شتان بين الوحدة المرغوبة والوحدة المفروضة

> عبداللـــه الحوتري:

> هلل الشعب اليمني في الدولتين عام 1990م بإعلان القيادة السياسية للوحدة، ذلك الأمل الذي ظل كامنا في نفوس البسطاء الذين يرون تحقيقه يمثل عملية انتقال إلى مستوى أرقى في الحياة على مختلف الأصعدة.

وهو الأمل الذي قتلته القيادة السياسية ذاتها بإضافة معاناة جديدة إلى معاناة ما قبل الوحدة، وكللت ذلك بالحرب الفاصلة، الأمر الذي يتضح معه أن الفرق كبير بين الجهد المبذول من قبل تلك القيادة الذي لا يتعدى إبداء الموافقة على إقامة الوحدة، وبين من يبذل جهودا وبإخلاص لتحقيق هدف كبير يمثل أملا بعيد المدى للإنسان اليمني. من يعمل لتحقيق هدف كالوحدة ويصل له يصبح أكثر حرصا على تحقيق طموحات الأمة المرتبطة بذلك الهدف (الوحدة) التي تعني تجاوز كل المنغصات التي كانت مرافقة للحياة في جوانبها المختلفة قبل الوحدة، وتلك هي الوحدة المرغوبة. أما من اكتفى بإبداء الموافقة على الوحدة ليس إلا عندما حانت ظروف لم يكن له فضل في إنضاجها، مثل هذا لا يكترث لتلك الطموحات التي لا يرى فيها ما يهمه، وما ينتج عن هذا الموقف من خيبة أمل في الرأي العام أمر لا يهمه أيضا، وبذلك يزرع الكراهية للوحدة في النفوس، الأمر الذي يهدد مستقبلها.

في وضعنا، الوحدة التي نتوق إليها تعني العزة والرفعة والرفاهية والديمقراطية والأمان في ظل دولة تدار بقوة القانون لا بقانون القوة.. معروف أن الأطماع لا تتحقق إلا من خلال انتقاص حقوق الآخرين، سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وغيرها، الأمر الذي تنشأ بسببه روح المقاومة عند الطرف الآخر، وهو ما يجري اليوم في بلادنا وتنعكس نتائجه على شعبنا بدم ودموع، أي فضل لمن يدّعون تحقيق الوحدة؟! إنهم أبعد عن أي فضل، ما استطاعوا عمله هو غرس فتنة تأكل الأخضر واليابس ولو بعد حين، ما استطاعوا فعله هو تحويل مشاعر الحب والرغبة للوحدة إلى مشاعر عداء وكراهية، فالوحدة تكتمل بشروط الحفاظ عليها في النفوس لا بالمدفع والدبابة، ولن يأتي هذا إلا بالوحدة المرغوبة التي لا يحبذها على ما يبدو المسؤولون القائمون على أمر هذا الشعب الصابر والوطن المعطاء. أما الوحدة المفروضة بالمدفع والدبابة التي يعتقدون أن فيها مجدهم فبنتيجتها لن يكون ممكنا إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل اتفاق العليين على الوحدة، بل سيتجزأ الوطن إلى دويلات عديدة، سيقترن ظهورها باسم من يرفض اليوم حلولا هي أقل وطأة وكلفة على الوطن والمواطن من حلول الغد.

ومن يدخل التاريخ على طمع يخرج منه بعار، هذه تحذيرات ممن يرى ظهور بوادر مستقبل لا يتمنى أن يراه، ويقول ما يعتقده مفيدا للوطن والمواطن، ويطمح إلى إقامة وحدة مرغوبة تمتد جذورها إلى أعماق الأرض والنفوس وفرعها في عنان السماء. قد لا يجدي النصح والتحذير عند البعض لكنه يريح قائله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى