كل التضامن لأبناء كود قرو المظلومين

> د.هشام محسن السقاف:

> لايمكن لأي عاقل أن يقبل - مجرد القبول - بأسلوب البطش والاقتلاع الذي يراد له أن يمارس على قرية صغيرة كـ«كود قرو» النائمة بين أحضان الرمال غير بعيدة عن البريقة بمحافظة عدن.

وأن يمس الأذى والضر هؤلاء البسطاء من أبناء هذه الأرض، لافرق بين شيخ وطفل ولاحرمة لامرأة، في حملة ترويعية تبلغ ذروة مايمكن أن يقدم عليه مستبد ظالم - ولا أقول مستبد عادل - بغية التنكيل بمن عاش على رمال هذه القرية أباً عن جد لعشرات إن لم يكن مئات السنين .. لا لسبب اقترفوه سوى أنهم وجدوا على مساحة من أرض يسيل لها لعاب المتنفذين والمتجبرين بقانون القوة، وما الاستخدام المفرط للقوة واعتقال أكثر من أربعين من أبناء هذه القرية بينهم 13 امرأة إلا دليل آخر على انفراط عقد السلام الاجتماعي والانجرار إلى خانة الفوضى وخلق الأزمات التي يلجأ إليها بعض المتنفذين، في وقت تعقيداته لم تعد بخافية على أحد. فلمصلحة من تهاجم قرية وادعة ارتضى أهلها التحكيم في قضية مقتل الشيخ نبيل قرو، وتنازلوا عن الدم مقابل حقهم في قريتهم وحرمها ومحافرها، وهو التحكيم الذي رعاه الشيخ الحكيم صالح بن فريد العولقي - الشخصية الاجتماعية المرموقة عضو مجلس النواب - الذي وجد في منزله المطاردون من الأطفال والشيوخ من أبناء كود قرو ملجأ يأوون إليه هرباً من الأطقم والقنابل المسيلة للدموع .

فهل من مبرر لمثل هذه الأعمال في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن والجنوب على وجه الخصوص سوى أنها لاتبشر بخير أبداًً.

إن الحراك السلمي مرده في الأساس إلى تراكمات هائلة من الجور والظلم مارسته قوى متنفذة تعتدي على أراضي وحقوق وممتلكات المواطنين في الجنوب، مما أضر ليس بالوحدة اليمنية التوافقية التي تمت على أساس وشرعية الديمقراطية، الحاضن الاجتماعي والقانوني لحقوق المنضوين في الدولة الجديدة، وإنما أضر -أيضاً- بالتكوين النفسي للكثير من أبناء الجنوب الذي تشكل على مدى زمني طويل تائقاً ومبادراً إلى الوحدة. وكان الأمل أن تدمج الدولة في الجنوب وتكوينات ماقبل الدولة في الشمال في شكل جديد لدولة عصرية حديثة، تقف على تراكمات الخبرة الإنسانية والتاريخية وتستفيد منها؛ لخلق نمط مثالي جديد، بدلاً من تعميم الشكل الهش لنموذج كان سائداً في شمال الوطن .

وليت معاول الهدم تعي هذا القول المكثف للدكتور عبدالسلام نور الدين وفحواه: «يبدو أنه قدر على الإنسان أن يقاتل في محاور رئيسية ثلاثة، ضد نفسه وذلك بأن ينتقدها على الدوام، وضد المجتمع، وذلك بأن يهدمه ليبنيه على سنن جديدة، وضد الطبيعة لتطويعها وتسخيرها».

إن قضية أهالي كود قرو بمحافظة عدن تفرض على الضمير الوطني والإنساني أن يتضامن معها، وعلى المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب والشخصيات الاجتماعية والإعلاميين أن يرفعوا أصواتهم لمناصرة هؤلاء المظلومين المقموعين من دون وجه حق .. وقد كان الأمل في أن يكون موقف الأخوة في المجلس المحلي جلياً شجاعاً لمناصرة الحق والحفاظ على أمن أهالي كود قرو من أي ترويع وظلم .

4 أبريل 2009م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى