أسبانيا تحيي الذكرى السنوية لطرد المسلمين بمشاعر من «عدم الارتياح»

> مدريد «الأيام» سينيكا تارفنن:

> تحيى أسبانيا الذكري السنوية الـ 400 لطرد نحو 300 ألف من الموريسكوس (مسلمي أسبانيا في العصور الوسطى الذين أجبروا على اعتناق المسيحية) فيما يوصف بأنه سابقة مبكرة لعمليات التطهير العرقي الاوروبية.

وتحل مناسبة الذكرى السنوية لامر الطرد الذي وقع في 9 ابريل عام 1609 بعد أمس الخميس وفي أعقاب اجتماع عقد في اسطنبول لمشروع تحالف الحضارات التابع للامم المتحدة وهو من بنات أفكار رئيسي وزراء تركيا وأسبانيا رجب طيب اردوغان وخوسيه لويس رودريجيث ثاباتيرو. وستقام احتفالات لاحياء الذكرى تعبيرا عن الاسف لطرد الموريسكو تماشيا مع مشروع تحالف الحضارات الذي يسعى لتعميق التفاهم بين الغرب والعالم الاسلامي حسبما كتب الروائي خوسيه مانويل فخاردو مؤخرا.

ويجري تنظيم بعض الفعاليات مثل المؤتمرات والمعارض وطرح الكتب في هذه المناسبة، بيد أن مجمل الامر على نحو ما لاحظه الروائي خوان جويتيسولو يشي بان «أسبانيا الرسمية والاكاديمية قد انسحبت إلى قلاع الصمت الحذر الذي يكشف عن شعور واضح بعدم الارتياح ».

بدأ التاريخ الاسلامي في أسبانيا في القرن الثامن بوصول الفاتحين الذين صاروا يعرفون بـ «المورو» - من شمال افريقيا والجزيرة العربية. حكم المورو اجزاء من الجزيرة الايبيرية على مدى ثمانية قرون أضاءوا خلالها مشاعل الحضارة وعاشوا في سلام نسبي مع المسيحيين واليهود المحليين اغلب الوقت. ولم يكن ما سمي إعادة الغزو المسيحي لاسبانيا في الواقع سوى نوع من الحرب الاهلية لان قسما كبيرا من مسلمي الاندلس - على نحو ما كان الاسبان المورو يعرفون- كانوا وقتها من أصول محلية بحسب الخبير المغربي سعيد جديدي.

واكتملت عملية إعادة الغزو عام 1492 عندما سقطت غرناطة آخر قلاع المورو في يد الملك فيرديناند والملكة ايزابيلا المنتميين للكنيسة الكاثوليكية.

في نفس هذا العام أمر اليهود الذين رفضوا اعتناق المسيحية بمغادرة أسبانيا وفي المقابل فان الشروط التي تم الاتفاق عليها لاستسلام غرناطة قد كفلت للمسلمين حق ممارسة شعائرهم الدينية وأعرافهم. بيد أن التحول القسري إلى المسيحية سرعان ما تحول إلى نهج شمل البلاد بأسرها إلى جانب أوامر بالتخلي عن اللغة والاسماء والاردية العربية. بيد أن كثيرين ممن تحولوا إلى المسيحية في الظاهر استمروا في الحياة بالأساليب الإسلامية وتحدوا محاولات خلق دولة ذات عنصر واحد. وكانت ثمة شكوك تحيط بولائهم للعرش وراحت محاكم التفتيش تحاكمهم.

وفي عام 1609 عندما احتاج فيليب الثالث في لحظة تراجع فيها وضعه السياسي والاقتصادي إلى انتصار على عدو داخلي قرر نظامه طرد الموريسكوس من المملكة. واعتبارا من سبتمبر بدأت عملية شحن الاسبان من أصل مسلم إلى شمال افريقيا في عملية منظمة حسبما يقول جويتيسولو . وكان الطرد الذي استمر من عام 1609 إلى 1614 «أول سابقة أوروبية للتطهير العرقي ».

وقد تم في «ظروف وحشية» اشتملت قتل من يرفض المغادرة كما يوضح الروائي الاسباني الشهير الذي يعيش في مدينة مراكش المغربية. استقر غالبية الموريسكوس في المغرب والجزائر وتونس حيث يزهو أحفادهم بتراثهم «الاندلسي». ولا تظهر آثار التراث المشترك في شمال افريقيا فقط بل أيضا في أسبانيا من العمارة والموسيقى إلى الطهي والحرف الصناعية . وتزخر اللغة الاسبانية بآلاف من الكلمات العربية الأصل. ويقر عدد كبير من المؤرخين الان بان التحول القسري والطرد كان بمثابة خسارة ثقافية واقتصادية كبرى لاسبانيا. لكن ليس من الوارد أن تقدم الحكومة اعترافا رسميا بمثل هذه الخسارة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى