قوننة النهب

> صالح علي الدويل:

> لم تكن الهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة من الموروثات الشطرية ولا ضرورة في المرحلة الانتقالية التي لم تتسع ولو لاستشارات سياسية ومهنية محايدة كان يمكن أن تثري التجربة.

وتجنبها الضم وكان الأمل أن تؤسس لمؤسسة وحدوية تقود المشروع أجهضتها حرب 94م وأعادت إنتاج مؤسسة شطرية، ثم تحولت خليطاً من المؤسسة واللامؤسسة شفافيتها معتمة لتحتضن المشروع وتقوده، فولدت الهيئة توأما للنهب الذي كلما ضجت الأصوات منه شكلت السلطة لجان تهدئة وتمويه، ولما نضجت ثمرته حان قوننتها، فظهرت مسودة قانون السجل العقاري وتناولت الأقلام معايبه وأخبثها أنه جعل القضاء في مسألة تثبيت الملكية رئيس لجنة إصلاح يتم تعيين أعضائها من الهيئة (مخضرية حالية)، فالقانون لن يطبق في (بلاد حمران العيون)، والنص القانوني حمّال ظلم عندما تتولاه هيئة شفافيتها معتمة، وتخلو عقيدتها الإدارية من المهنية، وتعايشت مع النهب لتعتمده حجة توثيق .

إن الحالة قبل القوننة تتطلب معالجات جدية تحل العقار والأرض في الجنوب تصدر عن نيات صادقة، وإجراءات حازمة ليست بتشكيل لجان تسير على قاعدة «أصدروا التوصيات ودعوهم ينهبون». إنما المؤشرات تضعه آلية لهيمنة وإمساك (حمران العيون) على التمليك، فالقانون لايبصر إلا عبر شفافية المؤسسات وهي لدينا معتمة، وحيادتها شكلية واستقلاليتها منعدمة ومهنيتها غير مفعلة. فمثلا بين تسويق جمهورية القبائل عالميا ومبدأ الشريك الوطني في الاستثمار داخليا تحولت مؤسسات الدولة إلى (سكرتيرة) تدير التجارة والاستثمارات الخاصة لأساطين المرحلة.

ففي مجال كالنفط من ستين شراكة مع اليمن اثنتا عشرة منها طرفها الأول وزارة النفط والبقية لم تكشفها بعض صحفنا إلا عن معاهد دولية وهي تحلل عوامل فشل دولتنا ومنها أن نفط اليمن يحميه ويملكه شيوخ !!

وما لم تعرفه تلك المعاهد أن شيوخ شبوة وحضرموت والمهرة لايملكون نفطها بل آخرون فوق المساءلة بمعايير ديمقراطيتنا التي تحسدنا عليها شعوب الجوار !! ففي بلد لديه شفافية أقيل وزير من منصبه لأنه استغله لتوفير خادمة لعشيقته !!

ولم ترَ ديمقراطيتنا الشفافة ضيرا أن تكون ثروة البلد مستباحة من الفاسدين، وتسلينا بـ(عليق) اسمه براءة الذمة «ومت ياحمار لما يجيك العليق».

إن الفرد لاتصل مجالاته إلى امتلاك وحماية لمسائل الثروة السيادية إنما تتأسس لها شركات تديرها وتنميها لها نظائر في جوارنا ليست على طريقة المؤسسة اليمنية الاقتصادية، لكنا في بلد القانون والمؤسسة فيه معبر لنهب ثروة البلاد وإثراء عائلات ممسكة بالسلطة أو ترضى بالعيش على فتاتها. فكان جديرا بمن تصدروا المشروع الوحدوي بعد حرب 94م باسم العقد الوحدوي الذي يملكونه وهم يعلمون خلو نياتهم وممارستهم من مفردات الوحدة الإيمانية أن يضعوا ضوابط لأسس وحدة مصلحية مثل الألمان الذين خلت وحدتهم من مبادئ الدين وضماناته ولم يحولوا عقد السيادة مع شرقها إلى عقد تملك وبيع وهبات فقامت وحدتهم على تنمية التوازن بين شطريها في كل المجالات كون أحدهما كان اشتراكيا كحال الجنوب وجعلوا الوحدة إطارا يجمع الألمان ضد الخارج.

لكن رؤيتها الوحدوية لم ترَ في الشريك إلا مجالا وظيفيا للنهب والاستثمار والتجارة والوظيفة .. إلخ للطرف الآخر، وأنه مجرد أصابع لإمساك الفريسة، وصارت الوحدة عامل تفتيت وكراهية بما فرضته من وقائع على الأرض، وأصبحت كل تجربة الجنوب مفردات في المشروع السياسي لا قيمة لها وأن لا أخطاء سوى نهب بعض مقرات الاشتراكي!! وتحولت الوحدة سلاحا إلى الداخل وصارت أيديولوجيا قمع وتصنيف وحولت هيمنة (حمران العيون وذويهم) الديمقراطية من منظومة لفك الاختناقات وصنع التحولات إلى آلية لاستنساخ مايدعم الرؤية ذاتها ومصالحها ولو عبر أشخاص وأحزاب مفرخة.

إن الوحدة تنمية توازن لا قوننة نهب أو مفردا في مشروع تجاري، لكن عندما يتقزم وطن بمفردات الإنسان والأرض والوحدة والثروة والوظيفة والمؤسسة ويتحول إلى مشروع تجاري خاص فإنه وطن بائس في طريقه للإفلاس فلن تكون إدارته أكثر حذقاً ممن أداروا المال العالمي فاستفاقوا على انهيار مريع

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى