاناة الحكم الشمولي السابق الذي أطبق على حياتهم الشخصية، وسيطر على الرغبات والحركات والحريات ووضع أيديولوجية لكل مجالات الحياة.

ويأتي البديل أرعنا بوحدة سلطوية تتمسك بصيانة النظام وبالقوة والإكراه وحكم الطبقة المتميزة والمسيطرة بيد الأقلية، وتتصرف كما تشاء بالأرض والثروة، وتتشدق باسم الديمقراطية، وتتباهى بنزاهة وحرية الصحافة، وتسير فيها نقابات تابعة مذلة، ويبقى في الساحة عسكرة الجامعة، وساسة وأحزاب معارضة وهمية، وغياب وانفلات أمني تام وحفنة من اللصوص والمتنفذين، والعاصفة صاعقة مستمرة.. وقبل الوصول إلى الرمق الأخير نتساءل: أين القيم التي رسختها الوحدة في بناء الأجيال؟ ولماذا غاب الاستقرار السياسي وبرز نهب الأرض والثروة وتفشى الفقر والتسول والظلم، وأصبحت أرواح الناس رخيصة الثمن؟!.

والحالة تدعو إلى اليأس والعجز والانتحار في عدم الاعتراف بالآخرين شركاء الوطن، لأنهم ليسوا مجرد عبيد خاضعين للسادة، بل ربابنة وأصحاب أرض ووطن.

وأخيرا، لا أجد غير التأكيد على الإسراع بالاتصال بخدمة الإنقاذ العاجل، ومعالجة الأسباب قبل الأعراض، حتى نصل إلى بر الأمان، لأن ما تبقى من الوحدة هو العلم، وشعب مسكين مصفق يغني:

تربتي كلها نَهَب وأنا صانع الوحدة العجب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى