«الأيام» .... والقضية الجنوبية

> علي صالح محمد :

> قرأت في واحدة من الإصدارات الأسبوعية مؤخراً مقالة يستميت كاتبها في كيل التهم لصحيفة «الأيام» بكونها صحيفة مناطقية وبأنها تستخدم أسلوب الكيل بمكيالين في نقل الوقائع والأحداث بانحيازها للجنوبيين ضد الشماليين.

ومن خلال ما تضمنه المقال من أمثلة يستطيع القارئ أن يميز مستوى التضليل وإثارة الضغائن والأحقاد المناطقية وبتسطيح غير ناضج للأمور، وكأن القضية هي قضية بين شماليين وجنوبيين، وهو أمر معيب لمجرد تناوله بهذا الصيغة.
وهنا يخطئ من يعتقد أن هذا الأسلوب وغيره من أساليب التعامل مع الصحف الحرة سيؤدي إلى إسكاتها، والكل يدرك حجم التضليل الموجه، وكلنا يدرك منذ زمن طويل مقدار الضغوط العلنية والسرية وأشكال الترغيب والترهيب المتنوعة التي تعانيها «الأيام» حتى اليوم، غير جرجرتها في المحاكم من خلال نيابة الصحافة بهدف إسكاتها كمنبر صحفي ومهني حر يتبنى بوضوح القضية الجنوبية وقضايا المظلومين في عموم اليمن كجزء من دوره المهني والوطني بل والإنساني، الأمر الذي يزعج البعض كثيراً، خصوصاً وأن كل يوم يمر تكتسب فيه الصحيفة والقضية الجنوبية انتشاراً ملحوظاً واهتماماً كبيراً محلياً وعالمياً ، لهذا فإن حملة التهكم الموجهة ضد «الأيام» إنما ينظر إليها في إطار الموقف من القضية الجنوبية، وموقف «الأيام» الناضج والواعي من هذه القضية، ولو أن «الأيام» تخلت عن نهجها في إبراز القضية الجنوبية لما تعرضت لكل هذا الأذى، وهنا سنظل نردد وبالصوت العالي أن قضية الجنوب هي قضية سياسية محورية فرضت نفسها بقوة كقضية لايمكن تجاوزها وتناسيها أو تجاهلها أو شطبها من القاموس السياسي اليمني بالتقادم كما يسعى أو يعتقد البعض، لأن الحقائق التاريخية تؤكد أن أبناء الجنوب كانوا السباقين إلى تحقيق الوحدة، وهم من تبناها ولعل في ذلك خطؤهم التاريخي القاتل الذين يدفعون ثمنه اليوم، لهذا لايجوز لأحد أن يزايد على موقفهم من الوحدة أو يحقره ، وهم في ذلك لا يستعدون أحدا من أبناء الشمال الذين يعانون منذ قرون الظلم والاستبداد الإمامي والقبلي في ظل الجمهورية، كما لايجوز أن ينظر إلى الباطل الواقع على الجنوب بكونه ضريبة لابد من أدائها حتى يسود الظلم في كل أرجاء اليمن.. الجنوب عبر التاريخ، تاريخ كامل، ومتميز له خصائصه وهويته الثقافية والسياسية والاجتماعية الضاربة في أعماق التاريخ لايمكن محوه بحرب ليعتقد المنتصر أنه حقق الانتصار النهائي (فلا المهزوم فاني ولا المنتصر ضامن بقاه)، وما الحراك الجنوبي المستمر والمتنامي إلا دليل على الموقف الرافض بوعي لنتائج الحرب، وعلى صحوة كل الجنوب لاستعادة هوية وجوده التاريخي مهما حاولت السلطة أن تستميت في التضليل وفي الدفاع عن حججها الباطلة في تفسير الصراع والحرب باسم الوحدة واستثمار ذلك وتوظيفه لاستعداء مواطني الشمال ضد الجنوب مثلما تنضح به بعض الكتابات، وهو الأمر الذي اتضح للجميع ولايمكن أن يدوم، وكما يقول الزامل الشعبي :

يا المؤتمر تهناك وحدة أرضنا

مادمت تجني من مواردها ألوف

العفو منك لو كرهها شعبنا

ماظن يعشقها وهو صايم عطوف

الوطن كله يئن من سياسات النظام، والنظام يمارس المكابرة في عدم الاعتراف بما يجري بل يمارس الهروب، ومثل مايقول الزامل:

يا المؤتمر زادت على الشعب الجرع

وانته ولا اتعلمت تسميد الشقوق

عاد المسلة في يمينك للرقع

كـم باتـرقع والـوطـن كله بـزوق

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى