وطننا الذي ينبغي أن نحافظ عليه ونصونه !

> د. مهدي علي عبدالسلام:

> من المؤسف أن البعض دخل عالم السياسة عبر دهاليز وأنفاق مظلمة، وهو لايفقه من أبجديات السياسة شيئاً فتاهت عليه بوصلته وظل يبحث من خلال هذا العالم الصاخب المليء بالمتناقضات والمنزلقات.

عن دور أو وجاهة أو مكانة أو وجود في الوسط السياسي في الوقت الذي افتقد فيه هؤلاء كل مؤهلات القيام بذلك الدور وشروطه وفي مقدمتها إدراك حقائق التاريخ والواقع والقدرة على استيعاب خصائص المجتمع أو تسجيل المواقف النضالية المشرفة والشجاعة والمنحازة للشعب وقضاياه والانتصار لها عبر كل المواقف والمنعطفات والتحولات بعيداً عن روح الأنانية والنرجسية أو الارتهان للآخرين أو حتى ادعاء النضال المزعوم عبر الثرثرة في المقايل أو على صفحات الصحف والمواقع الصفراء والتي حتماً لايمكن أن ينتج عنها نضال حقيقي مثمر يصب بنتائجه في مصلحة الوطن والشعب أو الأمة .

ولكن بعض الدخلاء على النضال الوطني أو المتطفلين عليه ممن عفى عليهم الزمن أو تتجاوزهم الأحداث تراهم اليوم يضججون أسماعنا بتنظيراتهم وشطحاتهم وشططهم وأطروحاتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي يحاولون من خلالها أن يلبسوا ثوب الناصحين المخلصين أو يتقمصوا فيها دور الوطنيين أو المفكرين الذين لايترددون في الإدلاء بدلوهم في كل حدث وقضية وشأن وفي ظنهم أن هناك من سينخدع بهم ومن سيصدق أقاويلهم وأباطيلهم أو أن الخلاص لن يأتي إلا على أيديهم المرتعشة أو الملطخة بدماء الأبرياء في الوقت الذي يعلم الجميع حقيقتهم وتاريخهم ويعرف الأسباب والدوافع التي تقف وراء ضجيجهم المفتعل ومايرددونه من شعارات جوفاء أو مزاعم كاذبة حول الوطن أو ما يزعمونه من وجود مخاطر تحدق به، بل ويصل بهم الأمر إلى التطاول على وحدة الوطن وتلاحم أبنائه شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً.

مثل هؤلاء يعرف الشعب يقيناً من هم؟ وأنهم بعد أن فقدوا مصالحهم غير المشروعة ونبذهم الشعب نتيجة ما ارتكبوه في حقه من ممارسات نالت من حريته وكرامته وآدميته وحقوقه الإنسانية، فإنهم لم يجدوا من طريقة في الانتفاع من الوطن غير زرع الألغام في طريقه ومحاولة النيل من وحدته الوطنية التي استعادها يوم الـ22 من مايو 1990م والتي هي قدر ومصير الشعب اليمني والثمرة العظيمة لنضاله وتضحياته وعنوان عزته ومجده .. فالأجيال اليمنية المتعاقبة في شمال الوطن وجنوبه شرقه وغربه قد تربت وترعرعت على ثقافة الوحدة وحب الوحدة والنضال والتضحية في سبيلها.

ولهذا جاءت أهداف ومبادئ الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) ونضالات شهدائها ومناضليها مؤكدة على تلكم الحقيقة اليقينية الراسخة بأن الوحدة هي الهدف الاستراتيجي المهم لكل أبناء الشعب اليمني على امتداد الأرض اليمنية والإنجاز التاريخي العظيم الذي تحقق لهم بعد حقبة التشطير الطويلة التي عانوا منها ماعانوا من الويلات والمآسي سواء في إطار ذلك الصراع الشطري - الشطري أو في إطار ما كان يجري في كل شطر وبخاصة في المحافظات الجنوبية التي شهدت العديد من جولات الصراعات الدامية والمتكررة والثأر السياسي والتصفيات الجسدية المتبادلة التي لم تتوقف إلا بعد أن تحقق للوطن استعادة وحدته والتئام شمل أبنائه قبل أكثر من 19 عاماً من الآن .. ولا يتباكى على تلك الفترات السوداء المظلمة من تاريخ الوطن إلا من عانى منهم الوطن كثيراً واكتوى بنيران استبدادهم وطغيانهم وسوء ممارساتهم بحق أبنائه .

إن الوحدة الوطنية بحاجة اليوم إلى الحفاظ عليها وصيانتها من كل التجاوزات وإشاعة ثقافة المحبة والتسامح والتآخي والابتعاد عن التعبئة الخاطئة أو نشر ثقافة الكراهية والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد لأن الجميع هم اليوم في سفينة واحدة هي سفينة الوطن ومن يحاولون خرقها أو إغراقها إنما سيكونون هم أول الغارقين والهالكين، وأول من سيكتوي بنيران تلك الفتن التي يسعون إلى إشعال نيرانها وفي أي جزء من الوطن ... ومن الواجب أن يستفيد الجميع وفي مقدمتهم هؤلاء النافخون في الكير من تجارب الماضي القريب والبعيد في تاريخ الوطن وغيره واستلهام ماهو أفضل وأجدى لصنع حاضر ومستقبل ننشده جميعاً ومن بعدنا أجيالنا، وهذا لن يتحقق إلا بفهم كل منا واجبه واضطلاعه بدوره ومسؤوليته الوطنية .. لأن الوطن ملكنا جميعاً وعلينا أن نتعظ بتجارب غيرنا ونستلهم كافة الحقائق والمتغيرات الجارية من حولنا. والحليم تكفيه الإشارة.

مدير عام مكتب التربية والتعليم /تعز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى