بعد أن شهد أوج الحضارة و أزهى عصور التجارة.. المخا ميناء يلفظ أنفاسه الأخيرة و مستثمرون ينشدون التسهيلات

> «الأيام» رياض الأديب:

>
ميناء المخا
ميناء المخا
مدينة المخا هي مدينة وميناء قديم مشهور ، تقع غرب مدينة تعز على بعد حوالي ( 94 كيلو مترا) على ساحل البحر الأحمر وتعد من الموانئ القديمة التي ذكرتها النقوش الحميرية باسم (مخن ) لقيامها بأدوار تاريخية هامة قبل وبعد الإسلام .

أخذت مدينة المخا تستعيد حياتها كمركز تجاري حتى بلغت في ( القرن السابع عشر الميلادي ) في أوج ازدهارها وكان البن أهم سلعة يمنية تصدر إلى الخارج عبر مينائها في العصور الحديثة إضافة إلى الصبر ، والبخور ، وأعواد الأراك ، في العصور القديمة ، كما تصدر كميات كبيرة من الزبيب.

بدأ ميناء المخا يفقد أهميته منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي حتى يومنا هذا ويترجم البعض أن السنوات الأخيرة شهدت تدهورا ملحوظا للميناء والذي أصبح وارداته تقتصر على بعض السلع المحدودة كالأسمنت والحيوانات و الزيوت ..

بعض المستثمرين شكوا من التعسفات التي تلحق بهم من مصلحة الجمارك في حين عبر أكثر سائقي النقل الثقيل أن ما يحصل في ميناء المخا يكاد يستثنى منه كل الموانئ اليمنية .. «الأيام» وبناء على شكوى تلك الجهات زارت المكان وخرجت بهذه الحصيلة ..

> عبدالقوي صالح الحميقاني مدير عام شركة البحر الأحمر للإسمنت المحدودة والمتخصصة في استيراد الإسمنت السائب وتعبئته باسم أسمنت المخا والتي تكاد الوحيدة في المنطقة يوضح أن أنه «منذ تأسيس الشركة عام 2003م وجهته العديد من العراقيل حتى تم إخلاء الموقع بعد سنتين من تاريخ التأسيس».

يضيف الحميقاني أن شركتهم والتي استوعبت أكثر من 50 يد عاملة مازالت تحت وطأة المضايقات من قبل بضع الجهات التي لا تسعى لتشجيع الاستثمار في البلد، موضحا أن من المفارقات في المناطق النائية كميناء المخا والتي لا يوجد فيها أي مشروع استثماري من الأولويات أن يوفر له المناخ المناسب للأحياء هذه المناطق من قبل المستثمرين ولكن ما هو حاصل هو العكس تماما ما يحصل في المخا هو ضد تشجيع الاستثمار وضد برنامج الرئيس الانتخابي في إشارة منه إلى المضايقات التي تمارس ضدهم من قبل إدارة جمارك المخا وذلك بعدم السماح لبضاعتهم بالخروج من الميناء حتى استيفاء نتائج تحليلات المواصفات و المقاييس من صنعاء.

يردف مدير عام إسمنت المخا «غياب الدولة عن هذه المنطقة جعلت القائمين في الميناء يتصرفون وفق هواهم و وفق قوانين يطلقونها من عند أنفسهم»، مؤكدا بذات الوقت أن مطلبه لا يتعدى سوى المساواة بالمثل مع الواردات الأخرى في إشارة منه إلى الزيوت المستوردة والتي يتم إطلاقها فور وصولها دون أي عراقيل أو حجج واهية, علاوة على شركات أخرى تستورد نفس سلعهم عن طريق موانئ أخرى في اليمن ولا يطبق عليهم قوانين المخا النافذة.

و اعتبر الحميقاني أن «الإجراءات التي تمارس ضدهم كأنه عقاب لهم لاستثمارهم بذات المكان» مؤكدا أن الشركة ألغت مشروع كبير يتمثل في شركة مطاحن موضحا أن من المضايقات التي يتعرضون لها في كثير من الأحيان عدم السماح للباخرة في إفراغ حمولتها في الوقت المحدد ليكون التأخير في غير صالح الشركة، إذ تحسب كل ساعة من التأخير لتصل في بعض الأحيان إلى 500 دولار ..

و أوضح المدير العام أن «المواصفات والمقاييس تقوم بدورها المطلوب وقت استدعائهم من تعز في أي ساعة من الليل أو النهار غير أن الخلل يكمن في الجمارك الذي رفض إطلاق الشحنة المحملة على القواطر و التي مضى لها قرابة أسبوع، منوها أن «تقرير المواصفات و المقاييس ليس من اختصاص الجمارك الذي اتخذ منه ذريعة في تعطيلهم مع قرابة 40 قاطرة محملة بالأسمنت، مؤكدا أن مثل هذه الإجراءات تطبق على تاجر شنطة وليس شركة لها كيانها في الميناء والتي تتحمل أي مسئولية في إنتاجها كما في بقية الموانئ».

وتساءل الحميقاني: «هل هذه هي الرعاية التي يفترض أن يحظى بها المشروع الاستثماري الوحيد في هذه المنطقة المحرومة؟ وهل هذه المعاملة تطبيق للجهود التي تبذلها القيادة السياسية للمستقبل الاستثمار في البلد..

أثناء قرار الإفراج
أثناء قرار الإفراج
الحميقاني يعتبر إصراره على البقاء واجب وطني يتمثل في روح المسئولية التي يجب أن يتحملها أي مواطن غيور ومحب لوطنه، لذا هو لا يفكر في نقل مشروعه إلى أي بلد أخرى رغم وجود مشاريع استثمارية مشابهة لهم في كل من السودان ودولة الإمارات غير أنه ليس لديه الشجاعة الكافية للكذب عن أي مستثمر إذ ما طلب مشاورته عن الاستثمار في اليمن ..

عشرات من سائقي سيارات النقل الكبير صفوا عند مخرج جمارك المخا في انتظار قرار الإفراج والذي مضى عليه عدة أيام ..

> محمد حسن المروني سائق في دائرة الأشغال العسكرية يعتبر أن ما يجري في ميناء المخا من يوم الأحد إلى يوم الأربعاء من عراقيل لا تواجد في أي ميناء آخر من الموانئ التي يحمل منها, وتساءل المروني عن كيفية التذرع بالجودة بعد أن يتم إنزال البضاعة من الباخرة .

> الحاج أحمد مسعد التاج يعمل سائقا منذ 39عاما يضيف أنه يحمل بضاعة من ميناء الحديدة و ميناء الصليف وعدن وكل موانئ الجمهورية غير أن ميناء المخا هو الحالة الاستثنائية التي تسبب لهم العراقيل والخسائر الفادحة التي يتكبدونها و المتمثلة في أجور مصاريف ودرجات نارية لأسواق المخا, يضيف تاج أن العراقيل تتم حتى على مستوى معاملة الفرد من قبل الإداريين فمعاملة واحدة تستوجب عليه عدة توقيعات من شخص لآخر وهو عكس ميناء عدن الذي تسلم له المعاملة ويأتي لأخذها جاهزة بدون تعب يذكر .

وقال التاج :«إن الأبواب في ميناء المخا مغلقة لأسباب لا يعلمها سوى مدير الجمارك!» معتبرا بذات الوقت أن مثل هذه الأمور دائما ما تعمل على هروب المستثمر من البلاد ..

> أحمد مرشد ناجي سائق هو الآخر يؤكد أن المال الذي يصرفه أثناء انتظاره قرار الإفراج كبير يصل إلى 8000ريال في بعض الأحيان, معتبرا أن استمرار الجمارك في منواله هذا من شانها أن يعزف الكثيرين من السائقين عن ميناء المخا، خاصة إذ كانت سيارة النقل تعود لمالك غير السائق كون الآخر لم يستطع أن يوفر أجرة المالك ما يضطره في النهاية إلى المغادرة بهدوء ..

شكوى المستثمر الحميقاني والسائقين وضعت أكثر من تساؤل على المحك عن حقيقة تلك التعسفات التي يمنى بها الميناء ومن منهجية «الأيام» بقواعد الرأي و الرأي الآخر وضعت تلك التساؤلات على طاولة مدير عام مصلحة الجمارك في ميناء المخا الأستاذ علي عبدالله الكحلاني والذي أوضح بدوره أن الجمارك جهة إيرادية تعمل على حماية المستهلك وفق الأنظمة و القوانين النافذة التي تتعلق بالأعمال الجمركية، مستدلا بذلك على الإيرادات المرتفعة من الجمارك والتي حققتها في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالربع الأول من العام المنصرم إذ بلغت خمسمائة وتسعة مليون ومائتان وثلاثة وأربعون ألف وثلاثمائة وعشرون ريالا بمعنى أن زيادة الإيرادات بلغت 78 %.

وأكد الكحلاني أن «تقليص واردة المواشي للميناء مؤخرا سببه شحة الأمطار في بلد المصدر علاوة على استيراد السعودية الحيوانات مباشرة من الصومال عبر جيبوتي بدل من المخا»، معتبرا أن لجوء بعض من تجار المواشي إلى ميناء المكلا هو خبر غير صحيح ..

وأكد مدير عام مصلحة الجمارك أن «كل الإجراءات في ميناء المخا مسهلة وفق القانون ومن يزعم غير ذلك فهو لمصلحة شخصية يراد من ورائها تسهيل بعض الأعمال لبعض الجهات الخارجة عن القانون.

ونوه الكحلاني أن «قرار الإفراج عن شحنات الإسمنت لا يمكن الموافقة عليه إلا بعد إشعار المواصفات و المقاييس بالسماح بخروجها». معتبرا عمله واجب وطني يتحتم عليه القيام به حتى لا تكن هناك أي مسئولية في حالة لسماح الله في انهيار المباني على ساكنيه بسبب تقصير الجهات الجمركية التي سيلقى باللوم على عاتقها, مشيرا إلى أن قانون الجمارك يلزم عدم الإفراج إلا بموافقة المواصفات و المقاييس, وإذ في أي تأخير في المواصفات و المقاييس هم السبب عنه .

وأشار الكحلاني إذا وجد هناك تقلص في واردة المواشي عن العام الماضي، فالأمر من شأنه أن يخدم المزارع اليمني وبالتالي يشجعه على الإنتاج, منتقدا بذات الوقت أن تتهم الجهات التي تعمل على استيفاء حق الدولة بالفاسدة فبدلا من التعاون معها في محاربة الفساد وإحلال النظام والقانون يطلق على إجراءاتهم بالتعسفات.

واعتبر مدير مصلحة الجمارك أنه ومنذ توليه الميناء في شهر 5 من عام 2007م وجد أنه بحاجة إلى عدة إصلاحات خلفتها العادات الموروثة والتراكمات إضافة إلى الإهمال وعدم وجود خطوط منظمة للبواخر وكذا انعدام الخدمات المستمرة لاستقبال البواخر الكبيرة وأيضا عدم وجود وسائل تقنية حديثة وهو ما جعله محصورا على الحيوانات والزيت و الإسمنت.

الكحلاني يرى أن «هناك جهود تبذل من كافة الجهات الرسمية للتطوير ميناء المخا والذي هو بحاجة توفير وسائل حديثة للشحن و التفريغ وتوسيع الغطس وإنشاء أرصفة حديثة وكذا إيجاد خطوط ملاحية منظمة». منوها بأنه لا يمكن لأي تاجر أن يأتي بواردات من الصين إلى ميناء المخا وهو في حالته الراهنة.

ونوه إلى أن أنصار الفساد كثيرون الأمر الذي يعد مأساة وعائق في تنفيذ برنامج الرئيس الانتخابي، مشيرا إلى أن ميناء المخا إذا لم يكن أفضل من أي دائرة جمركية أخرى فهو ليس أقل منها كون التعامل يتم وفق نظام آلي ورسومات محددة.

مجموعة من السائقين
مجموعة من السائقين
وختم مدير عام جمارك المخا حديثه بنصحه لكل المسئولين بأن يشعروا أن المرتبات التي يقبضونها و السيارات التي يركبونها والفلل التي يسكونها هي من الإيرادات العامة و التي يجب على الجميع أن يحافظ عليها وليست تغرف من البحر، متمنيا على وزارة الإعلام أن تقوم بإعداد حلقات إذاعية وتلفزيونية تتناول مثل هذه القضايا.

> القبطان/ سامي سعيد فارع مدير عام ميناء المخا أوضح من جانبه الميناء يجب الاهتمام به من كافة النواحي لأجل إعادة الاعتبار التاريخي له معتبرا أن توجيهات رئيس الجمهورية بإعادة اعتباره تحولت إلى وقع ملموس من زيارة الحكومة الأخيرة لمحافظة تعز، و اعتبارات ميناء المخا لا يمكن أن تعد إلا من خلال السمعة الحسنة له و لتسهيلات التي يجب أن تمنح للمستثمر.

وأشار سامي أن الميناء يوجد فيه انخفاض ملحوظ بالأنشطة التجارية مقارنة بالأعوام الماضية وخاصة المواشي بعد أن كان الميناء يستقبل كل أنواع البضائع لتصبح محصورة في الوقت الراهن في بضائع محددة, في إشارة منه إلى ازدهار كافة الموانئ اليمنية على عكس ميناء المخا بما في ذلك ميناء المكلا الذي شهد تطورا ملحوظا في زيادة واردة المواشي إليه.

وأكد مدير عام الميناء إلى إمكانية تقديم تسهيلات في كثير من الأحيان للبعض المستثمرين من قبل الجهات المسؤولة، موضحا بالقول: «ممكن موظف بسيط إذا ما في رقابة من الإدارة المباشرة عليه ممكن يعمل تعصب في الميناء وينعكس العمل سلبيا على أداء العمل» .

> عبدالقادر الحميقاني مسئول العلاقات العامة في شركة البحر الأحمر أوضح من جانبه أن الميناء بحاجة إلى أناس مخلصين يقدرون على تأدية العمل الوطني بروح المسئولية الأمر الذي من شأنه تشجيع الاستثمار في البلد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى