د. أحمد صالح منصر : نوع من الأحبة الذين يضنيك البحث عن أمثالهم

> د. محمد عبدالهادي:

> كنت كغيري من أصدقائه ومحبيه نتابع أخبار مرضه سائلين الله له الشفاء، كانت تصلنا الأخبار متقطعة من عمان وخاصة في الأيام الأخيرة .. كنا ننتظر قدومه بلهفة وشوق ولجلساته المفعمة بالحيوية والمحبة والتراحم.

حتى جاءنا نبأ وفاته الفاجع فوقعت الصدمة على الجميع وكانت فاجعة بكل المقاييس .

بفقدانه أعزي نفسي أولاً ، ثم أعزي أسرته وأحبابه وأصدقاءه وبعدها أعزي الوطن بأسره الذي أعطاه فقيدنا الكثير من جهده ووقته وصحته من دون أن ينتظر أي مقابل، أما جامعة عدن وبرحيله الأليم فقدت إنساناً عظيماً بأخلاقه وإخلاصه وصفاته وأمانته يصعب تعويضه، إنه نادر في زمن اختلت فيه القيم والأخلاقيات، فقدت الجامعة حقاً أستاذاً وأكاديمياً من الطراز الفريد جمع بين العلم والمعرفة وأخلاقية المهنة والتعاطي مع الكل من دون تمييز بدفء مشاعره الصادقة حقا، ففي كل عطاء لأحمد، تجد في العطاء أياً كان نوعه إنسانيته النبيلة ودمث أخلاقه ومحبته، لقد كان حقاً معطى إنسانياً خالصاً خالياً من كل الشوائب والعقد .

أشاطر أصدقاء أحمد وكل محبيه في حجم الألم والوجع النفسي جراء موته غير أني شخصياً مازلت مفجوعاً بموته الخاطف، على الرغم من يقيني بأن الموت حق علينا جميعاً، لقد اعتقد كل فرد من أصدقائه المقربين ومن يجلس معه أو يلتقي به بصورة منتظمة وفي داخلية نفسه أنه أقرب الأصدقاء إلى قلب أحمد، غير أننا وبعد رحيله الأليم اكتشفنا حقيقة أخرى هي أن الدكتور أحمد وحده كان الأقرب نفسياً إلى كل واحد منا، فها هو يتجلى لنا بعد رحيله على غير ما كنا نعتقد، فقد توزع أحمد فينا فتجمعنا نحن فيه .

فهو كالمسك الذي لاتنبعث منه إلا رائحته المسكية فكان الدكتور أحمد (رحمة الله عليه) أزكى من روائح الدنيا كلها، فهو بحق العطر الذي لايضاهيه عطر، وأنقى من نقاوة الأشياء جميعاً، فيكفي أن يكون في مجلس حتى يشع فيه الحيوية والاطمئنان، يقدر الكل من دون استثناء ويستمع لأحاديثهم مهما كانت ولايقاطع ويشعر محدثه بجدية الحديث وأهميته ويحترم مايقول وإن اختلف معه لاينطق إلا بكلمات تقطر عذوبة وتكون ذات دلالة ومعنى، وللأمانة ليس هناك وجع يثير الآلام الموجعة ويفقدك التوازن كالوجع الذي يحدثه فقد الأحبة .. فما بالك بالدكتور أحمد الصديق العزيز صاحب المودة والصفاء والنقاء .. صدقني إن قلت لك ولو بعد الرحيل .. لقد جعلت من مهاراتك قدوة فاعتليت حمائد الأخلاق، وحملت الرسالة فكنت أشد حرصاً على إيصالها لمن عنتهم وأتيت اعتزازاً فخلدك في صفحة الخلود ولبست التواضع فأخجلته حفاوة وثناء .

ياعزيزي إنك من الصنف القليل التكرار من نوع الأحبة الذين يضنيك البحث عن أمثالهم في الحياة وربما لم يسعفنا الحظ لنلتقي بمن هم على شاكلتهم اليوم .

رحم الله الفقيد .. ففي كل جوانب مكونات شخصيته خلَّف أثراً، وبصماته لاتخفي.

وليس يصح في الأذهان شيء

إذا احتاج النهار إلى دليل

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى