عمره 16 عاما.. وسيحاكم في نيويورك.. بتهمة القرصنة بعدما شارك في خطف سفينة أميركية.. القرصان موسى كان يمني أمه بالهجرة إلى أميركا لتغيير حياتها.. فوصلها أسيرا

> لندن/نيروبي «الأيام» عن «الشرق الأوسط»:

> وعد المراهق الهزيل أمه بأن يجلب لها الراحة وأن يحقق لها ثراء يتجاوز أكثر ما يمكن أن تحلم به.

كان الطقس رطبا في هذا المنزل الذي يوشك أن تتداعى أركانه الكائن وسط الصومال، حيث لا توجد شبكات مياه ولا شبكات كهرباء.

وتلألأت حبات العرق على وجه الأم، حيث قضت هذا الصباح في بيع الحليب. وتذكرت ابنها عندما رفع رأسه يوما عن طبق أرز قدمته له، وقال: «أشعر بالحزن على هذه الحياة التي نعيش». وأشارت إلى أن ابنها كان تحدث عن حلم أميركي ورغبة في اجتياز البحار وتحقيق الثراء في أكثر البلاد رخاء في العالم.

ووعدها بأن يعطيها كل ما تطلب، وألا تبقى في العيش داخل هذا الكشك الذي يتكون من غرفة واحدة، حيث تأتي مياه الطهي والاستحمام على ظهور الحمير. وقال الطفل المراهق حسب رواية لوكالة أسوشيتد برس: «سأذهب بك إلى حيث تريدين، لن تعيشي تحت هذه الشمس الحارقة». وبالفعل، وصل عبد الوالي عبد القادر موسى في مطلع الأسبوع الجاري إلى البلد التي طالما هام بها، ولكنه ينام داخل زنزانة ضيقة بمدينة نيويورك، وينتظر محاكمته بتهمة القرصنة، وهي تهمة يمكن أن تبقي عليه وراء القضبان بقية حياته.

في صباح الثامن من أبريل، كان موسى هو الأول من بين أربعة قراصنة يتسلق جدران سفينة ترفع العلم الأميركي تبحر أمام السواحل الصومالية. أطلق رصاصة على الكابتن ريتشارد فيليبس.

وحسب الدعوى الجنائية التي رفعت ضده، فإن موسى تصرف كقائد وطلب بانجليزية ركيكة إيقاف محركات السفينة ميرسك ألاباما. كان يعلق بندقية على جسده النحيف، وطلب الحصول على رقم تليفون صاحب السفينة كي يبدأ مفاوضات بشأن عدة ملايين من الدولارات مقابل إطلاق سراح السفينة.

كانت هذه هي أول عملية سطو مسلح على سفينة تحمل العلم الأميركي خلال أكثر من ثلاثة عقود، وعندما أدرك موسى أن السفينة أميركية علا هاتفه فرحا.

قال عضو الطاقم زاهد رضا، وهو من أوائل من قابلوا موسى: «شعر بالدهشة لأنه على سفينة أميركية، وظل يتساءل هل أنتم جميعا من أميركا؟» وبعد ذلك صفق بيديه وعلا هتافه فرحا وارتسمت البسمة على ثغره. كان قد اصطاد سمكة كبيرة».

وقال رضا إن موسى كان ودودا ومبتسما في البداية، وطلب من الطاقم أن يضع سلما للمركب الشراعي الموجود في الأسفل، حيث كان ينتظر قراصنة آخرون أسرعوا في الصعود.

ولاذ معظم طاقم السفينة الذين يبلغ عددهم 20 رجلا داخل غرفة آمنة في السفينة، وهي عبارة عن مقصورة مغلقة بإحكام، وطلب موسى من فيليبس أن يتحدث إلى رجاله عبر جهاز لاسلكي وأن يطلب منهم الخروج، حسب ما قاله أعضاء الطاقم. انتظروا، وخرج واحد فقط من البحارة الآخرين من المخبأ.

وطلب موسى من الآخرين ألا يخافوا من الاستسلام لأن القراصنة مسلحين وقام المراهق بخفض سلاحه. وبعد ذلك، مضى معه بطارية كهربائية لاستكشاف السفينة، وفي نقطة ما وجه ضوء بطاريته على واحد من أفراد الطاقم كان مختبئا في غرفة المحرك المظلمة.

وخلال المعركة التي تلت طعن رضا موسى في يده بسكين، والتمكن من التغلب على موسى وربط يديه، حسب ما تقوله الدعوى. وبعد ذلك أخذه إلى الغرفة الآمنة. كان كين كوين، الزميل الثاني في السفينة، يختبئ داخل الغرفة الآمنة عندما جاءا ومعهما المراهق مربوطة يداه.

وخلال الساعات العصيبة التي تلت، ضمد كوين جراح المراهق. وبعد ذلك أعاد ربط يديه بعد أن اشتكى موسى من أن الوثاق يضغط على جلده. وعندما بلغت درجة الحرارة أكثر من 120 درجة، كانت الغرفة تغلي، وخشي كوين من أن يعاني موسى من صدمة.

وبعد مرور ساعات، طلب موسى الرحمة والعفو عنه، وتحدث عن حلمه بالذهاب إلى أميركا. وتحول مرة إلى كوين وقال بإنجليزية ركيكة: «أريد الذهاب إلى أميركا، هل يمكن أن تقوم بذلك، أريد أن أذهب، هل يمكنني أن أذهب»، هكذا يتذكر كوين. وبعد أربعة أيام، استسلم موسى للحصول على رعاية طبية ليده على البارجة الأميركية التي هرعت لمساعدة ألاباما في المحيط الهندي. ويقول رضا: «تحقق حلمه، ولكنه يأتي إلى الولايات المتحدة سجينا وليس زائرا».

وعلى عكس الكثير والكثير من هجمات القراصنة أمام سواحل الصومال، لم تنته هذه العملية بفدية تبلغ ملايين الدولارات. وبعد خمسة أيام، تمكن القراصنة الأميركيون من قتل أصدقاء موسى الثلاثة. وعاد فيليبس، الذي قدم نفسه رهينة لإنقاذ طاقمه، إلى أرض الوطن بطلا.

خلال ظهوره لأول مرة يوم الثلاثاء في إحدى محاكم نيويورك، تحدث محامو الدفاع عـن مـوسى عـلى أنـه طـفـل يـشـعـر بالخوف. تدلت ملابس السجن التي يرتديها من على كتفيه، وبدت كبيرة عليه. وعندما طلب منه القاضي أن يرفع يده اليمنى، مد يده إلى أقصى ما يستطيع، مثلما يفعل طفل متحمس يريد أن يرد على أحد الأسئلة داخل المدرسة.

قال أحد المحامين إنهم يخططون للاتصال بأبيه في الصومال لطلب شهادته، ونقل مترجم بالصومالية ما يقوله المحامي. وبمجرد أن استوعب موسى أنه سوف يتم الاتصال بعائلته، علا صوته بالنحيب وأجهش بالبكاء وأخفى وجهه بين يديه.

ولد موسى في قريبة بور يعقوب وسط الصومال. وتربت أمه عادر عبد الرحمن حسن، 40 عاما، على رعاية الماشية. وكما هو الحال مع معظم فقراء أفريقيا، لا تعرف اليوم أو العام الذي وضعت فيه أول مولود لها، ولكن تقول الأم وأبوه إنه في السادسة عشرة من عمره.

وفي المقابل، يقول المدعون إنه في الثامنة عشرة على الأقل، ويعني فارق العامين هذا إما أنه سوف يحاكم كشخص بالغ وبالتالي يمكن أن يعاقب بالسجن مدى الحياة أو سيحاكم كشخص غير بالغ وبالتالي يطلق سراحه عندما يبلغ الخامسة والعشرين من عمره. ومع ذلك، يقول زميل له في الفصل إنه يعتقد أن موسى أكبر من ذلك.

وأضاف عبد السلام موسى، خلال مكالمة تليفونية معه من غالكايو التي تقع على بعد 470 ميلا شمال العاصمة الصومالية مقديشو: «أعتقد أنه كان أكبر مني بعام أو عامين، وأنا في السادسة عشرة من عمري». وقال: «لم نعرفه كقرصان، ولكنه دائما ما كان في صحبة أولاد أكبر سنا يحتمل أن يكونوا هم من أفسدوه».

وتقول الأم إن ابنها كان طفلا مطيعا، وكان يسلي نفسه بأنه يردد الأغنيات لإخوته الأصغر الثلاثة وأخته حتى يناموا. وعندما بلغ موسى السادسة من عمره، انفصلت الزوجة عن الأب، وانتقلت إلى غالكايو.

ويقول محمد أحمد شيبان، وهو صديق لموسى في غالكايو يبلغ من العمر 19 عاما: «كان طموحا جدا، دائما ما كان يقول لنا إنه سوف يذهب إلى الولايات المتحدة في يوم من الأيام، وخاصة عندما كنا نمارس الإنجليزية. دائما ما كان يجيب «أنا من أميركا». عندما كان يسأل من أي البلاد أنت».

وتبيع أم موسى الحليب في السوق المحلية، وتحصل على ما يكفيها لدفع 15 دولارا مقابل إيجار منزل من غرفة واحدة ومصاريف ابنها الدراسية. ولا يوجد في المنزل شبكة مياه وتقوم الزوجة بالدفع أسبوعيا مقابل ثلاثة جراكن مملوءة بالمياه تأتي على ظهور الحمير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى