القرصنة البرِّية

> أحمد محسن أحمد:

> ضاق العالم بأسره من أفعال وعربدة قراصنة البحر.. وشعر العالم بدوله وحكوماته الصغيرة والكبيرة بأن هناك خطرا كبيرا يهدد التجارة العالمية والسلم الاجتماعي والسكون الأمني للخط الملاحي المهم في خليج عدن !.

وكثرت التحليلات.. وتابعت الآراء والتبريرات لأسباب هذا النمط من القرصنة، وفرض واقع الفوضى وهيمنة قوانين الغاب التي لا تعترف بحقوق ولا تقر بأنظمة تحكم علاقات الدول والأهالي فيها.. وقال بعض الناس بأن هناك مظالم سادت على أرض وأهل زعماء القراصنة البحرية!.. وهذا المظالم هي التي دفعت بقراصنة البحر ليخرجوا إلى الساحة التي يجيدون فيها التحرك بحرية وقدرة فائقة على اقتناص الفرائس بكل سهولة وامتثال.. العالم أصيب بصداع مرير من هذه الأفعال التي يقدم عليها رجال القرصنة البحرية!.. لكن ما حدث ويحدث في بلادنا هذه الأيام نمط مماثل إلى حد بعيد ومشابه لهذه الهمجية والعربدة الخارجة عن القوانين والأعراف.. هذا النمط المشابه للقرصنة البحرية هو ما تتعرض له هذه «الأيام» صحيفة الأحرار ولسان حال المضطهدين والمنفيين عن أرضهم وحقوقهم المشروعة، هذه الصحيفة الجريئة والشجاعة التي تتعرض لقرصنة برية .. فتقطع رجال القرصنة البرية لـ«الأيام» دليل قاطع وكاشف على عقلية واحدة متناغمة مع ما تسعى إليه القرصنة البحرية، فهناك إرهاب للسفن البحرية والتجارة العالمية وهنا في بلادنا إرهاب فكري وأخلاقي يهدف إلى كسر تيار الحرية والانتفاضة الشريفة لأبناء الجنوب في وجه المظالم التي يمارسها النظام بحقهم هذه الأيام.. والقرصنة البحرية والبرية هي ذات سمة وطبيعة واحدة تحكم أصحابها الخارجين عن النظام والقانون.. وعلى الرغم من أن رجال القرصنة البحرية هم أساسا في بعد أبعد عن النظام والقانون لعدم وجوده واعترافهم به وحاجتهم إليه، لكن القرصنة البرية التي تتعرض لها «الأيام» في بلد يدعي النظام والقانون.. والاحتكام - حسب ادعاء السلطة اليمنية - للدستور المغيب والفاقد أهليته هي صورة مماثلة لما يقوم به قراصنة البحر، فهم يعرفون أن القوانين والأنظمة والدستور المغيب لن يطولهم لأنهم هم الذين سيطولونه ويكسرون شوكته!.. والعالم بأسره يعلم أن قراصنة البحر تدفعهم ظروف ذاتية وخاصة وهي التي أعطتهم الفرصة الكاملة ليعملوا ما يشاءون، وهم في مأمن من أن يطولهم نظام أو قانون أو حتى عرف قبلي؟.. ولكن قراصنة البر ماذا عساهم أن يقولوا عن فعلتهم البشعة والنكرة.. هل هناك مظالم تحميها «الأيام» أم أنها تعبر عن مظالم نفسها.. «الأيام» أول من يشكو من هذه المظالم!.. فما سمعناه من تبرير قيادات القرصنة البرية قولهم إن «الأيام» تنشر ما لا يريدونه أن يصل إلى الناس.. طيب.. «الأيام» تنشر حقائق ما يعتمل في الساحة اليمنية وما يتعرض له أبناء الجنوب من قهر وباطل!.. فلماذا لا يقابلون تلك الحقائق بردود مماثلة.. يعني بالرأي الآخر المعارض لما تطرحه «الأيام».. وهنا لا نعتقد أن صحف السلطة قد قللت وتهاونت في هذا العمل، فكم هي الحملات التي شنتها صحف السلطة ضد «الأيام» أفلا يكفيهم هذا؟.. لماذا يلجأون للقرصنة البرية أهو إفلاس!!؟.. نعم وربُّ الكعبة إنه الإفلاس بعينه، فعندما يلجأ المرء إلى لغة السلاح فهو الدليل القاطع على شلل فكره وعقله، وعندما يلعلع الرصاص وتدوي قذائف المدفعية تنعدم الرؤية الصائبة والحكمة التي يقال عنها يمانية!.. وعندما يكون الرد على الممارسات السلمية والتعبير السلمي بالمسيرات والمظاهرات بالجنازير والرصاص الحي فإن العقل الذي أصبحت السلطة تحتكم إليه هو العقل الذي أصبح خارج إطار الوعي.. وإلا فليقل لنا واحد من رجالات السلطة وعناصر القرصنة البرية لماذا يسقط كل يوم شهيد وجريح وتكثر المطاردات لأبناء الجنوب، وهم رجال السلم والحكمة في اختيارهم الأسلوب الراقي في التعبير عما يريدون للعالم في الخارج والداخل الالتفات إليه!.. إنها معادلة صعبة والأصعب منها المكابرة ورفض الاعتراف بالحق الواضح في قضية الجنوب.

آخر الكلام الموزون:

-1 عندما كان أحرار الجنوب يقاتلون قوات الاستعمار البريطاني لم نر دبابة ولا مدفعية ولا دوشكا تضرب المنازل في عدن، ومع ذلك رحل الإنجليز عندما شاهدوا عجز (أصحاب الطاربيش الحمر) عن إسكات الشعب في الجنوب الحر، فرحل الإنجليز لأنهم شعروا أن الحرية حق مشروع للشعوب.

-2 تحياتي الحارة للأخ والصديق العزيز الشيخ قاسم بن حسين المشدلي الذي قال لي مباشرة بعد حرب صيف 94م اللعينة: «لابد من الاعتراف بخصوصية كل منطقة في اليمن»، تم قال:«عندما أسافر إلى عدن لابس الجهاز والجنبية والزنة أشعر بأني مش طبيعي لأنني في مجتمع مدني.. لكن لا يحدث لي هذا الشعور عندما أكون بلباسي في المناطق الشمالية»؟ هذا الكلام للشيخ قاسم الموسوم بالحكمة، لكن أين السلطة اليمنية التي لا تعرف شيئا عن خصوصيات أبناء الجنوب الذين تريد لهم الإذعان والذل والهيمنة؟

-3 كل يوم ينتهي بسلسلة من الأحداث المؤلمة.. هنا قتيل.. وهناك جريح.. وهناك معتقل لا نعرف ما هي شبهته وتهمته، وأبرزهم السجين في ضمير العدالة الأخ أحمد المرقشي.. وهناك سجناء الرأي والحراك السلمي ومنهم من ترحلهم السلطة إلى صنعاء مكبلين بالسلاسل والأصفاد.. هذه السلاسل التي كانت سمة وهوية النظام الإمامي الكهنوتي (حسب ادعاء السلطة اليمنية الحالية) فهل تقول السلطة كلاما.. وتنفذ عكسه؟!

الله وحده الحاكم.. والله وحده القادر على رفع المظالم عن أبناء شعب الجنوب الحر.. والله المستعان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى