كرة القدم بين السحر والشعوذة

> «الأيام الرياضي» متابعات:

> تتمتع كرة القدم بطابع خلاب يجذب الجميع كبارا وصغارا، لذا يشبه البعض قدرتها على أسر القلوب بالسحر ومهارات نجومها بالخيال ورموزها بالأساطير، ولكن السحر والخيال والأساطير بمفهومها الحقيقي أشياء موجودة بالفعل داخل عالم الساحرة المستديرة.
دخل العالم القرن الـ21 وسيشهد مونديال البرازيل الذي سينطلق الشهر المقبل تطبيق التكنولوجيا لأول مرة في تاريخ كأس العالم لعلاج مشكلة ما يطلق عليه " الهدف الشبح " ، وهي الحالات التي يحدث بها جدل بخصوص إذا ما كانت الكرة عبرت خط المرمى أم لا، ولكن على الرغم من هذا لا يزال البعض يعتقد أن الأمر قد يرتبط بـ " السحر والجن والعفاريت ".
الأمثلة كثيرة ولا تقتصر فقط على أفريقيا وبعض الدول العربية كما يعتقد البعض بل إنها حتى موجودة في كرة القدم الأوروبية ، ومتأصلة كذلك في الثقافة الكروية المكسيكية والأرجنتينية بصورة كبيرة سواء في شكل أحداث موثقة أو أساطير غامضة تتناقلها أجيال الجماهير لتقديم تفسير لفشل فريقها في تحقيق أهدافه.. أقرب هذه الأمثلة وقع الاثنين الماضي في مصر، فبعد تعادل الزمالك مع وادي دجلة في الدوري المصري، خرج رئيس (القلعة البيضاء)، المستشار مرتضى منصور في تصريحات تليفزيونية ليتهم حارس الخصم ونادي الأهلي السابق عصام الحضري بأنه يستعين بـ" السحر والعفاريت " ، لإبعاد الكرات الخطيرة عن مرماه مؤكدا أنه يعرف هوية الـ " مشعوذ " أو الـ " شيخ " الذي يقوم بمساعدته.
لم يتوقف الأمر عند هذا بل إن منصور أشار إلى أن الحضري يتعاون مع " العفاريت " منذ زمن، مطالبا أخذ حديثه على محمل الجد لأن الحديث عن السحر موجود في القرآن، متناسيا أن الحارس الملقب بـ " السد العالي " فشل في الحفاظ على عذرية شباكه في مرات لا حصر لها.
ومن أشهر قصص هذا المجال في أوروبا ، ما فعله ساحر إسباني معروف بإسم " بيبي المشعوذ " الذي أكد في تصريحات لجريدة (كوريو دي مانيا) البرتغالية في أكتوبر 2009 أنه قام بتصنيع تعويذة ضد النجم كريستيانو رونالدو الذي لم يكمل حينها أكثر من خمسة شهور مع فريقه الجديد ريال مدريد الإسباني، وذلك لكي تلاحقه إصابات متتالية تقضي على مسيرته .. وقال " بيبي المشعوذ " حينها أنه أعد هذه التعويذة بناء على طلب من " فتاة تنتمي لعائلة ذات نفوذ فتحت أبوابها لكريستيانو ، إلا أنه في النهاية قرر التخلي عنها "، مشيرا إلى أن صاروخ ماديرا سيتعرض لسلسلة من الإصابات تنتهي بواحدة كبيرة تقضي على مسيرته ، ولكن المثير للسخرية أن رونالدو لا يزال يلعب حتى الآن في حين أن بيبي المشعوذ توفي بعدها بعامين.
وفي الدول اللاتينية وتحديدا المكسيك ظهر أنتونيو باثكيث ألبا، المعروف بإسم " المشعوذ الأكبر" الذي تكهن بفوز منتخب بلاده بمباراتيه أمام كرواتيا والكاميرون في المونديال المقبل ، فيما سيخسر من البرازيل بحفلة أهداف .. أن يظهر شخص ما ويقول توقعاته لمباريات فريقه فهذا شيء طبيعي ، ولكن الأمر غير الطبيعي أن يحظى بمثل هذا الاهتمام الإعلامي وأن يعلن أيضا عن أنه سيقدم لمنتخب الـ " تري كلور" تعويذة تحمل إسم " الألف يد " ، لتكون خير عون للحراس في حماية المرمى من الأهداف ، وهو الأمر الذي لم يعلق أي مسئول بالمنتخب أو الاتحاد المكسيكي إذا ما كان سيتم قبوله أم لا.

وتعتبر أفريقيا من أكثر الأماكن التي تختلط بها معتقدات السحر والشعوذة مع كرة القدم ، لدرجة أن بعض الفرق بجانب جهازها الطبي لا بد وأن تنتقل أثناء مشاركاتها الدولية مع سحرة يعرفون بإسم "رجال الجوجو " ، حيث يفترض أن مهامهم تتعلق بإعداد تعاويذ لحماية المرمى من الأهداف ، وتسريع عملية الاستشفاء والتعافي من الاصابات .. ومن أكثر الأمثلة شهرة حول هذا الأمر ما حدث في كأس الأمم الأفريقية عام 2002 التي احتضنتها مالي ، حيث كان الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) أصدر قرارا بمنع إضافة المشعوذين و" رجال الجوجو " على قوائم الفرق المشاركة ، إلا أن حارس الكاميرون الشهير توماس نكونو ألقي القبض عليه قبل مباراة " الأسود " وأصحاب الأرض في نصف النهائي من قبل الشرطة أثناء ممارسته بعض الطقوس الغريبة عند المرمى ، ولكن رئيس الكاميرون تدخل ليتم الافراج عنه.
وعلى أي حال سواء كانت " شعوذة " نكونو نجحت أم لا فإن الكاميرون فازت في هذه المباراة بثلاثية نظيفة لتتأهل للنهائي الذي أداره الحكم المصري جمال الغندور، حيث فازت على السنغال بنتيجة 3-2 بضربات الجزاء .. كما توجد أساطير تتناقلها الأجيال وتحفظها عن ظهر قلب جماهير فرق معينة في أمريكا اللاتينية وبالأخص الأرجنتين التي تتميز فيها الكرة بطابع خاص للغاية يختلف عن أي دولة ، سواء في أسماء اللاعبين أو طبيعة المنافسات أو سطوة الألتراس ، وبالتأكيد أساطيرها ومشعوذيها.
وتعتبر أسطورة (القطط السبعة) الأشهر على الصعيدين المحلي والعالمي أيضا، لدرجة دفعت التليفزيون الألماني لتقديم فيلم وثائقي عنها ، وتتعلق بقيام مجموعة من مشجعي نادي إندبندينتي بدفن سبع قطط أسفل مرمى خصمهم الأزلي راسينج بملعب السيليندرو عقب تتويجه بلقب الدوري عام 1966 وكأس ليبرتادوريس في 1967 وذلك لإلقاء لعنة عليه .. وبمرور الوقت بدأت نتائج راسينج في التدهور حتى قامت مجموعة من جماهير الفريق بالبحث والتوصل لوجود اللعنة ونجحت في إخراج ستة من بقايا القطط السبعة، إلا أن شيئا لم يتغير حتى هبط الفريق للدرجة الثانية عام 1980 ثم جاء عام 1998 حينما تمت إزالة أرض الملعب بالكامل وإخراج بقايا القطط المدفونة ، وفقا للأسطورة المتداولة والتي يعرفها كل جماهير راسينج ويدللون على صحتها بأن الفريق عاد للألقاب في 2001 حينما أصبح بطلا للأرجنتين.
ولكن بعيدا عن عالم الشعوذة والجن والعفاريت واللعنات المفترض، فإن أيا من هذه الأمور لن يسلب من كرة القدم سحرها الخاص في فرحة بهدف يحسم مباراة تسعد الملايين، أو كأداة للتواصل والتعارف بين الشعوب، أو مشاعر جارفة تجاه فريق معين من شخصين يعيشان في أطراف متباعدة بالعالم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى